رؤى

«الفلسفية المصرية»: الحاجة ملحة إلى علم أصول تفسير للنص القرآني

قضية تفسير النصوص القرآنية لا تزال تشغل حيزا هاما ضمن قضايا تجديد الخطاب والفكر الديني في عالمنا المعاصر، فالقراءة الواعية للنص القرآني- النص الأهم والمؤسس في بنية الثقافة الإسلامية– جديرة بإنتاج نموذج حضاري يعود بالمسلمين إلى دائرة التاريخ، بعد أن أفضت بنا التفاسير المجتزئة من سياقها التاريخي والموضوعي إلى موجات من الإرهاب باسم الإسلام يعاني العالم والمسلمون على السواء من تبعاتها

الدكتور كريم الصياد مدرس الفلسفة بكلية الآداب جامعة القاهرة طرح هذه القضية في الندوة التي دعت إليها الجمعية الفلسفية المصرية هذا الأسبوع تحت عنوان “نحو علم لأصول التفسير” بحضور نخبة من الأكاديميين والباحثين في الفلسفة وعلوم الدين.

كريم الصياد

استعرض الصياد في الندوة تطور محاولات تفسير القرآن في تاريخ الإسلام، ورأى أن الحاجة باتت ملحة إلى تأسيس علم أصول للتفسير يضع القواعد العامة والمناهج الكلية التي تحكم اجتهادات التفسير والتأويل المختلفة على غرار علم أصول الفقه.

وقال إن علم أصول الفقه هو العلم النسقي المتبلور الرئيسي الذي يمكن التعويل عليه في جهود اشتقاق نظرية في الهرمنيوطيقا الإسلامية (علم تفسير وتأويل النصوص)؛ على أن يعني هذا العلم بمباحث الحقيقة والمجاز والدلالة والخطابات القرآنية والفهم العام والخاص والرمزي والمقصدي للنص.
ورأى الباحث أن المحاولات السابقة في هذا المجال، سواء من علماء المسلمين أو المستشرقين، لم تبلور منهجية واضحة لقراءة تحليلية للنص القرآني، ما يستدعي التفكير في تأسيس منهجية لاشتقاق الأصول التفسيرية على غرار علم أصول الفقه، وتطبيقها بشكل اختباري نقدي على التفاسير.

وأشار الصياد إلى أصول أربعة اعتمدت عليها محاولات التفسير السابقة، وهي بالترتيب التاريخي: الرواية والمجاز والرمز والموضوع theme، ويؤسس كل أصل منها لسياق تفسيري معين، وتستَعمَل بقية الأصول تبعًا له، بحيث يتحدد المنهج التفسيري بناء على الأصل السائد والأصول المتنحية.

وأوضح في هذا السياق، أن الطبري مثلا لجأ في تفسيره إلى المجاز والرمز والموضوع، ولكن الرواية ظلت هي الأصل الذي يسمح لديه باستعمال أي من الأصول الثلاثة الأخرى؛ فحين يستعمل المجاز فإنما يقوم بذلك اعتمادًا على الرواية التي تقر بوجود مجاز في هذه الآية أو تلك. أما الزمخشري فاعتمد في تفسيره على المجاز بالأساس نظرا لطبيعة الخطاب الأدبي في القرآن. وهنا لفت الباحث إلى ان الفارق لا يكمن في استعمال المجاز من عدمه، وإنما في الأساس النظري الذي يعتمد عليه التفسير.

تطرق الباحث بعد ذلك إلى محاولة إعادة طرح سؤال “مفهوم النص”، الذي ميز كل منهج تفسيري عن غيره في قراءة دلالات النص القرآني ومحاولة تأويله، مشددا في النهاية على أهمية محاولة إيضاح الأسس النظرية والقواعد الأساسية التي قام عليها كل أصل من الأصول التفسيرية الأربعة.

بلال مؤمن

كاتب و محرر مصري

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة Adblock

برجاء دعمنا عن طريق تعطيل إضافة Adblock