منوعات

قضايا الهجرة واللجوء في البلدان العربية.. تعددت الأسباب والمعاناة واحدة

شغلت قضايا الهجرة وشئون اللاجئين حيزا كبيرا من اهتمام العديد من الباحثين والإعلاميين حول العالم،وتعددت مداخل التعامل مع قضايا الهجرة واللجوء، فهناك من تعامل معها بوصفها قضية إنسانية في المقام الأول، وهناك من نظر اليها باعتبارها «كارثة» تتعرض لها بلدان الغرب. هذه القضية وتأثيراتها وجوانبها المختلفة كانت محور الندوة التي عقدتها مؤسسة مدى مصر تحت عنوان «كلام في الهجرة»، وجرى خلالها  عرض تجربة عدد من الباحثين والكتاب والإعلاميين في مجال العمل على قضايا الهجرة واللجوء داخل البلاد العربية.

الهجرة واللجوء

الهجرة لفظ مشتق من الفعل «هَجَر»، ومعناها الرحيل عن المكان، أو التخلي عن شئ ما، والهجرة بمعناها الاصطلاحي تعني الانتقال من البلد الأم، للاستقرار في بلد آخر. وفي هذا السياق تؤكد «مايسة أيوب» الباحثة بمركز دراسات الهجرة واللاجئين بالجامعة الأمريكية، على ضرورة التفرقة بين ظاهرة الهجرة، وظاهرة اللجوء، فالهجرة تتم وفقا لقرار فردي من قِبَل الشخص ذاته، لأسباب اقتصادية في المقام الأول، وغالبا ما تلعب الأسرة دوراَ في مساندة هذا القرار. أما اللجوء فهو أمر اضطراري يلجأ إليه الشخص أو الأسرة كاملة في سياق تعرض الدولة الأم إلى الحرب، أو التعرض للاضطهاد أياً كان نوعه (سياسي – ديني – عرقي).

 أما المثير في تناول قضايا الهجرة وفقا لمايسة أيوب، فيتعلق بالدور الذي تلعبه وسائل الإعلام الغربية، في تصوير ظاهرة الهجرة بوصفها وليدة هذا العصر، مع تضخيم تلك الآثار السلبية الناجمة عنها، التي تتعرض لها الدول الغربية، رغم أن نسبة الهجرة حول العالم، مازالت تقف عند ذات المعدل الذي كانت عليه عام 1960، والذي يبلغ حوالي 3% من نسبة سكان العالم. وعادة ما يستفيد اليمين المتطرف في البلدان الغربية من هذه الكتابات، في تبرير معاداته للمهاجرين بأوروبا وأمريكا، خصوصا أنها تصور هؤلاء المهاجرين بوصفهم وبالا على المجتمع الغربي.

Related image

 اللاجئون السوريون في السودان.. نجاحات ومخاوف

الكاتبة السويدية «جيني غوستافسون»، تناولت قضية اللاجئين السوريين وكيف أن السودان، لعبت دورا مميزا في هذا الشأن، ذلك أنه لا توجد أمام السوريين أي عقبات قد تواجههم في دخول الأراضي السودانية، فالأراضي السودانية مفتوحة أمامهم دون أي قيود، وبذلك أصبحت السودان منطقة عابرة للانتقال لدولة أخرى، كما أن السوريين في السودان، «ليسوا لاجئين» على حد وصفها، هم يعيشون داخل السودان، مثلهم مثل المواطنين السودانيين، يتمتعون بكامل الامتيازات المتاحة للمواطن السوداني، حيث يلتحق الأطفال السوريون بالمدارس السودانية مجانا، كما يتلقى السوريون الخدمات الطبية بالمستشفيات السودانية بالمجان.

 تضيف جيني أن السوريين الذين بلغ تعدادهم بالسودان ما يقرب من 250 ألف سوري، يتاح لمن وصلت مدة إقامته منهم  بالسودان ستة أشهر، فرصة الحصول على الجنسية السودانية، مقابل مائتي دولار فقط لا غير، وهو ما يسعي إليه العديد من السوريين على أمل الخروج للعمل بإحدى دول الخليج، الأمر الذي تسبب في ظهور ما عرف «بالسوق السوداء»، حيث يمكن من خلال هذا السوق منح الجنسية السودانية للسوري الذي لم يستكمل بعد مدة الستة أشهر المقررة، وذلك مقابل مبلغ قد يصل إلى عشرة آلاف دولار.

تصف جيني السوريين المقيمين بالسودان بأنهم يتمتعون بالعديد من المهارات التي أهلّتهم للاندماج بسهولة داخل المجتمع السوداني، حتى أنهم قد أصدروا مجلة معنية بشئون السوريين بالسودان، فمنهم التجار ذوو المهارة العالية في مجال التجارة، الذين بادروا بإنشاء العديد من المشروعات التجارية، ومنهم من أسس ورش عمل إنتاجية صغيرة، وهم في ذلك يدعمون بعضهم البعض، حيث يدعم أصحاب رأس المال غيرهم من السوريين الذين لا يتاح لهم فرصة تأسيس عمل خاص بهم.

غير أن جيني تعرب عن قلقها إزاء التغيرات التي يشهدها المجتمع السوداني في الآونة الأخيرة بعد الثورة السودانية، وما إذا كانت تلك التغيرات ستصب في صالح السوريين المقيمين بالسودان، أم أنها ستمثل عبئا عليهم؟

Image result for ‫الهجرة واللجوء في البلدان العربية‬‎

العمالة المصرية في الأردن.. وورقة العشرين

الكاتب الصحفي «عمار الشقيري» تناول قضية العمال المصريين المقيمين بالأردن، وكيف أن بعضا منهم لم يتسن له زيارة مصر منذ أن غادرها فى سبعينيات القرن الماضي، حيث تزوجوا من نساء أردنيات وأنجبوا أطفالا يحملون الجنسية المصرية، ويعاملون بوصفهم غرباء، يعانون معاناة حادة بمختلف شئون حياتهم من تعليم وصحة .. إلخ، فكون أن والدتهم أردنية لا يمنحهم أي حق من حقوق المواطنين الأردنيين على الإطلاق.

العمال المصريون المقيمون بالأردن،- كما يصفهم الشقيري- ليسوا كتلة واحدة متجانسة، فهم مختلفون من حيث المستوى الاجتماعي والاقتصادي والثقافي، و ما يقرب من 51% منهم يعملون بمجال الزراعة، وهناك نحو 500 ألف مصري يعملون دون ترخيص عمل، حيث يدخلون الأردن وفقا لرخصة العمل بمجال الزراعة، وعند انتهاء مدة تصريح العمل، يلجا أغلبهم للعمل دون تصريح، ذلك أنهم يجدون أنفسهم مع نهاية مدة التصريح ونتيجة لانخفاض أجورهم، لا يملكون المال لتجديد التصريح، كما لا يجدون المال للعودة إلى وطنهم.

 ونظرا لضعف مهارات هؤلاء العمال فإنهم يلجأون للعمل  بنظام اليومية، حيث يخرج العمال إلى الطرقات صباحا، يحملون معهم أدوات عملهم من مطرقة وشاكوش وغيرها من أدوات لازمة للعمل في مجال قطاع البناء والأعمال، التي لا تحتاج لمهارات  خاصة، سوى الجهد البدني اللازم لها.

يضيف الشقيري أن أغلب هؤلاء العمال يعانون من العديد من المشكلات الصحية والاجتماعية، فهم يتقاضون أجوراً منخفضة بالنسبة لاحتياجاتهم، ويقيمون بغرف مشتركة, حيث يصل متوسط عدد المقيمين بالغرفة الواحدة إلى أربعة أشخاص، وقد يصل هذا العدد إلى ستة أشخاص في حال لجوء صاحب المسكن إلى رفع قيمة الإيجار. غير أنهم يتسمون بوجود حالة من التكافل فيما بينهم، فحين يتعرض أحدهم لدفع غرامة ما إلى أي من أجهزة الدولة، فإنهم يتعاونون على جمع تلك الغرامة فيما يعرف «بورقة العشرين»، حيث يساهم كل منهم بعشرين دينارا لدفع تلك الغرامة.

Image result for ‫الهجرة واللجوء في البلدان العربية‬‎

الجديد الذي رصده الشقيري فيما يتعلق بوضع العمالة المصرية بالأردن، جاء مع لجوء عدد كبير من السوريين إلى الأردن، حيث أصبحت هناك منافسة شديدة بين العمالة المصرية والعمالة السورية، والأزمة الحقيقية تتجسد في كون العمالة السورية ترحب بالعمل بأجر «يومية» أقل مما تطالب به العمالة المصرية، هنا يعلق العمال المصريون، بأن العمال السوريين يعتمدون على ما يحصلون عليه من دعم مادي من قبل مفوضية الأمم المتحدة لشئون اللاجئين، ومنظمات إغاثة اللاجئين، الأمر الذي يجعلهم يرتضون العمل بأجور أقل، وهو ما يمثل تحديا كبيرا أمام العمالة المصرية، في الوقت الراهن.

غير أن الشقيري يعود إلى التأكيد على فكرة علاقات الروابط القوية بين العمالة المصرية، وإلى فكرة النفوذ الاجتماعي بالمناطق المختلفة، حيث توجد مناطق تعد مناطق نفوذ للعمالة المصرية، لم تتمكن العمالة السورية أو غيرها من اختراقها.

القضية الهامة التي يجدر التوقف عندها عند تناول قضايا الهجرة واللجوء، إلى جانب دور الروابط الاجتماعية التي يمكن أن تلعب دورا في دعم هؤلاء المهاجرين واللاجئين بالبلدان المختلفة، تتعلق بضرورة تغيير كافة القوانين التي تعوق عمليات الهجرة والانتقال بحرية من بلد إلى آخر، ودور المنظمات الدولية والأهلية بصفة عامة في العمل على دمج المهاجرين واللاجئين بالبلدان المختلفة داخل المجتمعات الجديدة، مع الحفاظ على إرثهم الثقافي والهوياتي لبلدانهم الأم. 

Image result for ‫الهجرة واللجوء في البلدان العربية‬‎

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة Adblock

برجاء دعمنا عن طريق تعطيل إضافة Adblock