منوعات

المجتمع المدني العربي ورؤية تنموية جديدة لرفاهية الشعوب

 كان اعتماد هيئة الأمم المتحدة لأهداف التنمية المستدامة في 25 سبتمبر 2015، استنادا على دور الأطراف الثلاثة شركاء التنمية (الحكومة و القطاع الخاص والمجتمع المدني). وبناء على ذلك صاغت دول العالم، ومنها الدول العربية استراتيجيات وطنية للعمل على تنفيذ تلك الأهداف مع الإشارة الواضحة لدور الأطراف الثلاثة.

 لكن حتى الأن لم يتم مأسسة هذه الشراكة في الدول العربية، بل يتعرض المجتمع المدني في كثير من الدول للتضييق والحصار، وفي دول أخرى يقوم المجتمع المدني بدور فاعل ومؤثر في الحراك الشعبي الذي تشهده بعض الدول العربية، هذا الحراك الذي رفع مطالب العدالة الاجتماعية والكرامة الإنسانية، وحث الحكومات على إتخاذ اجراءات مختلفة تطرح نموذج تنموي بديل، يضع رفاهة المجتمع في أولوياته، وشراكة حقيقية من أجل تنمية تضمن تمتع المواطنين والمواطنات بجميع الحقوق الإنسانية.

وحول دور المجتمع المدني في تحقيق نموذج تنموي يلبي طموحات وأمال الشعوب العربية نظمت شبكة المنظمات غير الحكومية العربية للتنمية منتدى عربي، بحضور ممثلين عن المجتمع المدني العربي وخبراء متخصصين في التنمية.

وخلال أحدى جلسات المنتدى قدم صلاح الجورشي الخبير الحقوقي في تونس قراءة للمشهد العربي خلال الفترة الأخيرة، وكيف كان للمجتمع المدني دور فاعل. وقد أوضح الجورشي أن واقع ووضع المجتمع المدني يختلف من دولة إلى أخرى، وهناك خصوصية لكل دولة. لكن هناك قواسم مشتركة، تتمثل في مرحلة الفعل المطلبي الذي شاركت فيه كل القوى الحية  نساء ورجال، حيث أبدع المجتمع المدني بروافده المختلفة في التثقيف السياسي، وبناء علاقات جديدة للمجتمع تتجاوز أبعاد الطائفية والطبقية، وإدخال البعد الثقافي، كأحد الأدوات الثقافية من غناء وأنشطة ثقافية جماعية، وكانت حركة المجتمع أكثر نضجا من الأحزاب السياسية، والنقابات، كما كشفت هذه الاحتجاجات عن ضرورة بلورة الرؤي حول سياسات تنموية جديدة.

«نموذج تنموي جديد»

وتحدث أديب نعمة من الشبكة العربية للمنظمات غير الحكومية للتنمية، عن نموذج تنموي جديد يدمج بين التنمية والحقوق والالتزام بمبدأ الحق في التنمية، وعن الترابط والتلازم بين المستويات الدولية والإقليمية والوطنية في تحقيق التنمية، والخروج من مفهوم التنمية المستدامة إلى التنمية بأبعادها الخمسة التنمية الاجتماعية والاقتصادية و البيئية والسياسية والثقافية، مع التشديد على المبادئ الرئيسية الخامسة (حقوق الإنسان- المساواة – الاستدامة – الإنتاجية – الديمقراطية – تمكين).

وأوضح «نعمة» أن المشروع  التنموي العربي المنشود يتطلب التحرر من الاحتلال، وبناء ديمقراطيات دستورية و الالتزام بمنظومة حقوق الانسان وتحول مجتمعي ثقافي قيمي نحو الحداثة واحترام المواطن وحريته والتعامل بندية مع الأطراف  الدولية

«المؤسسات التمويلية الدولية»

 عن دور المجتمع المدني في مواجهة سياسات مؤسسات التمويلية الدولية أجرت «أصوات أونلاين» مقابلة مع أحمد عوض المدير العام لمركز «الفينيق» للدراسات الاقتصادية والمعلوماتية بالأردن، و الذي تحدث عن التحديات التي تواجه أهداف التنمية 2030، والتي تتعلق بالسياسات الاقتصادية التي تفرض من قبل هيئات دولية، منها الصندوق والبنك الدوليان والبنك الأوروبي للاستثمار والبنك الأوربي للإنشاء والتعمير، واتفاقيات التجارة الحرة، ومنظمة التجارة الدولية.

 واعتبر أن هذه الجهات تفرض سياساتها النيوليبرالية على دول المنطقة العربية، ومنها إلغاء الدعم و زيادة الضرائب وتخفيض سعرالعملة، وإعطاء إعفاءات وحوافز للقطاع الخاص، وهذه السياسات تزيد من الإفقار، وتشكل عائقا أمام تحقيق أهداف التنمية، ويجب أن يكون هناك دور واضح للمجتمع المدني من خلال آليات تقديم الشكاوى كما هو متاح في البنكين الأوروبي للاستثمار والإنشاء والتعمير، والمطالبة بتفعيل مواد غير مفعلة، منها بنود بمنظمة التجارة الدولية تنص على الحق في التنظيم النقابي، وعدم تشغيل الأطفال والضمان الاجتماعي، كما يقوم المجتمع المدني العربي بالمشاركة في المنتدى الموازي للصندوق والبنك الدوليين، وتقديم رؤي نقدية واضحة بشأن سياسات الصندوق والبنك الدوليين، ورفض سياسات الإفقار، واتساع الفجوة بين الاغنياء والفقراء واللامساواة. 

«الشراكة المؤسسية»

وفي  إجابتها على سؤال لـ«أصوات أونلاين» عن دور المجتمع المدني على المستوى الداخلي؟ قالت الدكتورة هويدا عدلي أستاذة العلوم السياسية بالمركز القومي للبحوث الاجتماعية والجنائية، إن تحقيق أهداف التنمية 2030 يتطلب الاشتباك مع السياسات العامة، فأهداف التنمية المستدامة تحتاج إلى الاستثمار في البشر من خلال تحسين خدمات التعليم والصحة، وتعزيز قدرة المواطنين على الصمود من خلال سياسات الحماية الاجتماعية والاستثمار في البنية الأساسية، وهنا يأتي أهمية دور المجتمع المدني في بلورة البدائل السياسية والتواصل مع صناع القرار للوصول إلى تلبية احتياجات المواطنين.

 ورأت أن تمكين المجتمع المدني من القيام بدوره، يرتبط بمدى استجابة أجهزة دولة للعمل المشترك، فتحقيق أهداف التنمية عملية صعبة ويجب أن تضع كل بلد في منطقتنا العربية أولوياتها، ويتم العمل على هذه الأولويات من خلال فاعلين وشراكة مؤسسية بين الحكومة والقطاع الخاص و المجتمع المدني.

وقد كان من بين أهم التوصيات التي خرج بها المنتدى، هو التأكيد على ضرورة تعزيز وبناء قدرات المجتمع المدني العربي، بحيث يستطيع أن يقوم بدوره بفاعلية، وأن يكون قادرا على تقديم السياسات التنموية، والعمل على قضايا الديمقراطية وحقوق الأنسان والحكم الرشيد،والتنسيق على المستوى الإقليمي والدولي. كما تم التأكيد على ضرورة إنهاء الحروب والنزاعات التي تعانى منها عدد من الدول العربية والتي تمثل عائقا للتنمية وتقلص مساحات الفعل السياسي والاجتماعي في تلك الدول.

منى عزت

باحثة مهتمة بقضايا العمل والمرأة

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة Adblock

برجاء دعمنا عن طريق تعطيل إضافة Adblock