فن

13 عاماً على رحيل فتى الشاشة الذهبي .. أحمد زكي نجم لا يغيب

ثلاثة عشر عاماً مضت ومازال حضوره طاغياً في وجدان عشاق السينما، النجم الأسمر أحمد زكى، المسكون بالفن والمولع بالتمثيل، الأمبراطور الذي فقدنا جسده ولم نفقد بريقه ..يأتى مارس من كل عام فتطل علينا ذكرى رحيله فى السابع والعشرين، نكتب عنه ونتذكره  وإن كنا لن ننساه. في ذكرى رحيل عبقري الشاشة نتوقف أمام علامات مضيئة فى تاريخ نجم ترك لنا روائع من الإبداع لا تزال تحتفظ بوهجها وتبهج المشاهدين.

                            “زوجة رجل مهم” .. كتالوج الممثل

قليلة هي الأعمال التي يمكن أن تعتبرها نموذجا يحتذى، أو تمثل درساً فى السينما، “زوجة رجل مهم” من هذه الدرر في إتقان رسم تفاصيل شخوصها حتى تكاد الشاشة تنطق بها، شخصيات من دم ولحم، واقعية رومانسية، إيقاع مدهش، بناء درامي متقن، نسيج أشبه بالحلم.. برع أحمد زكي في تشبع شخصية الضابط هشام، في الفيلم الذي كتبه رؤوف توفيق وأخرجه محمد خان، حتى سار أداؤه كتالوجا للممثل، أو روشتة يمنحها أطباء الفن لكل الراغبين فى تحسين قدراتهم التمثيلية، أداء أشبه بقطعة حرير ذات ملمس رقيق وحاد. أداء وصفه روبرت دينيرو بالأفضل عند مشاهدته للفيلم فى مهرجان موسكو السينمائي، كان الممثل الأمريكي العالمي رئيساً للجنة التحكيم، وراهن على فوز زكي بجائزة أفضل ممثل عن دوره فى الفيلم، إلا أن الجائزة ذهبت في النهاية إلى هيو جاكمان.

 الفيلم عرض فى 1988 وقال عنه الناقد الراحل مصطفى درويش وقتها: “أعتبره مرحلة جديدة فى السينما المصرية، فقد تجاوز فكرة التمثيل السينمائي المتأثر بالمسرح إلى الواقعية فى الأداء، فقد كان التمثيل قبل أحمد زكي أقرب للمسرح متأثرا بأداء يوسف وهبي، وجاء زكي ليقلب تلك المفاهيم ويخرج من عباءة الأداء النمطي”.

 أما الراحل محمد خان فقال عن صديقه وممثله المفضل أحمد زكي: “جمعتنا معا بدايات سينما أخرى في مطلع الثمانينات، مليئة بالأحلام والطموحات، خاصة الذكريات. ومن الأحلام التي تحققت فيلم “زوجة رجل مهم” الذي يجسد موهبته الفذة في تقمص شخصية ليست بالضرورة تاريخية، لكنها حقيقية مائة بالمائة، ومن الحياة. جمعتني معه ستة أفلام، وكادت تجمعنا أفلام أخرى عديدة، وستظل أفلامنا معا تجمعنا عبر الأزمان مهما كان الفراق”..

ويقول الناقد حسن الحداد عن خان وزكي: “محمد خان قدم أسلوباً بسيطاً وممتعاً في الإخراج، وأثبت مقدرة كبيرة على التحكم في أدواته الفنية. ونجح في إدارة فريقه من فنيين وفنانين، وعلى رأسهم النجم أحمد زكي الذي أثبت أنه ممثل عبقري وفنان من نوع خاص يمتلك إحساساً عميقاً بالشخصية التي يؤديها، فقد جسد شخصية الضابط بشكل متقن ومقنع إلى درجة كبيرة، عبر مراحلها المتعددة من الطموح والتسلط إلى الانكسار والسقوط.

“عيون لا تنام” .. أن تعشق خطاياك

ربما يتذكر البعض فيلم “عيون لا تنام” للراحل رأفت الميهي، ودور أحمد زكي في ذلك المشهد الذي أصر فيه أن يحمل أسطوانة بوتجاز ممتلئة على وشك الانفجار، فى مشهد كاد يتحول إلى كارثة، لكن الحقيقة أن الفيلم الذي أدخل الميهي إلى عالم السينما، كان مختلفا على كافة المستويات، فهو ينتمي إلى الأعمال المقتبسة من أعمال أجنبية – من مسرحية رغبة تحت شجرة الدردار  للأمريكي أوجين أونيل – لكن الميهي لم يلتزم حرفيا بالرواية، وكان له رأي مهم فى الفيلم والاقتباس، وأضاف الكثير من الأحداث والشخصيات للفكرة الرئيسية كمؤلف، وعندما وقف خلف الكاميرا كمخرج أضاف أيضاً مؤكداً أن هذا من صميم المبدع، فالاقتباس بأي حال من الأحوال لا يعني  النقل حرفياً، فهناك دائماً وجهة نظر المبدع.

فى “عيون لا تنام” الذي خرج للنور عام 1981 لم تكن البطولة لأحمد زكي منفردا، فقد شاركه البطولة الكبار فريد شوقي، ومديحة كامل، وعلي الشريف، لكن إطلالة زكي كانت طاغية، فالفيلم الذي قدمه الميهى بحرفية شديدة يعرض جانبا مظلما من حياة عدد من المهمشين، حياة مليئة بالبغض والكراهية، حياة وصفها الناقد حسن الحداد فى مدونته قائلا: “عيون لا تنام” لا يداعب المتفرج، بل يعطيه جرعات من الصدمات القوية، فالمتفرج بعد مشاهدة الفيلم ينتابه شعور بمدى السواد المحيط به وبهذا الواقع. تعمده المخرج ليحرك في المتفرج الرغبة في التغيير، تغيير هذا الواقع الذي يعيشه وينكوي منه، فنحن نشعر بمدى خطورة الفساد الاجتماعي والمناخ المتعفن الذي تعيشه شخصيات الفيلم، لا وجود للضحايا هنا، فجميع الشخصيات في النهاية جلادة لنفسها. لقد نجح رأفت الميهي في دراسة كل لقطة بعناية فائقة، مدركا أن الجزئيات هي التي تصنع الكليات في الحياة كما في الفن.

الميهي (السيناريست) أراد للمكان أن يضيف إلى الدراما لا أن يحيط بها، فكانت الورشة هي أحد أبطال الفيلم. في المشهد الأخير، وبالذات صرخة أحمد زكي، إيحاءات كثيرة تثير أكثر من تساؤل: هل هي صرخة ضد رغبة التملك المدمرة.. أو ضد الأنانية.. أو ضد العنف.. أو هي، كما ترينا اللقطة الأخيرة لكوبري 6 أكتوبر والبنايات الشاهقة، صرخة ضد عصر الإنفتاح.. أو صرخة قصد الميهي أن تكون ضد هذه الأمور جميعا.

“الهروب” ..  الفخ والمنتصر

لم يكن يوم 16 إبريل العام 1991 يوما عاديا، كان يوم عرض فيلم “الهروب” للمخرج الكبير الراحل عاطف الطيب، من تأليف مصطفى محرم بمشاركة لبشير الديك، بطولة أحمد زكي، وعبد العزيز مخيون، ومحمد وفيق، وهالة صدقي، وأبو بكر عزت، وحسن حسني.  الفيلم كان فخا بما تحمله الكلمة من معنى.. كيف تقع فى حب منتصر، ذلك الشاب الصعيدي الذي يكسو وجهه شارب كثيف وملامح قسوة وصرامة، المحاصر باتهامات ومؤامرات ربما ليس له يد فيها، قصة شاب أراد فقط أن يعبر إلى شواطئ العيش الحلال رافضا قسوة المجتمع وعجلة الحياة.

 

 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة Adblock

برجاء دعمنا عن طريق تعطيل إضافة Adblock