رؤى

هل ينهي كورونا دور أمريكا كشرطي للعالم؟

باتريك بيوكانان – محلل سياسي، والمستشار الخاص للرؤساء ريتشارد نيكسون وجيرالد فورد ورونالد ريجان.

عرض وترجمة: أحمد بركات

بالنظر إلى ما حدث على حاملة الطائرات تيودور روزفلت، (التي أصيب عدد كبير من أفراد طاقمها بـ كوفيد19)  فإن فيروس كورونا قد يترك أثرا غائرا على الالتزامات العالمية للولايات المتحدة الأمريكية.

كان الأمريكيون عائدين بالفعل إلى بلادهم من الشرق الأوسط، بعد أن خفضوا وجودهم العسكري، الذي كان يضم 12 ألف جندي، في أفغانستان على إثر صفقة عقدتها واشنطن مع طالبان، ونقلوا 5000 جندي في العراق إلى عدد أقل من القواعد لتوفير مزيد من الحماية. كما انسحبنا من الحرب السعودية ضد المتمردين الحوثيين في اليمن ونقوم حاليا بخفض قواتنا في سوريا. وفي الحرب الأهلية في ليبيا لم يقم الأمريكيون بأي دور فاعل تاركين الأمر برمته للروس والأتراك والمصريين والعرب الخليجيين.

تراجع القوة الناعمة.. والخشنة أيضا

تشهد القوة الناعمة الأمريكية أيضا تراجعا لافتا في جميع أنحاء العالم. فقد أعيد نحو 10 آلاف متطوع من «فيلق السلام» إلى أرض الوطن. كما أعادت وزارة الخارجية الأمريكية عشرات الآلاف من المواطنين الأمريكيين إلى أرض الوطن. وأغلقنا الباب دون أوربا والصين والعالم.

ما الذي آل إليه الآن «المحور» الجيوستراتيجي الأمريكي الذي تمثل في نقل الطائرات والجنود والسفن والقواعد العسكرية من الشرق الأوسط والشرق الأدنى إلى المسرح الهندو باسيفيكي لاحتواء الصين الصاعدة؟ واحتواء الصين بماذا؟

لقد تحطمت بشكل أو بآخر حاملة الطائرات روزفلت بفعل فيروس كورونا؛ فحتى يوم الثلاثاء 14 أبريل، تم الإبلاغ عن 589 حالة «كوفيد – 19» من بين أفراد طاقمها المكون من 4800 فرد. ويمر أربعة آلاف بحار في جوام بمراحل مختلفة من فترة عزلة مدتها 14 يوما في الفنادق والغرف الشاغرة في جميع أنحاء الجزيرة.

لكن الأمر لا يتعلق فقط بروزفلت. فجميع سفن الحرب الأمريكية من حاملات وطرادات وفرقاطات ومدمرات وغواصات قد احتشدت في قواعدها المهيأة لتفشي الفيروس.

كم أعداد هذه السفن التي ستتضاعف قريبا كسفن مستشفيات؟

نفس السؤال يجب طرحه أيضا عن ثكنات الجيش والبحرية الأمريكية في كوريا الجنوبية واليابان وأستراليا وأوكيناوا.

يبدو أن الفيروس قد أصبح الوسيلة الأكثر فاعلية لتعطيل القوة الناعمة والخشنة الأمريكية التي كانت ملء السمع والبصر على مدى عقود.

من بين 10 آلاف متطوع في فيلق السلام، وعشرات الآلاف من الأمريكيين الآخرين الذين أعيدوا إلى أرض الوطن، كم عدد جنود القوة الناعمة الذين سيغادرون مجددا بعد أن يقضوا 18 شهرا خارج البلدان المضيفة؟ 

هل سيثبت هذا الوباء أنه العامل الحاسم في تراجع أمريكا عن الهيمنة العالمية؟

في ظل عجز الميزانية الأمريكية لعام 2020، الذي بلغ في الأصل تريليون دولار (وهو الآن ثلاثة أضعاف هذا الرقم)، ستكون هناك عملية حسابية بالغة التعقيد لتخصيص مواردنا الناضبة بعد إعادة فتح البلاد.

ومن المرجح أن يُنظر إلى مهمة حفظ النظام في هذا الكوكب كأولوية من أولويات الأمس، ومرشح أساسي يجب التخلص منه.

هذه المادة مترجمة من مقال بعنوان Will Covid-19 retire the world’s policeman؟

أحمد بركات

باحث و مترجم مصرى

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة Adblock

برجاء دعمنا عن طريق تعطيل إضافة Adblock