منوعات

«جهاد جين».. فيلم وثائقي عن وجه جديد للإرهاب في الغرب

* اويف باري

*مراجعة و ترجمة: تامر الهلالي

يستكشف الفيلم الوثائقي «جهاد جين» للمخرج الأيرلندي «سياران كاسيدي»، والذي يعرض حاليا في دور السينما، القصة الغريبة حول كيف انتهى الحال بامرأتين أمريكيتين متطرفتين تعيشان في مدينة «ووترفورد» بولاية بنسلفانيا واستخدامهما كجزء من خطة لقتل رسام كاريكاتير سويدي.

 في الفيلم الوثائقي، التقى صناع الفيلم بـ«كولين لاروز»، وهي امرأة من فيلادلفيا في الأربعينيات من عمرها كانت تعيش حياة صعبة للغاية، وتبدأ – خلال  تلك الفترة الصعبة من. حياتها- في البحث عن العزاء في مقاطع الفيديو الجهادية عبر الإنترنت.

 يؤدي ذلك إلى أنها تقضي معظم الوقت في منتديات للمهتمين بالجهادية، حيث كانت تطلق على نفسها اسم «جهاد جين» بعدما اعتنقت الإسلام.

في الوقت نفسه، وفي مكان آخر من البلاد، كانت هناك امرأة أخرى هي «جيمي بول راميريز»، وهي امرأة تعيش هي الأخرى حياة صعبة، كانت تقغرق في عالم غرف الدردشة الجهادية. وهي بدورها أيضاً اعتنقت الإسلام.

 وفي بقعة ثالثة في ولاية ماريلاند، كان هناك يُدعى «محمد حسن خالد»، يقضي وقته أيضًا في المنتدى، ويبدأ الدردشة مع لاروز. وفي الوقت نفسه، في أيرلندا يقضي رجل جزائري يدعى «علي دماشي» وقته في تلك المنتديات مدعيا أنه قائد جماعة جهادية.

يستكشف الفيلم الوثائقي كيف تلاقت حياة كل هولاء الأشخاص لينتهي بهم المطاف إلى الاعتقال بتهمة التآمر لقتل «لارس فيلكس» رسام الكاريكاتير السويدي، رغم أنهم لم يقتربوا من أي مكان بالقرب من السويدي، فقد أمضى الأربعة اعواماً في السجن.

 

وجه جديد

 وصفت وسائل الإعلام الأمريكية القضية التي يتناولها الفيلم بأنها «الوجه الجديد للإرهاب». يقول مخرج الفيلم «سياران  كاسيدي»: «لقد أعطيت فكرة عن كيف يكون المراهق، أو كيف يكون شخص ما معزولًا تمامًا في ولاية بنسلفانيا الريفية، أو كيف بدأ شخص ما في كولورادو – وكيفية التواصل مع بعضهم البعض وممارسة تطرفهم. وكيف بدأ الأمر برمته بمجرد الجلوس أمام شاشة».

 وقبل انتاج قصة هولاء الأشخاص في فيلم وثائقي، تم معالجة نفيس القصة في برنامج وثائقي لإذاعة RTÉ Radio One، وذلك بعد إدانة المجموعة في عام 2014، وقد أدرك المخرج كاسيدي وقتها أن قصة تلك المجموعة من شأنها أن تصنع فيلما وثائقيا مميزا.

و يرى صناع الفيلم أن «جهاد جين» ليس مجرد نظرة على مدى سهولة اعتناق بعض الناس  للقضية الجهادية. إنه يبحث في الأسباب التي تجعل الناس يجدون أنفسهم محرومين ومهمشين ثم يلجأون إلى تلك المنتديات، خاصة في وقت كانت فيه المواد الجهادية متاحة على مواقع الفيديو الشائعة بشكل أكبر مما هي عليه الآن.

الشعور بالاهمية

بعض المقابلات التي أجراها كاسيدي مع لاروز حدثت عندما كانت في السجن (قضت مدة 8 سنوات). يقول كاسيدي: «لم تكن خجولة للغاية. لذلك أعتقد أنها كانت تحب فكرة وجود فيلم عنها… هذه الحاجة لأن يُنظر إليها على أنها شخص له وجود وأهمية، هي موضوع يبرز في الفيلم».

و يضيف كاسيدي: «كانت أحد العناصر الأكثر صعوبة في صنع الفيلم أنه كان من المستحيل أن يصبح شخص واحد محوراً للخطوط الأساسية للسرد»

يتابع كاسيدي «يمكنك التحدث مع كولين، لكن لديها وجهة نظر خاصة بها ثم تذهب إلى جيمي، ثم تذهب إلى عائلتها لأنها تعطي وجهة نظر عنها. ثم تنظر إلى محمد الذي كان في الواقع أكثر دقة حول جميع الاتصالات الداخلية داخل غرف الدردشة».

 ويقول: «ثم كان علينا التحدث مع  مكتب التحقيقات الفيدرالي، وبعد ذلك تم التواصل مع كورت (صديق سابق لـ كولين).ثم بدأت المعلومات تستقى من الجميع مثل الدومينو. فالجميع يتحدث عن الجميع، إلى أن تم بناء صورة إلى حد ما ما كان عليه الحال».

إنها قصة معقدة، لكن كاسيدي وفريقه قاموا بتجميع اوصالها، وما أدهش كاسيدي حول موقف لاروز من الجريمة هو أنه ليس الموقف المعتاد من ندم حتى بعد أن قضت ثمانية أعوام في السجن «لم تندم على ما حدث.. لقد رأت ذلك نجاحًا.. معظم الناس عادة في هذه المواقف يتراجعون ويبدأون حياتهم من جديد، ويمضون قدماً»، بحسب كاسيدي.

 

الانترنت بطلاً للمشهد

وحسب مخرج الفيلم فقد تم الاتصال بـ«لاروز» في السجن حيث سألوها عن شعورها عندما كانت جزءًا من المخططين للهجوم، يقول كاسيدي إن «لاروز» قالت، «لقد شعرت بالأهمية». ثم سألتها متى شعرت بالأهمية؟ وردت «لا أستطيع أن أتذكر. أنا لا اعرف».

بالنسبة لكاسيدي، كانت تلك اللحظة شديدة الأهمية، مما يشير إلى مدى تأثير التجارب التي مرت بها لاروز من الاعتداء الجنسي والدعارة وتعاطي المخدرات على شعورها حيال ذاتها.

على النقيض من ذلك كانت لاروز على شبكة الإنترنت محبوبة «وكانت بطلة»، بحسب كاسيدي. و ينقل عنها كاسيدي: «كل هولاء الناس مهتمون بها و بما تقوله و ما تفعله… شعرت بنوع من الثقة والتحقق، لذلك هي مرتبطة حقا بهويتها عبر الإنترنت. وقد حصلت على الكثير من التأكيد عليها، وهي ليست غير عادية أكثر من أي شخص آخر هنا».

أهداف أخرى

كم من المؤامرة كان حقيقيا وكم كان خياليا: سؤال طرحه الفيلم الوثائقي.

يقول كاسيدي: «إذا كان الناس متصلين بالإنترنت ويتحدثون عن قتل شخص ما، فمن الواضح أن جهة مثل FBI ستهتم و سوف يراقبون ما سيحدث، وحتماً إذا كان داماش يتحدث عن معسكرات التدريب»

و يستطرد: «لكن من ناحية أخرى، فإن الكثير مما كان يحدث في العالم الحقيقي قلل تمامًا ما من اهمية كانوا يقولون. ولذا فمن الصعب حقًا مجرد تحديد مكان هذا الخط».

على الرغم من أن النساء كن يناقشن الجهاد عبر الإنترنت، إلا أن كاسيدي يشير إلى أنه كان هناك المزيد من الهوس بالمنتدى يتجاوز ذلك.

في هذا السياق يقول كاسيدي «كلهم يبحثون عن شركاء عاطفيين. كان هناك الكثير من الأشياء التي يكتبونها عبر الإنترنت حول هذا الموضوع، لكن الكثير من الأشياء كانت مثل الشركاء ومقابلة الإخوة. كان الأمر يتعلق بكوني جزءًا من المجموعة، وكوني مهمًا في تلك المجموعة»

 و يتايع كاسيدي: «أعتقد على السطح أنه كان هناك عدد لا يحصى من العوامل المختلفة التي كانت تدفعهم. بعضها كان إجراميًا، والبعض أكثر إنسانية متمثلا في رغبات أو احتياجات أخرى كانوا يسعون لها».

الحياة في وترفورد

سافر كاسيدي إلى وترفورد، لكن قلة من الناس كانت تتذكرها. شعرت لاروز نفسها بالإحباط الشديد لدرجة أنها حاولت الاتصال بمكتب التحقيقات الفيدرالي FBI – وذهبت إلى محطة Garda المحلية لطلب قسم FBI.

يقول كاسيدي «ربما تكون واحدة من أكبر القصص الدولية على الإطلاق في وترفورد.، لكنني لا أعتقد أنه ربما يكون مجرد، عدد قليل من الأشخاص الذين قابلوا الأشخاص المشاركين في التخطيط للهجمة الإرهابية. «أعتقد أن بالنسبة لجيمي، كان ذلك أحد الأشياء التي وجدتها مزعجة وغريبة للغاية في ذلك الوقت هناك، وأنها في الحقيقة لم يكن لديها أي نوع من التفاعل مع الناس».

من ناحية أخرى، تحدثت لاروز عن «أنها كانت متحمسة لفكرة هذا المعسكر وعن خيبة أملها عندما وصلت». يضيف كاسيدي أن هناك شخصا آخر في الفيلم الوثائقي هو نجل راميريز «ريستيان»، الذي سافر إلى وترفورد مع والدته وكانت ذكرياته عن ذلك الوقت قاتمة. يضيف كاسيدي أن كريستيان كان الشخص الذي صدم بكل ما يحدث، حيث لم يكن يعرف أي شيء عن أنشطة والدته الجهادية. لم يتم إجراء مقابلة مباشرة مع الصبي حول أنشطة والدته في وترفورد، لكنه أدلى برأيه ومشاعره. ويقول كاسيدي إن الشيء الذي أدهشه بشأن ووترفورد «هو أنه لم يكن لديه سوى لعبة واحدة يلعب بها».

الإعلام الأمريكي

يبحث الفيلم أيضًا في الأهمية التي منحتها وسائل الإعلام الأمريكية للقصة.

يقول كاسيدي: «نتساءل عن السبب الذي جعل الناس يعطون القصة أهمية في المقام الأول، وما الذي جعل الناس متحمسين جدًا لذلك؟».

ويضيف: «كانت القصة مثالاً حقيقياً لمدى الإثارة، لكنني أعتقد أيضًا، أنه كان من الخطر جدًا أن يتم تشجيع التورط بطريقة غير واعية، بمعنى أن لفت النظر إلى الموضوع يمكن أن يمثل اعتداءً شاملاً على النساء الأمريكيات، ويساهم في محاولات المتطرفين لاجتذاب النساء الأمريكيات».

ويضيف: «كانت كولين تشاهد مقاطع الفيديو وتورطت في التطرف، لكنني أعتقد أنه إذا كنت تشاهد الأخبار في تلك الليلة، فأنت تشعر حقًا أن كولين كانت خارج منزل لارس فيلكس بسكين في جيبها الخلفي عندما تم سحبها منها».

و يتابع «في الحقيقة فقط عندما بدأنا في البحث في القصة، بدأنا في التعرف على المدى البعيد لكل ذلك، ومدى سرعة انهيار المخطط بأكمله، لكن هذا ليس الانطباع الذي تلقيته عندما شاهدت الأخبار».

يقول كاسيدي «إنه في فيلم «جهاد جين» كانت فكرتنا هي تجاوز العناوين الرئيسية»، مضيفاً «أنه يأمل أنه إذا رأى شخص ما تقريرًا إعلاميًا عن قصة مماثلة، فقد يفكرون في الأمر بطريقة مختلفة قليلاً».

ولكن بصرف النظر عما إذا كانت مؤامرة لاروز قد نجحت أم لا، فما زال لها تأثير، فاليوم، في حين أن لاروز وراميرز أحرار، يعيش لارس فيلكس تحت الحراسة طوال اليوم.

*هذه المادة مترجمة. يمكن مطالعة النص الأصلي باللغة الإنجليزية من هنا

تامر الهلالي

مُترجم وشاعر

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة Adblock

برجاء دعمنا عن طريق تعطيل إضافة Adblock