منوعات

لماذا يتعين علينا تعليم أطفالنا الموسيقى مبكرا؟

مع وجود 88 مفتاحًا ومئات الأوتار الداخلية، ينتج البيانو عددًا كبيرًا من الأصوات والنغمات الفريدة. ووفقًا لدراسة أكاديمية أمريكية حديثة فإن إتقان هذا النظام المعقد لا ينتج موسيقى جميلة فقط، إنما يساعد الأطفال أيضًا على بناء مهاراتهم اللغوية.

ويقول “جون غابرييلي” عالم الأعصاب المعرفي في معهد ماكغوفرن للأبحاث الدماغية التابع لمعهد ماساتشوستس للتكنولوجيا وأحد المشاركين في الدراسة المنشورة في “بروسيدينجز” الصادرة عن الأكاديمية الوطنية الأمريكية للعلوم: “ثمة أدلة على أن الممارسة المبكرة لعزف البيانو تعزز معالجة الأصوات، ليس فقط الموسيقية وإنما اللغوية أيضًا”. وتمكن مؤلفو الدراسة، استنادًا إلى مجموعة من الأبحاث حول الموسيقى وتنمية الطفولة، من تحديد طريقة دقيقة تساعد بها دروس عزف البيانو الأطفال على تحسين مهاراتهم في معالجة اللغة.

وأوضح “غابرييلي” أنه عندما تتدرب آذان الأطفال على التمييز بين مختلف نغمات وطبقات البيانو فإنهم يتحسنون أيضًا في تحليل الفروق الدقيقة بين الكلمات المنطوقة؛ وهو عنصر أساسي في اكتساب اللغة.

قسم الباحثون في هذه الدراسة 74 طفلًا صينيًا يتحدثون لغة الماندرين وتتراوح أعمارهم ما بين أربع إلى خمس سنوات إلى ثلاث مجموعات. تلقى أطفال المجموعة الأولى ثلاثة دروس إضافية للبيانو لمدة 45 دقيقة أسبوعيًا، بينما تلقت المجموعة الثانية دروسا إضافية في القراءة، في حين لم تحصل المجموعة الأخيرة على أيًا مما سبق.
بعد ستة أشهر، لم تظهر المجموعات اختلافات كبيرة فيما بينها في القدرات المعرفية العامة  مثل الذكاء والذاكرة والانتباه، ولكن مجموعة البيانو تفوقت في التمييز بين الكلمات المنطوقة. فحتى بالمقارنة مع أقرانهم في مجموعة القراءة الإضافية، كان الأطفال الذين تلقوا دروس العزف على البيانو أفضل بكثير في التمييز بين الكلمات المنطوقة المتماثلة في كل الحروف ماعدا حرف واحد ساكن، بينما كان أداء كل من مجموعتي البيانو والقراءة أفضل من المجموعة الأخيرة في التمييز بين حروف العلة، ما يؤكد أن دروس العزف على البيانو أثرت بشكل كبير على معالجة اللغة.
ووفقًا لـ”غابرييلي” فإن بعض الحروف الساكنة تتشابه فيما بينها لدرجة أن الدماغ البشري يأخذ وقتًا في التمييز بينها، بينما تعتبر حروف العلة أكثر سهولة في التمييز، الأمر الذي يؤكد تميز الأطفال الذين تلقوا دروس العزف في المنطقة الأكثر صعوبة.
وبرز هذا التأثير بشكل خاص بالنسبة لمتحدثي اللغة الماندرينية لأنها تعتمد بشكل كبير على الاختلافات الدقيقة بين النغمات، ومع ذلك يقول “غابرييلي” إن أبحاثًا أخرى أشارت إلى أن القدرة الموسيقية قد تقدم فوائد مماثلة لمتحدثي اللغات غير النغمية، مثل الإنجليزية.

وعلى الرغم من أن الدراسة المذكورة ركزت على فوائد دروس العزف على البيانو بشكل خاص، إلا أن النتائج تشمل التربية الموسيقية بشكل عام إلى حد كبير. كانت نتائج تلك التجربة مدهشة للغاية لدرجة أن المدرسة التي أجريت فيها الدراسة في بكين استمرت في تقديم دروس العزف على البيانو لطلابها حتى بعد انتهاء التجربة. ويقول “غابرييلي”: “كلما تقدم الطلاب أكثر في العزف كلما تطورت قدراتهم على تمييز النغمات وهو ما سيساعدهم على تطوير قدراتهم اللغوية بشكل كامل”.

هذه المادة مترجمة (بتصرف)

المقال الأصلي

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة Adblock

برجاء دعمنا عن طريق تعطيل إضافة Adblock