فن

التلحين.. لماذا استعصى على المرأة العربية؟

لمعت المرأة في سماء الغناء والطرب في بلداننا العربية منذ زمن بعيد، وذاع صيت العديد من المطربات على قدم المساواة مع كبار المطربين، إلا أن مهنة التلحين ظلت عصية على المرأة في المشهد الموسيقي العربي عبر العصور والأماكن، إلا فيما ندر، وهو ما نحاول في هذا التقرير أن نتحرى أسبابه، ونرصد أيضا النماذج النادرة لمن سعين لتحدي هذه الظاهرة قديما وحديثا.

الصحفي والمؤرخ الفني محمود قاسم صاحب موسوعة الأغاني المصرية، يرى أنه يصعب العثور على تفسير واضح يبرر تواري دور المرأة في هذا المجال، إلا أنه يلفت إلى أن الحالات النادرة التي جاسرت بتحدي هذه الظاهرة لم يتفرغن كاملا للتلحين، وكان محاولاتهن فيه جزءا من أنشطة أخرى متعددة برعن فيها، مثل بهيجة حافظ ولور دكاش.

ويقول: ربما تعود صعوبة مهنة التلحين على المرأة، إلى ما يتطلبه دور الملحن من قيادة العديد من الرجال في الأداء والتوزيع أو يتطلبه من جهد للسهر إلى وقت متأخر، فيما يعد تحرر المرأة وخوضها مجالات العمل عامة أمر مستحدث، ولا يمنع هذا أن تكون هناك حالات كثيرة آثرت المرأة الملحنة فيها أن تخفي موهبتها لتؤثر السلامة وترتضي بواقع احتكار الرجل لهذا المجال.

محمود قاسم

في المقابل، تفسر الفنانة فيروز كراوية هذه الظاهرة بأن واقع  المشهد الموسيقي في عالمنا العربي يعكس واقع المرأة في مجتمعاتنا العربية عموما، التي ظلت طويلا تعمل على طمس دور المرأة في أكثر من مجال.

وتضيف: مجتمعاتنا تنظر بعين مقلوبة تجاه الأكاديميات ومعاهد وكليات التربية الموسيقية، في نظرة يشوبها كثير من التعسف وإطلاق أحكام مسبقة حول فرص نجاحها، فضلا عن غياب تعليم الموسيقى بمدارسنا وهو أمر بالضرورة يفضي إلى ندرة في ظهور ملحنين من الجنسين.

فيروز كراوية

لكنها في الوقت نفسه ترصد إقدام عدد من بنات جيلها على تحدي تلك الحالة من الجمود في المشهد الموسيقي المصري والعربي، خاصة في الجانب الطربي لا التجاري، ومنهن مريم صالح، فيروز كراوية، رشيدة الحارس، أمل مثلوثي، ياسمين حمدان، وغيرهن ممن أسهمن في إثراء المشهد الموسيقي بما أنجزنه في مجال التلحين الموسيقي. كذلك على صعيد التأليف الموسيقي ستجد “نهلة مطر” لها العديد من الأعمال الموسيقية.

لور دكاش

ويلفت الطبيب والباحث في تاريخ الموسيقى عصمت النمر إلى الجهد المبكر للمطربة والملحنة اللبنانية لور دكاش (مارس 1917- أكتوبر 2005) التي تعد أول فنانة عربية تحترف التلحين، بعد أن بدأت في سن السابعة تتعلم عبر والدها جورج دكاش أصول الغناء والعزف، ثم انتقلت لاحقا إلى القاهرة للعمل بالإذاعة المصرية. ويشير إلى أن لور دكاش التي لقبها الموسيقار الكبير محمد عبد الوهاب بملكة التواشيح، لحنت العديد من الأغنيات منها “ليل الأشواق” والأغنية الأشهر “وآه منها”، وأنجزت طوال مسيرتها الفنية ما يقرب من 40 لحنا، وما زلنا نستمتع بأدائها المميز في أشهر أغنياتها على الإطلاق “آمنت بالله”.

عصمت النمر

نادرة أمين (1906-1990)

 بدأت بالتلحين لنفسها عبر مجموعة من القصائد لكبار شعراء هذه الفترة، مثل العقاد، وجبران، بالإضافة إلى تلحين أغاني للإذاعة المصرية منها “هييء لنا من أمرنا رشدا”. وتعتبر “نادرة أمين” إحدى أبرز رواد المدرسة الموسيقية التقليدية، ودافعت عن موهبتها باستماتة لدرجة أنها انفصلت عن زوجها لحبها الموسيقى.

بهيجة حافظ  (1908- 1980)

أول مؤلفة مصرية موسيقية تخوض مجال الموسيقى التصويرية، شاركت لأول مرة بموسيقاها في فيلم “زينب” عام 1930مع المخرج محمد كريم، وبعدها واصلت رحلتها في وضع الموسيقى التصويرية لعدد من الأفلام، مثل ضحايا، زهرة، ليلى البدوية، السيد البدوي، ليلى بنت الصحراء، الاتهام.

أسماء حمزة

من مواليد الحلفايا عام 1936، درست بالمدرسة الإنجيلية بحري، تزوجت عام 1967 وأنجبت بنتاً واحدة هي (آفاق)، عملت في سلاح الموسيقى 13 عاماً، ويرجع الفضل في دخولها هذا المجال إلى عزيزة درويش زوجة الإعلامي الشهير محمد صالح فهمي.

أول لحن لحنته هو (يا عيوني) في عام 1957من ديوان (ليالي الملاح التائه) للشاعر الكبير علي محمود طه، وأول لحن اشتهرت به كملحنة (الزمن الطيب) من كلمات سيف الدين الدسوقي، وغناء سمية حسن.

أم كلثوم (1904- 1975)

في عام 1932 قامت أم كلثوم بوضع أول لحن لها فى طقطوقة “على عيني الهجر”، مقام راست، وكررت تجربة التلحين مرة أخرى في “ياريتنى كنت النسيم” عام 1934.

لور دكاش آمنت بالله

عواطف عبد الكريم

لها مؤلفات عدة على آلة البيانو للأطفال، ووضعت مناهج تعليمية للمدراس، ولحنت موسيقى عدد كبير من المسرحيات، مثل “لعبة النهاية” لصمويل بيكيت، “رحلة خارج السور” لرشاد رشدي، “الطرف الآخر” ليوسف إدريس، “مدينة الأحلام”.

منار أبو هيف

أول مطربة تغني في الأوبرا، وأول ملحنة مصرية يعتمدها الاتحاد الدولي للمهرجانات العالمية “الفيروف”. شاركت بدور البطولة في أول أوبرا عربية عرضت عام 1964 وهي غادة الكاميليا، المعروفة بـ “لاترافياتا”، وهي أول فتاة عربية تقود الأوركسترا.

الساعة 25 في يوم 32 من شهر 13 .. منار أبو هيف

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة Adblock

برجاء دعمنا عن طريق تعطيل إضافة Adblock