رؤى

جماعات الإرهاب حول العالم.. قواسم مشتركة.. وتصورات خاطئة

كتب: توماس ناجيل

ترجمة و مراجعة: تامر الهلالي

هل يحقق الإرهاب النجاح «DOES TERRORISM WORK».. هذا عنوان كتاب هام للكاتب والباحث ريتشارد إنجليش صدر حديثا ويتناول فيه عددا من الحركات المتطرفة والراديكالية مثل تنظيم القاعدة، والجيش الجمهوري الايرلندي، وحركة حماس في فلسطين، ومجموعة الباسك الانفصالية «إيتا» في اسبانيا، إلى جانب حركات اخرى أتى عليها الكتاب سريعا.

حرص الكاتب في  البداية على التأكيد على حقيقة أن أن الإرهاب تمارسه الدول أيضًا، لكن موضوع كتابه يتركز على الإرهاب الذي تقوم به جهات وجماعات فاعلة من غير الدول – وعلى وجه التحديد المنظمات التي مارست هذا النشاط على مدى فترات زمنية طويلة. ويهدف الكتاب إلى تفسير هذه الحملات في ضوء اعتبار أن  نشاطات وأعمال هذه التنظيمات هي عمل « وكلاء براجماتيون» يستخدمون وسائل عنيفة لتحقيق أهداف سياسية محددة.

فشل فى تحقيق الأهداف الرئيسية

 كانت الأمثلة الأربعة الرئيسية.. القاعدة والجيش الجمهوري وحماس وإيتا.. والتي تناولها الكاتب واضحة للغاية حول ما تريد هذه الجهات، وماذا  يأملون في الحصول عليه جراء عملياتهم. ويخلص إلى أنهم فشلوا جميعًا في تحقيق أهدافهم الرئيسية، كما فعلت جميع الحملات الإرهابية الأخرى تقريبًا، مع بعض الاستثناءات المهمة.

يميز إنجليش في كتابه بين ثلاث نتائج يتسم بها هذا النوع من الأعمال الإرهابية ليس من بينها النصر الاستراتيجي، ويمكن أن يقال إن الإرهاب ينجح في تحقيقها: النصر الاستراتيجي الجزئي، النجاح التكتيكي، والمكافآت المتصلة بالإرهاب على هذا النحو – وهناك تقسيمات فرعية أخرى ضمن هذه الفئات.

بالنسبة لكل منظمة من المنظمات الأربع تصدى إنجليش وبالتفصيل للنجاح أو النجاح الجزئي أو الفشل فيما يتعلق بالأهداف العامة لكل منظمة، وأيضًا أهدافها الفرعية المساعدة.

تشمل العناصر المدرجة في القائمة الخاصة بكل الجماعات محل الدراسة :

الأهداف الأساسية، الأهداف الثانوية، وتحديد جدول الأعمال، النجاحات الميدانية «أي أعمال القتل»، والحصول على تنازلات مؤقتة، و الحصول على الدعاية «شيء مؤكد إلى حد كبير»، تقويض المعارضين، الحفاظ على السيطرة على السكان، وتعزيز وضع التنظيم. وتعد هذه المعلومات التفصيلية مثيرة للاهتمام وقيمة، ولكن بعض الموضوعات الأوسع تظهر كثيرا التفاصيل. 

قواسم مشتركة

ويرصد إنجليش أن هذه المنظمات باسثثناء تنظيم القاعدة، هي منظمات قومية – إيرلندية وفلسطينية وباسكية – تهدف إلى الإطاحة بحكم دولة أخرى: بريطانيا وإسرائيل وإسبانيا. فالجيش الجمهوري الايرلندي يريد انسحابًا بريطانيًا من أولستر وإيرلندا المتحدة، وحماس تريد إقامة نظام إسلامي صارم على كامل أراضي فلسطين التاريخية، وإيتا تريد دولة الباسك مستقلة عن إسبانيا.  

وقد تم تأسيس المنظمات الثلاث كبديل أو في منافسة مع حركات قومية أكثر اعتدالًا تسعى لتحقيق أهداف ذات صلة ولكن أقل راديكالية وبوسائل غير عنيفة، مثل الحزب الاشتراكي الديمقراطي وحزب العمل في أيرلندا الشمالية، ومنظمة التحرير الفلسطينية، وحزب الحرية في الباسك. و كان التنافس مع هؤلاء القوميين المعتدلين جزءًا مهمًا جدًا من المسألة.

أما تنظيم القاعدة – من جهة أخرى – فليس منظمة قومية، لكن يسميه الكاتب «حركة دينية – سياسية»، ذات طموحات عالمية، مكرسة لطرد الجيش الأمريكي من الشرق الأوسط، والإطاحة بما تعتبره أنظمة إسلامية مرتدة، مثل المملكة العربية السعودية، واستعادة الخلافة في نهاية المطاف، وهي ثيوقراطية سلفية تحكم العالم الإسلامي بموجب الشريعة الإسلامية. لكن مرة أخرى، لا يشارك معظم المسلمين هذه الأهداف.

يوضح إنجليش أن أحد الأشياء التي تتشاركها هذه الجماعات هي الكراهية والرغبة في الانتقام، والتي تظهر في تصريحات  قياداتها الشخصية، إن لم يكن دائمًا في بياناتها الرسمية. ويتضح ذلك فيما قاله أسامة بن لادن: «كل مسلم، منذ اللحظة التي يدرك فيها التمييز في قلبه، يكره الأميركيين، يكره اليهود ويكره المسيحيين».

أسامة ين لادن

 ويؤكد الكاتب أن «الإرهاب» ينجح «تلقائيًا» عندما يقتل أو يشوه أعضاء المجموعة المستهدفة. بهذا المعنى، كان تدمير مركز التجارة العالمي مثالا نموذجيا على الإرهاب. لكن على الرغم من أن إنجليش ضمّن الانتقام في فكره، إلا أن هذا ليس هو ما يمكن أن يعنيه عادةً بالسؤال، «هل ينجح الإرهاب؟» إذا حدد لكتابه أن ما يريد حقًا معرفته هو الآثار السياسية.

الجديد في هذا الكتاب – من وجهة نظر الكاتب – هو مدى عدم فهم هذه الجماعات لميزان القوى، ودوافع خصومها، والسياق السياسي الذي تعمل خلاله. وفي هذا الصدد، يعد تفاؤلاً مفرطاً وصفهم بأنهم عملاء عقلانيون. صحيح أنهم يستخدمون وسائل عنيفة يعتقدون أنها ستدفع خصومهم للاستسلام، لكن هذا الاعتقاد غير منطقي بشكل واضح، وخاطىء، كما تظهر النتائج.

فحسب إنجليش، تكمن العقبة الرئيسية أمام أيرلندا الموحدة – في الواقع – في أيرلندا، وليس في لندن أو بريطانيا. فعلى سبيل المثالً يفضل معظم الأيرلنديين الشماليين بشكل واضح «وما زالوا يفضلون» البقاء ضمن المملكة المتحدة، بدلاً من الطرد منها إلى أيرلندا الموحدة، كما تبين ذلك بوضوح في الاستطلاعات والانتخابات المتكررة.

تعريف بالمؤلف «ريتشارد إنجليش»: مؤرخ ووباحث سياسي من ايرلندا الشمالية

*هذه المادة مترجمة. يمكن مطالعة النص الأصلي باللغة الإنجليزية ومراجع الدراسة من هنا

تامر الهلالي

مُترجم وشاعر

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة Adblock

برجاء دعمنا عن طريق تعطيل إضافة Adblock