فن

«شباب شياب».. رهان السينما الإماراتية للنفاذ إلى العالمية

النجاح الذي حققه الفيلم الإماراتي “شباب شياب” (كان يحمل في السابق اسم “في الوقت الضائع”)، للمخرج ياسر الياسري، عزز إمكانات التفاؤل بقدرة صناعة السينما في دولة الإمارات العربية على تقديم نماذج لأفلام تنجح في جذب الجمهور العربي، بل والأجنبي. رهان الفيلم على تقديم كوميديا خفيفة تعبر عن حالة إنسانية عامة، ساعده كثيرا على تجاوز حدود المحلية ليحظى بترحيب الجمهور في أكثر من بلد، فضلا عن الاحتفاء به لدى مشاركته في مهرجان “بالم سبرينجز” السينمائي الدولي مطلع العام الجاري.

يتناول الفيلم قصة أربعة مواطنين مسنين يكافحون من أجل استعادة حياتهم وإدراك أحلامهم التي ضاعت خلف جدران إحدى دور المسنين. في هذا الإطار يمكن النظر إلى الفيلم باعتباره النسخة العربية من فيلم Going in Style الذي حقق نجاحا ساحقا عام 1979، وأعيد إنتاجه مرة ثانية في العام الماضي، حيث تم عرضه للمرة الأولى في 4 أبريل 2017 في كل من روسيا ونيجيريا.

لكن، على عكس Going in Style، لا ينخرط المسنون الأربعة في الفيلم الإماراتي في التخطيط لجريمة من أجل تغير واقعهم الذي لا يروق لهم، وإنما، بدلا من ذلك، يستسلمون للحلم بثروة تطلق إسارهم من العيش في أقبية دور المسنين.

وبينما يبذل ’قائد‘ المجموعة، أبو حسن (الممثل الكويتي، سعد الفراج) قصارى جهده في تعلم التنجيم حتى يتمكن من استشراف المستقبل وقراءة ’طالع‘ أصدقائه، تهبط على “الجنرال”، ضابط الجيش السابق الذي يجسده الممثل السوري سلوم حداد – وهو الشخصية الأكثر تأثيرا في قصة الفيلم – ثروة كبيرة من إرث غير متوقع عن ابن أخيه يقدر بخمسين مليون درهم، فتتغير حياتهم جميعا رأسا على عقب، وينطلقوا مجددا وراء أحلامهم، وربما نزواتهم، التي كادت أن تضيع في غياهب النسيان. ويشاركهم ممرضهم الشباب (الممثل فؤاد علي)، وطبيبة الدار (ليلى عبدالله) التخطيط لمشروع يمكنهم من تحقيق الثراء السريع.

يمتلك مخرج العمل، ياسر الياسري، خبرة جيدة في إخراج أعمال “الفيديو كليب”، لكنه يكشف في هذا الفيلم عن موهبة حقيقية في توجيه الممثلين نحو تحقيق أداء متميز. يستفيد الياسري أيضا من العمل في هذا الفيلم مع مدير التصوير أدريان سلستيانو، فيتجول بالكاميرا برشاقة بالغة طوال مدة عرض الفيلم التي تمتد إلى 87 دقيقة، بين شوارع دبي ليلتقط صورا رائعة، ويسجل ما حققته المدينة من تقدم هائل في مجال المعمار، وذلك عبر التقاط صورا متعددة لالتقاء خط الأفق بالمباني الحديثة الشاهقة. تنتقل الكاميرا أيضا إلى صالات الديسكو وتتجول في الأحياء التي تقطنها الطبقة الوسطى العليا، حيث يعيش ابن الجنرال مع أسرته، وهو ما يسهم في تقديم معطيات جديدة عن الحياة في العالم العربي أمام المشاهد الغربي.

من الشائع أن تتحول الأعمال التي تتناول حكايات المسنين غريبي الأطوار إلى أعمال تغلب عليها النزعة العاطفية، لكن الياسري ينجح بمهارة في تجاوز السقوط في هذا المنزلق، دون أن يجرد عمله من منعطفات محسوبة تجعلنا منجذبين إليه، بينما يتجه إلى نهاية عاطفية منطقية ومقبولة تخلو من الاستفاضة العاطفية الفجة، ما حاز إعجاب جمهور المشاهدين في أكثر من بلد، خاصة مع حس الفكاهة وما يفيض به من مشاعر إنسانية دافئة.

 هذه المادة مترجمة 

 تريلر الفيلم

أحمد بركات

باحث و مترجم مصرى

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة Adblock

برجاء دعمنا عن طريق تعطيل إضافة Adblock