منوعات

من «رمضان» إلى «شاكوش».. سوءات المجتمع على شاشة اليوتيوب

منذ ظهور اليوتيوب في عام 2005 أصبح لدينا جميعا مكتبات فنية على مدار الساعة، فلم نعد بحاجة الى تحميل أفلام أو أغاني أو أي شيء، فقد أصبحت المواد الفنية وغيرها متاحة أمامنا في أي وقت، وهو ما منح اليوتيوب أهمية كبيرة.

 ومع اضطراب واختلال سوق شرائط الكاسيت والقنوات الفضائية اكتسب اليوتيوب أهمية أكبر، حيث أصبح رافدا ونافذة لأصحاب المواهب والباحثين عن فرصة لم يجدوها في شركات الانتاج أو القنوات الفضائية والتي تهتم بالنجوم المعروفين بحثا عن أرباح الإعلانات والمبيعات دون الاهتمام بتقديم موهبة جديدة.

ومن هنا انطلق عدد كبير من المواهب الذين قدموا أعمالهم الأولى على هذا الموقع وحققوا نجاحا طيبا، ومن خلاله حققوا  النجومية والشهرة، فبحثت عنهم شركات الانتاج والقنوات التي لم تهتم بهم في البداية.

 باسم يوسف كان أحد هذه الأمثلة، حيث بدأ تقديم برنامجه في البداية على اليوتيوب وحقق نجاحا كبيرا وأصبح له متابعون، ومن ثم انتقل لأكثر من قناة بأجر كبير وشهرة أكبر، وأيضا الفنان أحمد أمين والذي قدم على اليوتيوب برنامجا كوميديا لمدة دقائق، وبعد نجاحه تعاقدت معه إحدى القنوات الكبيرة وبأجر كبير ثم انتقل لعالم التمثيل وأصبح نجما مطلوبا في الأعمال التليفزيونية.. والأمثلة كثيرة على من ساعدهم يوتيوب في البداية حتى حققوا ما ارادوا.

ومع اختلافنا على المحتوى، فقد حققت أغاني الممثل محمد رمضان ملايين المشاهدات، وهو ما دفع أكبر شركة انتاج في الوطن العربي إلى أن تتعاقد معه لتقديم عدد من الأغاني بأجر خيالي، وأيضا الفنان أحمد مكي والذي حققت أغانيه نجاحا كبيرا، ويعتبر هو الأفضل في اختيار ما يقدمه، ولدينا مطرب المهرجانات حسن شاكوش والذي حققت إحدى اغنياته 77 مليون مشاهدة.

مرضى الشهرة

على الجانب الآخر ظهر عدد من مرضى الشهرة والبحث عن الاختلاف، والذين سجلوا فيديوهات صادمة وغريبة، وللأسف حققت هذه الفيديوهات مشاهدات عالية تحولت الى مبالغ خيالية، وهو ما دفعهم للاستمرار في هذا الامر، أي فعل أي شيء مختلف وغريب لاستمرار هذه الشهرة والنجاح. المثال الأوضح على هذا الصنف من الباحثين عن الشهرة بأي ثمن، هي الفنانة سما المصري، التي لا نعرف إن كانت راقصة أم ممثلة، لكنها دائما ما تبحث عن أي شيء غريب وصادم يحقق لها المتابعة والمشاهدة، حتى لو كان تصوير فيديو لها من داخل الحمام أو غرفة النوم، وأخيرا الذهاب لمعرض الكتاب بملابس لا تليق، وللأسف تابع الملايين هذا الامر وحققت من خلاله ثروة كبيرة. وهناك أيضا الزوجان (أحمد و زينب) شاب و زوجته قدما عددا من الفيديوهات عن علاقتهما الزوجية الخاصة، وأيضا أصبح لهما عدد كبير من المتابعين وحققا ثروة كبيرة من وراء هذا الإسفاف والتبجح.

إلى المنحدر

في مجتمع اختلت فيه المعايير والقيم وغابت القدوة وانحدر التعليم لمستوى سيء، رأى جيل جديد من الشباب فاقد الطموح و الأمل والقدوة الجيدة أن هذه النماذج السلبية تحقق شهرة ونجاحا بكل سهولة وبأي وسيلة، بل ويتم الاحتفاء بها، ومن هنا كانت الأزمة، حيث تحوّل الجميع الى مصوري فيديوهات تافهة وسيئة بها الكثير من السباب والانحلال، بهدف جذب المشاهدات والمتابعات. فلم يعد الجهد والعمل والسعي خلف حلم أو أمل بعيد، هو الغاية، بل صارت الغاية هي الثروة والشهرة القريبة السهلة.. فيديو أو أكثر -مهما كان المحتوى – ويتحقق كل شيء بسهولة، والامثلة عديدة وموجودة، وكل يوم تزيد في شهرتها ونجاحها. حتى أن ربات البيوت والأمهات -واللاتي يفترض أن يكن القدوة، انزلق بعضهن إلى هذا الفعل المشين، وظهرت أكثر من سيدة في فيديو حي بشكل مهين وسيء. وكلما حقق الفيديو عددا كبيرا من المتابعة قدمت فيديو آخر أكثر انحدارا.

في الماضي القريب عندما كان أى مواطن يتعرض لحادث في الشارع أو أي فتاة تتعرض للتحرش كان الجميع يتسابق للمساعدة والنجدة، لكن الآن الجميع يتسابق لتصوير الحادث ونشره على مواقع التواصل واليوتيوب دون التفكير في انقاذ هذا الانسان، الذي قد يخسر حياته أو سمعته نتيجة هذا الحادث. وهكذا أصبحت الحياة الخاصة مستباحة وكل القيم المباديء. الأمر خطير وينذر بكارثة، إن لم تكن حدثت ونعيشها، فالمعايير اختلت والقيم تنهار أمام طوفان القبح الذي جرف معه كل شئ.

لايعني ذلك بالطبع، المطالبة بحجب أو منع، لكن لابد من دراسة الأمر ومحاولة منع هذا الانحدار الذي طال كل شيء، وأحد السبل المهمة في مواجهة هذا الطوفان هو مشروع قومي ثقافي ي،ُعيد لهذا المجتمع قيمه وتقاليده التي تتبدد.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة Adblock

برجاء دعمنا عن طريق تعطيل إضافة Adblock