منوعات

في رسالة صوتية: البغدادي يؤكد صمود «داعش» ويتحدث عن حرب استنزاف ضد أمريكا وحلفائها

توماس جوسيلين – زميل أول في «مؤسسة الدفاع عن الديمقراطيات (FDD)»

عرض وترجمة: أحمد بركات

غير عابئ بسقوط دولته في العراق وسوريا قبل بضعة أشهر، توجه زعيم تنظيم الدولة الإسلامية( داعش)، أبو بكر البغدادي، برسالة صوتية جديدة تم بثها يوم الإثنين الماضي (16 سبتمبر) عبر العديد من مواقع التواصل الاجتماعي يوصي فيها أتباعه بالصبر. الرسالة تم تسجيلها وتوزيعها عن طريق «مؤسسة الفرقان للإنتاج الإعلامي»، الذراع الإعلامي للقيادة المركزية لتنظيم الدولة الإسلامية. كان قائد التنظيم قد توجه برسالة سابقة مصورة إلى عموم المسلمين في نهاية شهر أبريل الماضي.

واليوم يعود البغدادي ليطرق مجددا بعض الموضوعات التي سبق أن طرحها من قبل.

أبو بكر البغدادي

وصية

لم يثن تفكك دولة الخلافة، بعد سنوات قليلة من إعلانها، زعيمها عن المضي قدما في الإصرار على دعوة الخلافة، حيث راح يخاطب أعضاء التنظيم والموالين له بوصفهم «حملة راية الدين الوحيدون» في هذا الزمان لأنهم يخوضون معركة فاصلة ضد «حملة صليبية ملحدة» عتيدة. ربما لا يمثل هذا التناقض في المفردات (بين الملحدين والمسيحيين) أهمية قصوى عند زعيم الدولة الإسلامية الذي ينظر إلى جميع الأطراف باعتبارهم أعضاء في مؤامرة عالمية كبرى ضد الإسلام والمسلمين.

تتمحور الرسالة حول وصية واضحة: يجب أن يواصل رجال تنظيم الدولة الإسلامية جهادهم ضد «المشركين»، وغيرهم من الأعداء بغض النظر عن نتيجة المعركة، لأنها في نهاية المطاف – كما يوضح البغدادي – صراع بين المؤمنين ورؤوس الجاهلية. ويذّكر البغدادي مرارا وتكرارا بأن دولة الخلافة قد أعلنت منذ «نصف عقد»، وأنها ستظل تخوض، وتقود هذه المعركة بغض النظر عما قد يلحق بها من انتكاسات. ويضيف أن «أبناء الخلافة ماضون بقوة نحو تحقيق الهدف الأسمى لخلافتهم الإسلامية».

حملات غير مسبوقة

يباهي البغدادي في رسالته بنجاح الجهاديين التابعين لتنظيم الدولة في إطلاق «غارات موحدة» عبر جميع ولايات الدولة الإسلامية. ويشيد بشكل خاص بولايات خراسان (أفغانستان وباكستان وأجزاء من الدول المحيطة)، ووسط وغرب إفريقيا، وشمال إفريقيا (ليبيا وتونس)، وشرق آسيا (الفلبين)، والصومال واليمن. وإلى جانب المجاهدين في هذه الولايات، يمتدح البغدادي أيضا «الفرسان» الذين يقومون بتنفيذ عمليات «في موطن الخلافة في العراق وسوريا».

وبوجه عام، يرى البغدادي أن هؤلاء المجاهدين قد نجحوا في استدراج الولايات المتحدة الأمريكية وحلفاءها إلى حرب استنزاف تستهلك مواردهم وعزيمتهم. وفي هذا السياق يشير زعيم تنظيم الدولة الإسلامية إلى ثلاث حملات منفصلة تم تدشينها هذا العام كدليل على أن تنظيم الدولة الإسلامية لا يزال يعمل كقوة «موحدة».

تتمثل الحملة الأولى في الحملة الانتقامية التي شنها تنظيم الدولة الإسلامية على مستوى العالم ردا على خسارته في سوريا. بدأت هذه الحملة بعد وقت قصير من خروج التنظيم من آخر معاقله في بلدة الباغوز في سوريا. وعبر هذه الرسالة، يكرر البغدادي دعواه التي أطلقها في نهاية أبريل بأن رجاله – في إطار هذه الحملة فقط – قد قاموا بتنفيذ 92 عملية في 8 دول.

بعد ذلك – بحسب البغدادي – قام تنظيم الدولة بتنفيذ «هجومين استنزافيين لاحقين»، اشتمل أولهما على 61 عملية في 11 دولة على مدى 3 أيام فقط. أما «الهجوم الاستنزافي» الثاني فتضمن 152 هجوما نفذتها 10 ولايات تابعة للتنظيم في 10 أيام.

ويفاخر البغدادي بأن هذه الحملات الثلاث (الحملة الانتقامية بعد الخروج من سوريا ثم الهجومين الاستنزافيين) هي «الأولى من نوعها» التي يقوم بها جهاديون في عصرنا «الحديث». ويشير إلى أن هذه الحملات تقدم دليلا دامغا على «تمدد» دولة الخلافة بعد إعلانها لأول مرة في العراق.

وبحسب البغدادي، فإن هذه الأرقام لا تعبر عن المحصلة النهائية الحقيقية للعمليات التي نفذها التنظيم، إذ تعبر الإحصائيات المنشورة – كما يؤكد البغدادي – فقط عن الأرقام التي وصلت إلى اللجان المعنية بمتابعة هذه الأمور، وأن هناك كثيرا من العمليات التي لم يتم إحصاؤها.

ويقدم البغدادي هذا ’الاستعراض‘ للأحداث التي وقعت مؤخرا ليبرهن على أمرين أساسيين، أولهما أن القيادة المركزية للتنظيم لا تزال تتمتع بكامل سلطتها وإدارتها لجميع العمليات التي يجري تنفيذها في بقاع العالم (وهو ما تؤكده أدلة مستقلة أخرى كثيرة). وثانيهما أن هذه الأرقام تؤكد سردية «الاستنزاف» التي تضرب الولايات المتحدة وحلفاءها جراء الصراعات التي تندلع من غرب إفريقيا، مرورا بقلب الشرق الأوسط، ووصولا إلى خراسان. كما يؤكد أمير تنظيم الدولة الإسلامية أن «آل سعود والمارقون المتربعون على عروش بلدان الخليج» يمثلون أدوات يستخدمها الصليبيون في هذه الحرب ضد المسلمين السُنة.

قضايا  يجب أن يركز عليها

يخبر البغدادي رجاله بأن هناك العديد من القضايا التي يجب أن يركزوا عليها. القضية الأولى تتعلق بالتعامل مع باقي المسلمين. فعلى عكس قادة تنظيم القاعدة، الذين أكدوا مرارا أن أغلب المسلمين غير جاهزين لنسختهم الصارمة من الشريعة الإسلامية، وأوصوا بالتسامح عندما يتعلق الأمر بتطبيق الحدود، غالبا ما كان تنظيم داعش يسلك عكس هذا الاتجاه، حيث أوغل في تطبيق الشريعة دون أي تسامح، بما في ذلك أشد العقوبات التي يمكن تصورها.

لكن البغدادي يخبر أتباعه في هذه الرسالة بضرورة «التلطف» بالمسلمين لمراعاة «تفشي الجهل» في جميع أوصال الأمة، أو في مجتمع المسلمين في جميع أنحاء العالم. ويعزو البغدادي هذا الجهل ’بنسخته‘ من الإسلام إلى «البدع الشركية»، ويطالب أتباعه بضرورة القيام بالعمل الدعوي حتى يتسنى لهم كسب مزيد من الأنصار لقضيتهم.

وترتبط «القضية الثانية» التي يجب أن «يركزوا عليها» ارتباطا وثيقا بسابقتها؛ إذ يتعين على أعضاء تنظيم الدولة – بحسب البغدادي – أن يقبلوا «توبة» من تخلوا عن أساليبهم اللادينية قبل وقوعهم في الأسر. كما يجب عليهم ألا يُخلوا سبيلهم إلا بعد أن يقدموا لهم ما يحتاجون إليه من إرشادات، ويبينوا لهم الأسباب التي تدفع دولة الخلافة إلى القتال، والتي تضع هؤلاء المتهمين بالكفر والردة في مرمى نيران الجماعة. أما القضيتان الثالثة والرابعة فهما وصايا دينية تتعلق بكيفية إدارة الجهاديين لأنفسهم في علاقتهم بالآخرين.

دعوات لإطلاق سراح المحتجزين

استخدم تنظيم «داعش» والمنظمات السابقة عليه عمليات اقتحام السجون في الماضي لترميم صفوفهم وتجنيد أعضاء جدد. ويطالب البغدادي في هذا التسجيل «جنود دولة الخلافة» بإنقاذ «إخوانهم وأخواتهم» المحتجزين في مختلف السجون التي يسيطر عليها «الصليبيون» و«الرافضة» (الشيعة) و«الطغاة المرتدون». ويتساءل كيف يمكن لمسلمين أن يهنأوا بطعم العيش بينما تقبع النساء المسلمات في هذه «السجون المهينة».

ويتوعد البغدادي القضاة المسئولين وغيرهم من المسئولين في منظومة الاحتجاز، عما يقع للأسرى في السجون.

*هذه المادة مترجمة. يمكن مطالعة النص الأصلي باللغة الإنجليزية من هنا ?

أحمد بركات

باحث و مترجم مصرى

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة Adblock

برجاء دعمنا عن طريق تعطيل إضافة Adblock