ثقافة

إبن إياس.. المؤرخ الذي سجل فظائع العثمانيين وهمجيتهم

القرن التاسع الهجري هو قرن المؤرخين الكبار في مصر، فقد اجتمع فيه عدد من المؤرخين في سلسلة ذهبية موصولة الحلقات، ضمت كلاً من «تقي الدين المقريزي[1]» عمدة المؤرخين في النصف الأول من ذلك  القرن «توفى سنة 845 هـ»، و«ابن تغري بردي[2]» شيخ المؤرخين في النصف الثاني من نفس القرن «توفى سنة 873 هـ»، وبرزت خلال تلك الفترة أسماء مؤرخين آخرين كبار مثل «ابن حجر العسقلاني» «توفى سنة 852 هـ» و«السخاوي» «توفى سنة 902 هـ» و«السيوطي[3]» (تو سنة 911 هـ)، وآخر هذه السلسلة من المؤرخين العمالقة كان «ابن إياس» الذي عاش نهاية العصر المملوكي وبداية العصر العثماني، وأرخ لهما، وصار على رأس المدرسة التاريخية المصرية في نهاية هذا القرن وأوائل القرن العاشر الهجري «توفى سنة 930 هـ»، وترك لنا موسوعته التاريخية الضخمة «بدائع الزهور في وقائع الدهور».

 ابن إياس

عاشقُ مصر

لم أجد من بين كل الذين اهتموا بالتاريخ المصري مؤرخاً يملك كل هذا العشق لمصر، وكل هذا الولع بتاريخ البلد وجغرافيته وسهوله ووديانه وجباله وخرائطه وعادات أهله وتقاليدهم، مثلما قرأت ما خطه يمين ابن اياس وهو يقول: «لم يكن في الأرض أعظم من مصر، ولو ضرب بينها وبين سائر بلاد الدنيا سور، لاستغني أهلها بما فيها من خيرات عن سائر بلاد الأرض، فهي أكثر البلاد كنوزاً وعجائباً وآثارا»، وقد ترك لنا موسوعة «بدائع الزهور» عن تاريخ مصر في واحدة من أهم فترات التاريخ في مصر والعالم من حولها.

يجدر بي أن أعترف أني تعرفت على كتاب «بدائع الزهور» عبر رواية «الزيني بركات»، التي تدور وقائعها في نهاية فترة حكم الدولة المملوكية في مصر أوائل القرن العاشر الهجري «الخامس عشر الميلادي»، وقد نالني قبس من شغف كاتب الرواية الأديب الكبير «جمال الغيطاني» واهتمامه بالمؤرخ الكبير ابن اياس.

قرأت «الزيني بركات» التي كتبت بين سنتي 1970 و1971 قبل أن أتعرف على «الغيطاني» في أواسط الثمانينيات من القرن الماضي، وكل من اقترب من الأديب الكبير، يعرف شغفه بالتاريخ المصري، والجغرافيا القاهرية، وقد توقف طويلاً أمام التاريخ المملوكي، وكان يرى أن مجتمعنا ما يزال يعاني من آثاره، وربما نعيش في الحاضر بعض وقائعه كما جرت من 500 سنة، وكان كل من «ابن اياس» و«المقريزي» و«الجبرتي» هم أساتذته الذين درس على أيديهم تلك الفترة من تاريخ مصر، لكن ظل «ابن إياس» في مكانة أثيرة لدى «الغيطاني» فهو بالنسبة له مؤرخ فريد، توقف عنده طويلًا، وقد استنطقه واحدة من أهم رواياته «الزيني بركات»، التي تشعر أنها كتابة معاصرة تعالج قضايا الحاضر باستخدام بعض الوقائع التي وردت في «بدائع الزهور».

«المقريزي» و«الجبرتي»

وكان من الطبيعي أن يبادر «الغيطاني» حين ترأس تحرير سلسلة «الذخائر» إلى اصدار النسخة الكاملة من الكتاب الأشهر للمؤرخ «ابن اياس» موسوعة «بدائع الزهور في وقائع الدهور»، فأعاد نشر المخطوطة التي قام بتحقيقها المرحوم محمد مصطفى زيادة في خمسة مجلدات ضخمة، وألحق بها مجلدات الفهارس التي لم تنشر ولم تر النور إلا في هذه الطبعة.

محمد مصطفى زيادة

هو «أبو البركات» محمد بن احمد بن اياس، ولد بالقاهرة سنة 852 هجرية «1448م» لأسرة شركسية مملوكية، اتصل بالأمراء وأرباب الدولة، ودرس الفقه والأدب والرواية على يد السيوطي، وعاصر فترة حكم السلطان الغوري ويعد أشهر من أرخوا للعصر المملوكي، وشهد دخول الجيوش العثمانية واستيلائها على الحكم في مصر، كما شهد فترة التحول للسيادة العثمانية وأرّخ لها كشاهد عيان على كثير من الأحداث لم يشهدها غيره، واتفقت كثير من رواياته مع مؤرخي الأتراك والغرب ممن أرخوا لنفس الأحداث، كما نقل عنه كثير من المؤرخين المعاصرين.

تفرغ «ابن اياس» للقراءة والدراسة والكتابة، ولم يتزوج، ولم يفارق القاهرة سوي مرة واحدة حين حج سنة 882 هـجرية، أعانه على التفرغ للتأريخ أنه ورث اقطاعا زراعياً يدر عليه دخلا ماليا وفيراً، وعاش قرابة سبعين سنة تحت حكم دولة المماليك البرجية «الشراكسة»، عاصر خلالها أربعة عشر حاكماً، فقد ولد في أواخر حكم الظاهر سيف الدين جقمق، وهو الحاكم رقم 14 في سلسلة حكام تلك الدولة، وعاصر الأشرف سيف الدين قايتباي وهو أطول سلاطين دولة الشراكسة المملوكية الذي امتد حكمه من 1468 حتى 1496 «28 سنة»، وشهد سقوط دولتهم بنهاية عصر طومان باي، وتوفي بعد قرابة ثماني سنوات من استيلاء العثمانيين الأتراك على مصر عن عمر ناهز الخامسة والسبعين، كان خلاله شاهداً على عصرين، أواخر العصر المملوكي، ومستهل العصر التركي العثماني.

الأشرف سيف الدين قايتباي

بدائع الزهور

كتب «ابن اياس» مشاهداته والأحداث التي عاصرها في مؤلفه المشهور «بدائع الزهور في وقائع الدهور» الذي بدأ كتابته سنة 901 هجرية، وهو يقترب من الخمسين من عمره، وهو العام الذي شهد بداية الاضطراب في الدولة المملوكية ، بعدما مات واحد من أهم سلاطين المماليك، وهو السلطان قايتباي الذي امتد حكمه منذ سنة 872 إلي موته 901 هجرية، وكان «ابن اياس» في العشرين من عمره حين تولي السلطان قايتباي، وكان يدون ملاحظات عن مشاهداته لعصر السلطان قايتباي، ثم بدأ في التدوين المنتظم بدءا من 901 في كتابه «بدائع الزهور» يحكي فيه التاريخ منذ بدايته إلي عصره الذي كان شاهداً عليه مدوناً لأحداثه ووقائعه، وفرغ من تأليفه سنة 928، ومات بعدها بعامين أي 930 هـ.

استطاع «ابن اياس» أن يقدم لنا رصداً بالوقائع للعوامل والظواهر السياسية والاجتماعية والأخلاقية السلوكية التي دفعت بالدولة المملوكية الثانية إلى طريق الانحلال والسقوط ومهدت الى سقوطها فريسة سهلة في يد الأتراك العثمانيين. وتضمنت موسوعته التاريخية إلى جانب ذكر الأحوال السياسية، رصداً عميقاً لمفردات النواحي الاجتماعية من مختلف أطرافها، مواليد ووفيات المشاهير والأعيان والحكام والعلماء إلى جانب عادات وتقاليد المصريين، ورسم صورة تكاد تكون تفصيلية لأحوال الأسواق والأسعار والموازين والتعاملات بين البشر في ذلك الزمان، وقدم صوراً عديدة من الحياة اليومية على أرض مصر في تلك الفترة، وتشعر حين تقرأ كتابه وكأنه يتجول بك في القاهرة، ويرسم أمام ناظريك خريطتها بمساجدها وشوارعها ومدارسها وأسبلتها وخانقاوات الصوفية المنتشرة في أطرافها وميادينها وأبوابها، وطوائف الناس فيها وأحوالهم وصناعاتهم وبضائعهم، ما يجعلك كأنك تعيش ليس فقط تاريخ تلك الفترة ولكن يجعلك تجوب في جغرافيتها وخرائطها الثقافية والاجتماعية.

همجية العثمانيين

ومما تفرد به «ابن اياس» عن كل مؤرخي تلك الفترة من التاريخ المصري أنه عاصر دخول الأتراك العثمانيين إلى مصر، وكتب عن فظائع الجنود الأتراك في التعامل مع المقاومة، «حتى أولئك الذين احتموا بمآذن المساجد، لم يسلموا منهم، بل صعدوا إليهم وذبحوهم، كما سرقوا السجاجيد والبيارق من مشاهد السيدة زينب والسيدة نفيسة».

وقدم في تاريخه صورة تفصيلية لوقائع الغزو العثماني الهمجي، وسجل أسوأ ما قام به الغزاة المحتلون من نهب لخيرات مصر ونقلها إلى إسطنبول، وكان موقفه من الغزو واضحا حتى قبل أن يأتي ابن عثمان إلى القاهرة ونراه يسجل صفاته نقلا عمن رأوه بالشام يقولون عنه: «مرفوع القامة، واسع الصدر، أقنص العنق، مكرفس الأكتاف، في ظهره حنية، مترك الوجه، واسع العين، ذرية اللون، وافر الأنف، مليء الجسد، حليق اللحية، ليس غير الشوارب، كبير الرأس، عمامته صغيرة دون عمامة اتباعه»، ثم وصف ابن اياس دخول سليم بن عثمان إلى القاهرة فقال:

في يوم الاثنين ثالث من المحرم سنة 922 ه «1517م» أوكب السلطان سليم شاه ودخل القاهرة من باب النصر، وشق المدينة في موكب حفل، وقدامه جنايب كثيرة، وعساكر عظيمة ما بين مشاة وركاب حتى ضاقت بهم الشوارع، واستمر شاققاً من المدينة حتى دخل من باب زويلة، ثم عرج من تحت الربع وتوجه من هناك الى بولاق، ونزل بالوطاق الذي نصبه تحت الرصيف، فلما شق من المدينة ارتفعت له الأصوات بالدعاء من الناس قاطبة.

السلطان سليم شاه

وقيل إن صفته: ذري اللون، حليق الذقن، وافر الأنف، واسع العينين، قصير القامة، في ظهره حَنية، وعلى رأسه عمامة صغيرة، ويلبس قفطاناً مخملاً ـ وعنده خفة ورهج، كثير التلفت إذا ركب الفرس، وقيل إن له من العمر نحو أربعين سنة أو دون ذلك، وليس له نظام مثل نظام الملوك السابقة، غير أنه سيئ الخلق، سفاك للدماء شديد الغضب لا يراجع في القول.

وعن نهب العثمانية لمصر يقول «ابن اياس» في بدائع الزهور: «انفتحت للعثمانية كنوز الأرض بمصر فراحوا ينهبون ما فيها من قماش فاخر وسلاح وخيول بغال وجوار وعبيد وغير ذلك من كل شيء فاخر، واختووا على أموال وقماش ما فرحوا بها قط في بلادهم، ولا استاذهم الكبير».

في أقل من شهر تشحطت الغلال من القاهرة، وارتفع الخبز من الأسواق، وسبب هذا الأمر أن العثمانية لما دخلوا إلى القاهرة نهبوا الغل الذي كان موجوداً في الشون وأطعموه لخيولهم، حتى لم يبق بالشون شىء من الغلال. ونهبوا القمح الذي كان بالطواحين، واضطربت أحوال الناس قاطبة. ثم ان الأخبار ترادفت لأن السلطان طومان باي ظهر أنه بالصعيد عند أولاد ابن عمر، ومنع المراكب من الوصول الى مصر بالغلال فبموجب ذلك وقعت تلك التشحيطة لمصر.

وعن سلوك السلطان سليم يقول «ابن اياس» : «لما طلع ابن عثمان إلى القلعة احتجب عن الناس، ولم يظهر لأحد، ولا جلس على التكة بالحوش السلطاني جلوساً عاماً، وحكم بين الناس ويقتضي المظالم من المظلوم، بل كان يحدث منه ومن وزرائه كل يوم مظلمة شديدة من قتل وأخذ لأموال الناس بغير حق، وكان هكذا على غير القياس، فإنه كان يشاع العدل الزائد عن أولاد عثمان وهم في بلادهم قبل أن يدخل سليم شاه إلى مصر، فلم يظهر لهذا الكلام نتيجة ولا مشى سليم شاه في مصر على قواعد السلاطين السالفة بمصر، ولم يكن له نظام يعرف، لا هو ولا وزراؤه ولا أمراؤه ولا عساكره بل كانوا همجاً لا يعرف الغلام من الأستاذ».

ويتهم «ابن اياس» السلطان سليم بأنه «انتهك حرمة مصر، وما خرج منها حتى غنم أموالها، وقتل أبطالها، ويتم أطفالها، وأسر رجالها، وبدل أحوالها، وأظهر أهوالها، فلم يدخل إليها أحد من الخوارج ولا قط ملكها ولا جرى عليها ما جرى إلا أن كان في زمن البخت نصر البابلي، فقد جرى عليها من ابن عثمان بعض ما جرى عليها من البخت نصر فلا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم».

وعن خروج ابن عثمان من مصر وعودته إلى اسطنبول يقول «ابن اياس»:«خرج معه ألف جمل محملة ما بين ذهب وفضة، هذا خارجاً عما غنمه من التحف والسلاح والصيني والنحاس الكفت، والخيول والبغال والجمال وغير ذلك، حتى نقل منها الرخام الفاخر، وأخذ منها كل شيء أحسنه، ما لا فرح به آباؤه ولا أجداده من قبله ابداً.

وكذلك ما غنمه وزراؤه من الأموال الجزيلة، وكذلك عسكره، فإنه غنم من النهب ما لا يحصى، وصار أقل ما فيهم أعظم من أمير مائة مقدم ألف مما غنمه من مال وسلاح وخيول وغير ذلك. فما رحلوا عن الديار المصرية إلا والناس في غاية البلية أثناء مدة إقامة ابن عثمان في القاهرة حصل لأهلها الضرر الشامل وبطل منها نحو خمسين صنعة، وتعطلت منها أصحابها ولن تعمل في أيامه في مصر التي كانت مدة اقامته فيها ثمانية أشهر إلا أياماً».

كتب «ابن اياس» مرثية طويلة نعى فيها مصر تحت عنوان «نوّحوا على مصر» جاء في مطلعها:

نوحوا على مصر لأمر قد جرى           من حادث عمت مصيبته الورى

أتى إليها عسكرٌ سيماهم                         حلق الذقون ولبس طرطور ترى

لا يُعرف الأستاذ من غلمانه                    وأميرهم بين الأنام تحقرا

الله أكبر إنها لمصيبة                        وقعت بمصر ما لها مثل يُرى

ولقد وقفت على تواريخ مضت           لم يذكروا فيها بأعجب ما جرى

لهفي على عيش بمصر قد خلت              أيامه كالحلم ولى مدبرا

ومن ضمن أبياتها:

أين الملوك بمصر من طلعاتها           مثل البدور تضئ وكانت أنوارا

يا لهف قلبي للمواكب كيف لم             نلقى بقلعتها الحزينة عسكرا

لهفى على ذاك النظام وحسنه             ما كان في الترتيب منه أفخرا

ومنها أيضاً:

لهفي على فك الرخام ونقله                  من كل بيت كان زاهٍ أزهرا

زالت محاسن مصر من أشياء قد         كانت بها تزهو على كل القرى

ويختمها فيقول:

لقد كان هذا الانتقام بمصرنا                 سبقت به الأقدار كان مقدرا

يا ليت شعري بعد هذا كله                تنفى الهموم ونرتجي فرجا نرى

يا رب إنا بالنبي المصطفى                    والأنبياء الكل سادات الورى

نسألك في كشف الهموم بسرعة        واعف عن الأجرام عفوا واغفرا

قد جاد لابن اياس شعر قاله                لكن منه النظم يحكى جوهرا

ثم الصلاة على النبي محمد                والآل والأصحاب ممن بشرا

***********

هوامش

[1] تقي الدين المقريزي: عميد مؤرخي مصر قاطبة، ولد بالقاهرة عام 1364م من اصول شامية، وحُبِّب إليه العلم في سن مبكرة فأعرض عن كل مظاهر الحياة وأبهتها وفرّغ نفسه للعلم، وكان ميله إلى التاريخ أكثر من غيره حتى اشتهر ذكره به وبعد صيته، وكان محل احترام رجال الدولة في عصره وكانوا يعرضون عليه أسمى المناصب فكان يجيب مرة ويرفض مرات، وكان سلفيّ العقيدة، محباً للسلف، عاصر فترة السلطان الظاهر برقوق، ودخل دمشق مع ولده فرج بن برقوق عام 1407م، وتوفي عام 1442م.

أرخ لفترة الحكم العربي وقسمها لمراحل وعني بتدقيق روايات الأقدمين وتحقيقها بمقارنة رواياتهم، كما اهتم بالغوص في تفاصيل دقيقة كأحوال النيل والتجارة والفساد والرشوة والغلاء والعلاقات الاقتصادية مع الدول الأخرى، فكان تاريخه مرجعا قويا وروايته أصح من بعض المعاصرين للحدث في كثير من الأحوال.

تتلمذ على يديه العديد من المؤرخين كابن تغري بردي وغيره. وله مؤلفات زادت على 200 مجلد كبير، ومن أهم مؤلفاته (السلوك في معرفة دول الملوك) ويتحدث عن فترة الحكم العربي في قرونه الأولى، و(اتعاظ الحنفا بأخبار الأئمة الفاطميين الخلفا) وأرخ فيه للعصر الفاطمي، و(المواعظ والاعتبار في ذكر الخطط والآثار) مما عرف بخطط المقريزي وهو من أهم المراجع في تاريخ مصر، و(البيان والإعراب عمن جاء بأرض مصر من الأعراب) وأرخ فيه للقبائل التي استوطنت مصر من العرب والأمازيغ منذ دخول العرب وحتى عصره.

[2] أبو المحاسن ابن تغري بردي: ولد بالقاهرة عام 1410م لأب من كبار أمراء المماليك أنداك واسمه محرّف من التركية ومعناه عطية الله، درس الفقه والرواية على ايدي البلقيني وابن حجر العسقلاني وابن عربشاه وشهد عهد الظاهر برقوق وولده فرج والأشرف قايتباي، وكان شاهد عيان على كثير من الأحداث، عني بأحوال نهر النيل في كتابه وأحصى تقلباته وأحواله منذ الفتح الإسلامي إلى عصره. كما اهتم بالنشاط العمراني في مصر خلال العصور، ويعد تسجيل التاريخ الحضاري مع التاريخ السياسي إحدى ميزات ابن تغري بردي.

لازم المقريزي فتعلم منه التاريخ، ونقل عنه كثير من رواياته، كما امتازت روايته بالتدقيق الذي تعلمه من استاذه المقريزي، ترك اثني عشر مؤلفا في التاريخ أهمهم :(النجوم الزاهرة في ملوك مصر والقاهرة). توفي عام 1470م ودفن بقرافة المماليك بالقاهرة.

[3] جلال الدين السيوطي: من كبار علماء المسلمين في عصره، ولد بالقاهرة عام 1445م ونسب لمدينة أسيوط موطن عائلته، درس الفقه وتتلمذ على يدي عديد من علماء عصره. بعد عن السلاطين ورحل للعلم والدراسة وتفرغ للتأليف في الفقه والتاريخ، فذكر ابن اياس الحنفي أكثر من 600 كتاب منسوبة للسيوطي، شهد عصر السلطان قايتباي وأرخ للعلاقات بين مصر ودولة بني عثمان في بدايتها، توفي بالقاهرة عام 1505م.

محمد حماد

كاتب وباحث في التاريخ والحضارة

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة Adblock

برجاء دعمنا عن طريق تعطيل إضافة Adblock