رؤى

العلاقات الأمريكية الصينية.. تاريخ من التوتر والتنافس والدبلوماسية (2 – 3)

ترجمة: أحمد بركات

أكتوبر 2000: تطبيع العلاقات التجارية

وقع الرئيس الأمريكي بيل كلينتون “قانون العلاقات الأمريكية الصينية” لعام 2000 في شهر أكتوبر، مما سمح لبكين بإقامة علاقات تجارية طبيعية مع الولايات المتحدة، ومهد الطريق أمام الصين للانضمام لمنظمة التجارة العالمية في عام 2001. وفي الفترة بين عامي 1980 و2004 ارتفع حجم التبادل التجاري بين الولايات المتحدة والصين من 5 مليار دولار إلى 231 مليار دولار. وفي عام 2006، تفوقت الصين على المكسيك كثاني أكبر شريك تجاري للولايات المتحدة بعد كندا.

أبريل 2001: أزمة طائرات التجسس الأمريكية الصينية

في أبريل 2001، اصطدمت طائرة استطلاع أمريكية بمقاتلة صينية، وهبطت اضطراريا على الأراضي الصينية. على إثر ذلك، قامت السلطات في جزيرة هاينان الصينية باعتقال الطاقم الأمريكي المكون من 24 فردا. وبعد اثنى عشر يوما شهدت بعض التوترات، أطلقت السلطات الصينية سراح أعضاء الطاقم الأمريكي، وأعرب الرئيس جورج دبليو بوش عن أسفه لموت الطيار الصيني وهبوط الطائرة الأمريكية.

وثائقي عن حادثة طائرة هاينان

سبتمبر 2005: الطرف المعني المسئول

في خطابه الذي ألقاه في سبتمبر 2005، أعلن نائب وزير الخارجية الأمريكي، روبرت زوليك، بدء حوار استراتيجي مع الصين. وفي ظل بروز الصين كقوة صاعدة، دعا زوليك الصين إلى القيام بدور “الطرف المعني المسئول”، واستخدام نفوذها لجذب دول، مثل السودان وكوريا الشمالية وإيران، إلى النظام الدولي. وفي العام نفسه، انسحبت كوريا الشمالية من “المحادثات السداسية” التي كانت تهدف إلى تقويض طموحات بيونج يانج النووية. وبعد قيام كوريا الشمالية بإجراء أولى تجاربها النووية في أكتوبر 2006، قامت الصين بدور الوسيط لإعادة بيونج يانج إلى مائدة المفاوضات.

مارس 2007: زيادة الإنفاق العسكري الصيني

في مارس 2007، أعلنت الصين زيادة ميزانيتها للإنفاق الدفاعي لعام 2007 بنسبة 18%، لتبلغ هذه الميزانية ما يزيد على 45 مليار دولار. كان متوسط الزيادات في حجم الإنفاق العسكري في الفترة من عام 1990 إلى عام 2005 قد بلغ 15% سنويا، وهو ما أثار قلق الولايات المتحدة. ففي أثناء جولته في آسيا في عام 2007، صرح نائب الرئيس الأمريكي، ديك تشيني، أن التطورات العسكرية في الصين “لا تتناسب مع” الهدف المعلن من قبل بكين المتمثل في “الصعود السلمي”. وإزاء ذلك، أعلن المسئولون في الصين أن زيادة الإنفاق تتعلق بتقديم تدريبات أفضل وتوفير رواتب أعلى للجنود من أجل “حماية أمنها القومي وسلامة أراضيها”.

الجيش الصيني
الجيش الصيني

سبتمبر 2008: الصين تصبح أكبر دائن أجنبي للولايات المتحدة

في سبتمبر 2008، تفوقت الصين على اليابان لتصبح أكبر حائز للديون الأمريكية – أو سندات الخزانة – بحوالي 600 مليار دولار. كما أصبح الاعتماد المتزايد بين اقتصادات الولايات المتحدة والصين واضحا، حيث هددت الأزمة المالية الاقتصاد العالمي، مما غذى المخاوف بشأن اختلال التوازنات الاقتصادية بين الولايات المتحدة والصين.

أغسطس 2010: الصين تصبح ثاني أكبر اقتصاد في العالم

تفوقت الصين على اليابان كثاني أكبر اقتصاد في العالم، حيث بلغت قيمة اقتصادها 1.33 تريليون دولار في الربع الثاني من عام 2010، بما يفوق بقليل قيمة الاقتصاد لدى نظيرها الياباني في هذا العام، والتي بلغت 1.28 تريليون دولار. وتسير الصين في طريقها لتجاوز الولايات المتحدة باعتبارها الاقتصاد الأكبر في العالم بحلول عام 2027، بحسب جيم أونيل، كبير الاقتصاديين في “جولدمان ساكس”. وفي بداية عام 2011، أعلنت الصين أن الناتج المحلي الإجمالي بلغ 5.88 تريليون دولار في عام 2010، مقارنة بـ 5.47 تريليون دولار في اليابان.

عمال في أحد المصانع الصينية
عمال في أحد المصانع الصينية

نوفمبر 2011: المحور الأمريكي في آسيا

في مقالة لمجلة “فورين بوليسي”، حددت وزيرة الخارجية الأمريكية، هيلاري كلينتون، الملامح الأساسية للمحور الأمريكي في آسيا. في هذا السياق ينظر كثيرون إلى دعوة كلينتون إلى “زيادة الاستثمار، سواء كان الدبلوماسي، أو الاقتصادي، أو الاستراتيجي في منطقة آسيا والمحيط الهادئ” على أنها خطوة لمواجهة النفوذ المتزايد للصين. ففي قمة التعاون الاقتصادي في آسيا والمحيط الهادئ، التي عقدت في نوفمبر 2011، أعلن الرئيس الأمريكي، باراك أوباما، أن الولايات المتحدة وثماني دول أخرى قد توصلت جميعها إلى اتفاقية بشأن “الشراكة عبر المحيط الهادئ”، وهي اتفاقية تجارة حرة تضم العديد من الدول. كما أعلن الرئيس أوباما في وقت لاحق عن خطط لنشر 2500 جندي من مشاة البحرية في أستراليا، مما أثار انتقادات بكين.

فبراير 2012: تصاعد التوترات التجارية

ارتفع العجز التجاري الأمريكي مع الصين من 273.1 مليار دولار في عام 2010 إلى أعلى مستوياته على الإطلاق عند 295.5 مليار دولار في عام 2011. وتمثل هذه الزيادة ثلاثة أرباع النمو في العجز التجاري الأمريكي لعام 2011. وفي مارس، تقدمت الولايات المتحدة والاتحاد الأوربي واليابان بـ “طلب للتشاور” مع الصين في منظمة التجارة العالمية بشأن القيود التي تفرضها بكين على تصدير المعادن الأرضية النادرة. وتزعم الولايات المتحدة وحلفاؤها أن حصة الصين تنتهك معايير التجارة الدولية، مما يجبر الشركات متعددة الجنسيات التي تستخدم المعادن على الانتقال إلى الصين. لكن الصين وصفت هذه المزاعم بأنها “متهورة وغير عادلة”، وتعهدت بالدفاع عن حقوقها التجارية.

في 22 أبريل، هرب المعارض الصيني الكفيف، تشين جوانغ تشينغ، من إقامته الجبرية في إقليم شاندونغ إلى السفارة الأمريكية في بكين. ودخل دبلوماسيون أمريكيون في مفاوضات مع مسئولين صينيين من أجل السماح لتشين بالبقاء في الصين ودراسة القانون في مدينة قريبة من العاصمة. لكن، بعد انتقاله إلى بكين، قرر تشين طلب اللجوء إلى الولايات المتحدة. أدى هذا التطور إلى تهديد العلاقات الدبلوماسية بين الولايات المتحدة والصين، لكن كلا الطرفين تجنبا اندلاع أزمة بالسماح لتشين بزيارة الولايات المتحدة كطالب وليس كطالب لجوء.

نوفمبر 2012: قيادة صينية جديدة

اختُتم مؤتمر الحزب الوطني الثامن عشر بأكبر عملية تغيير في القيادة الصينية على مدى عقود، حيث تم استبدال 70% من أعضاء الهيئات القيادية الكبرى في البلاد، مثل اللجنة الدائمة للمكتب السياسي، واللجنة العسكرية المركزية، ومجلس الدولة. وتولى لي كيكيانغ رئاسة الوزراء، بينما حل تشي جين بينغ محل هو جينتاو كرئيس للبلاد، والأمين العام للحزب الشيوعي، ورئيس اللجنة العسكرية المركزية. وألقى تشي سلسلة من الخطب حول “تجديد شباب” الصين.

لحظة تقديم لي كيكيانغ كرئيس لوزراء الصين

7 – 8 يونيو 2013: قمة صنيلاندز

استضاف الرئيس الأمريكي، باراك أوباما، نظيره الصيني تشي جين بينغ في منتجع صنيلاندز، بولاية كاليفورنيا، في محاولة لبناء علاقة شخصية، والتخفيف من حدة التوتر في العلاقات بين البلدين. وتعهد الرئيسان بالتعاون الفعال في القضايا الثنائية والإقليمية والعالمية، بما في ذلك قضايا التغير المناخي وكوريا الشمالية وغيرها. كما تعهد الرئيسان أيضا بترسيخ “نموذج جديد” في العلاقات، في إشارة إلى تصور تشي عن صياغة “نمط جديد من العلاقات بين القوى العظمى” فيما يتعلق بالعلاقة الثنائية بين الولايات المتحدة والصين.

قمة صنيلاندز بين أوباما وتشي جين بينغ
قمة صنيلاندز بين أوباما وتشي جين بينغ

19 مايو 2014: الولايات المتحدة تتهم مواطنين صينيين

أدانت محكمة أمريكية خمسة من ’الهاكرز‘ الصينيين، يُزعم أنهم على علاقة بجيش التحرير الشعبي الصيني، بتهمة سرقة تكنولوجيا تجارية من شركات أمريكية. وفي معرض الرد، قامت بكين بتعليق تعاونها في مجموعة عمل الأمن السيبراني مع الولايات المتحدة. وفي يونيو 2015، أشارت السلطات الأمريكية إلى توافر الأدلة على أن ’الهاكرز‘ الصينيين يقفون خلف الانتهاكات الصارخة عبر الإنترنت لمكتب إدارة شئون الموظفين وسرقة البيانات من 22 مليون موظف رسمي فيدرالي على رأس العمل.

12 نوفمبر 2014: إعلان مناخي مشترك

على هامش قمة التعاون الاقتصادي لآسيا والمحيط الهادئ في عام 2014، أصدر الرئيس الأمريكي، باراك أوباما، ونظيره الصيني، تشي جين بينغ، بيانا مشتركا بشأن التغير المناخي، وتعهدا بالحد من الانبعاثات الكربونية. وصاغ الرئيس أوباما هدفا أكثر طموحا لخفض الانبعاثات في الولايات المتحدة، كما قطع الرئيس الصيني لأول مرة وعدا بالحد من نمو الانبعاثات الكربونية بحلول عام 2030. دفعت هذه الالتزامات من قبل رئيسي أكبر دولتين مسببتين للتلوث بالخبراء إلى التطلع إلى تعزيز هذا الزخم عن طريق الدفع بعجلة المفاوضات العالمية قبل انعقاد مؤتمر التغير المناخي بقيادة الأمم المتحدة في باريس في عام 2015.

البيان الأمريكي الصيني حول المناخ عام 2014

30 مايو 2015: الولايات المتحدة تحذر الصين بشأن بحر الصين الجنوبي

في حوار شانغري – لا السنوي الرابع عشر حول الأمن الآسيوي، دعا وزير الدفاع الأمريكي، أشتون كارتر، الصين إلى وقف جهود استصلاح الأراضي المثيرة للجدل في بحر الصين الجنوبي، مؤكدا أن الولايات المتحدة تعارض “أي مزيد من العسكرة” للأراضي المتنازع عليها. وقبل انعقاد المؤتمر، أكد المسئولون الأمريكيون أن الصور التي التقطتها البحرية الأمريكية تثبت قيام الصين بوضع معدات عسكرية على سلسلة من الجزر الاصطناعية، برغم مزاعم بكين بأن عمليات البناء تتم بالأساس لأغراض مدنية.

يمكن مطالعة النص الأصلي باللغة الإنجليزية: من هنا

الجزء الأول: العلاقات الأمريكية الصينية.. تاريخ من التوتر والتنافس والدبلوماسية (2–3)

أحمد بركات

باحث و مترجم مصرى
زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة Adblock

برجاء دعمنا عن طريق تعطيل إضافة Adblock