رؤى

رمضان استثنائي جدا يعيشه المسلمون في جميع أنحاء العالم بسبب كورونا

سكوت نيومان – مراسل ومحرر في راديو ومنصات NPR الرقمية

عرض وترجمة: أحمد بركات

استقبل 1.8 مليار مسلم شهر رمضان في هذا العام تحت وطأة أزمة عالمية خانقة، حيث يحول فيروس كورونا المستجد بينهم وبين ما اعتادوه من صلوات في المساجد، ومظاهر احتفالية جماعية شتى. فالمساجد التي تمتلئ عادة بالمصلين طوال أيام هذا الشهر مغلقة، بما في ذلك في المملكة العربية السعودية التي تضم أراضيها أكرم مسجدين في الإسلام في مكة والمدينة، حيث تعاني المملكة من 14 ألف حالة إصابة مؤكدة بكوفيد – 19، وأكثر من 120 حالة وفاة بسبب هذا المرض، وفقا لإحصائية جامعة جونز هوبكنز.  

اجراءات صعبة.. واختراق للمحاذير

في بيانه الذي ألقاه في مناسبة استقبال الشهر الفضيل، أعرب عاهل المملكة العربية السعودية، الملك «سلمان بن عبد العزيز»، عن أسفه لضرورة الالتزام بالتباعد الاجتماعي لوقف انتشار الفيروس المستجد، برغم ما سيفرضه ذلك من قيود على أداء العبادات وخنق لمظاهر الاحتفال والبهجة التي اعتادها المسلمون في مثل هذه الأيام. وأكد الملك – بحسب وكالة الأنباء السعودية الرسمية – أنه «يؤلمني أن نستقبل شهر رمضان الكريم في هذا العام في ظل ظروف تمنعنا من أداء الصلوات في المساجد». وأضاف: «كل هذا بسبب الإجراءات الوقائية التي تم اتخاذها حفاظا على حياة الناس وصحتهم في ضوء التهديدات العالمية التي يفرضها مرض كوفيد – 19».

كلمة الملك سلمان بن عبدالعزيز بمناسبة حلول شهر رمضان يلقيها وزير الإعلام

وفي إيران، الدولة الإسلامية الأكثر تضررا بالجائحة، تم تأكيد أكثر من 87 ألف حالة مصابة بالمرض، و5500 حالة وفاة، رغم أنه يُعتقد أن هذه الأرقام أقل بكثير من الواقع. فعلى مدى أسابيع، عمدت طهران إلى التهوين من الحقائق المتعلقة بتفشي الوباء داخل حدودها، حتى عندما شاهد العالم على شاشات التلفاز نائب وزير الصحة الإيراني، «إيراج حريري»، وهو يمسح العرق عن جبهته بينما يعاني حالة إعياء ظاهر قبيل الإعلان عن إصابته بكوفيد – 19. وكان المسئولون في إيران قد أحجموا عن منع التجمعات الرمضانية برغم التلميحات السابقة من المرشد الأعلى للثورة الإسلامية «آية الله علي خامنئي» في بداية شهر أبريل بأن هذه الإجراءات قد تفرضها حالة الضرورة التي تواجهها البلاد. 

نائب وزير الصحة الإيراني، «إيراج حريري»، قبيل الإعلان عن إصابته بكوفيد – 19

وفي باكستان، برغم وجود 11 ألف حالة إصابة بكوفيد – 19، ألغت السلطات قرارا بالحد من التجمعات في المساجد بسبب ضغوط علماء الدين. وفي معرض إجابته على سؤال وجهه له أحد الصحفيين حول الأسباب التي دفعت حكومته إلى رفع قرار الحظر، قال «عمران خان»، رئيس الوزراء الباكستاني، «نعلم أن الناس سيذهبون حتما إلى المساجد حتى إذا قامت الحكومة بمنعهم بالقوة. لا نريد أن نرسل قوات الشرطة إلى المساجد لفرض الحظر على الصلوات الجماعية وللقبض على المصلين».

عشرات المصلين يصلون خارج المسجد الحيدري في العاصمة الباكستانية إسلام آباد.

وفي الهند – الدولة الهندوسية بالأساس، برغم وجود 182 مليون مسلم – أدى الوباء إلى تقويض الاحتفالات في بعض المدن الكبرى، مثل مدينة «بيون» في غرب الهند. وقد نقلت صحيفة  «هندوستان تايمز» عن «إرشاد ملا» قوله: «في كل عام يجتمع الناس للصلاة في المساجد في رمضان لأداء صلاة التراويح التي تمثل إحدى خصوصيات هذا الشهر الفضيل على مدى الشهر بأكمله، لكن بسبب الإغلاق، سيضطر المسلمون إلى أداء هذه الصلاة وغيرها في بيوتهم مع أسرهم». وأضاف: «في السابق، اعتدنا أن نتناول كل أنواع الفواكه والوجبات الخفيفة واللبن والتمر، وهي أطعمة ضرورية لاستفتاح وجبة الإفطار، لكن ربما لا تتوافر هذه الأطعمة بسهولة في هذا العام». 

وفي إندونيسيا، التي تضم أكبر عدد من المسلمين، أصدرت المنظمات الإسلامية الكبرى بيانات طالبت فيها المسلمين عدم إقامة صلوات جامعة، أو إفطارات مجمعة. وقد أبقت الحكومة الإندونيسية على حالة الحظر في العاصمة جاكارتا وحولها أثناء تفشي الوباء الذي أدى إلى إصابة 7800، ووفاة 650 في جميع أنحاء البلاد، بحسب الإحصاءات الرسمية. وقد امتدحت صحيفة «ذي جاكرتا بوست» – وهي صحيفة يومية تصدر باللغة الإنجليزية – في إحدى افتتاحياتها إجراءات الحظر، وحذرت من أن البلاد «لم تعد في أمان من الجائحة بعد». وأضافت: «لقد اتخذت الحكومة الإجراء الصحيح بفرض إغلاق جزئي على منطقة جاكرتا الكبرى، ومنع الناس من مغادرة المنطقة للاحتفال في مسقط رأسهم، برغم من أنه حتى الآن لا يوجد ما يشير إلى أن تفشي الفيروس قد بلغ ذروته في البلاد». لكن الصورة تباينت حد التناقض في مقاطعة آتشيه المحافِظة، حيث تجاهل السكان التحذيرات، وذهبوا إلى المساجد لأداء الصلوات.

أسرة تؤدي صلاة التراويح بمناسبة بدء رمضان في المنزل في «بينتارو»

حفلات افتراضية

وفي المملكة المتحدة، التي تضم جالية إسلامية تزيد على 2.6 مليون مسلم، وجه المجلس الإسلامي البريطاني المسلمين إلى استضافة وإقامة حفلات إفطار ’افتراضية‘ عبر الإنترنت، ومتابعة البث المباشر الذي تبثه مساجدهم المحلية.

كما كبدت حالة الإغلاق المسلمين في الولايات المتحدة الأمريكية أيضا صعوبات بالغة، ولجأ العديد منهم إلى التواصل عبر تقنية «الفيديو كونفرنس» كبديل للصلوات والوجبات الجماعية. «كان اللقاء عبر الكاميرات بديلا عن الانقطاع»، كما قالت «خلود طرابلسي»، المدوِنة ومعلمة التربية الفنية المقيمة في مدينة سياتل في شمال غرب الولايات المتحدة. وأضافت: «أفضل ما في الإفطارات الجماعية هو رائحة الطعام. سأفتقد كثيرا العناق ومشاركة فرحة رمضان، ورؤية أفراد عائلتي وأصدقائي؛ ولكن.. علينا أن نعدل من طريقتنا في التعامل مع الأشياء».

*هذه المادة مترجمة. يمكن مطالعة النص الأصلي باللغة الإنجليزية من هنا

أحمد بركات

باحث و مترجم مصرى

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة Adblock

برجاء دعمنا عن طريق تعطيل إضافة Adblock