فن

غياب الدراما التاريخية.. الأسباب متعددة والنتائج خطيرة 

الدراما التليفزيونية هي دراما الاسرة والبيت الذي تدخله دون استئذان و في اي وقت، جمهورها هو كل الشعب على مختلف طبقاته و ثقافته، ومن هنا تأتي اهميتها واهمية ما تقدمه للجمهور، التنوع اساس العمل في الدراما التليفزيونية، وبجانب الترفيه والتسلية هناك دور اكثر اهمية هو التثقيف والتنوير، وهو ما كانت تلعبه الدولة من خلال ما تقدمه من اعمال تليفزيونية متنوعة ما بين اجتماعي وتاريخي او ديني، ولكن بسبب غياب الدولة و دخول المنتج الخاص تحولت الدراما من ثقافة و توعية إلى تسليه وبحث عن عائد الاعلانات والمشاهدة ومع تحول جيل من السينمائيين إلى التليفزيون بسبب ازمة السينما جاءوا بموضوعاتهم و قضاياهم و ظهرت اعمال الاكشن والمافيا والفساد والمخدرات على شاشة التليفزيون وبالطبع غابت الاعمال التاريخية والدينية وتركنا الساحة للاعمال السورية والتي تفوقت في الاعمال التاريخية، حتى بعد ان عادت الدولة للانتاج الدرامي من خلال شركة تابعه لها بشكل ما غابت الرؤية والخطة ولم تختلف الشاشة عن ما كانت من قبل مع المنتج الخاص، هل يصدق احد اننا لم نقدم اي عمل تاريخي او ديني على شاشة التليفزيون منذ اكثر من عشرون عاما !!

والان ظهرت اعمال تاريخية من انتاج دولة الاحتلال وبالتأكيد هناك اعمال اخرى في الطريق، هل نقف نشاهد في صمت محاولة جديدة وليست اخيرة في تزييف التاريخ خاصة مع جيل غير واع تاريخيا بل وغير قاريء أيضا، و نكتفي بالاعمال التي نقدمها الان لملء الشاشة في شهر رمضان ثم نُعيد عرضها خلال العام فقط، ام نهتم ونحدد خطتنا و الموضوع الاولى بالتقديم والتناول؟

منذ فترة تم الاعلان عن مسلسل ” خالد بن الوليد” وبالرغم من تكرار تقديم اعمال عن نفس الشخص إلا اننا سعدنا بهذا الخبر لانه قد يكون البداية للاهتمام بهذا النوع من الدراما ولكن ايام وتم التراجع عن هذا المشروع، ثم الاعلان عن مسلسل “احمس” وبدء التحضير له وحتى الان لم نسمع عن اي تحضيرات او تعاقدات او اي شيء، هل ازمة هذه الاعمال في النصوص الدرامية ام الانتاج الضخم رغم اننا بأمكانيات اقل قدمنا اعمالا جيده في الماضي، ام غياب الرؤية وعدم ادراك اهمية صناعة الدراما و الدور الذي يمكن ان تلعبه هو الذي جعل التنوع في الموضوعات يغيب؟

دعاية تخيلية لمسلسل خالد ابن الوليد
دعاية تخيلية لمسلسل خالد ابن الوليد

ترى الناقدة ماجدة موريس أن غياب المسلسلات التاريخية عن الشاشة يرجع لتكلفتها الإنتاجية المرتفعة للغاية، لافتة أن هذه النوعية من المسلسلات ترصد مراحل تاريخية مهمة وهناك حاجة ماسة لأن يكون أي مسلسل يتم إنتاجه على مستوى المسلسل التاريخي الذي قدمه الفنان خالد النبوي مؤخرا وهو “ممالك النار”. وأوضحت أن المشاهد لن يقبل رؤية مسلسل تاريخي يقدم التاريخ في صورة هزلية أو أن يكون هذا المسلسل فقير إنتاجيا أو على مستوى الديكورات قائلة: “نحن استكفينا من هذه النوعية من المسلسلات” . وتابعت موريس أن العصر الحالي يتطلب تقديم مسلسلات متطورة في كل شىء، مثلما حدث في الخارج ولاقت هذه النوعية من المسلسلات نجاحا كبيراً.

وأوضحت أن المشاهد لن يقبل رؤية مسلسل تاريخي يقدم التاريخ في صورة هزلية أو أن يكون هذا المسلسل فقير إنتاجيا أو على مستوى الديكورات قائلة: “نحن استكفينا من هذه النوعية من المسلسلات” .

وتابعت موريس أن العصر الحالي يتطلب تقديم مسلسلات متطورة في كل شىء، مثلما حدث في الخارج ولاقت هذه النوعية من المسلسلات نجاحا كبيراً.

الناقدة ماجدة موريس
الناقدة ماجدة موريس

بينما الناقد الفني طارق الشناوي أكد أن المسلسلات التاريخية غابت عن الدراما الرمضانية منذ أعوام، لأن المنتجين يستهدفون إنتاج أعمال مربحة غير خالدة تأتي بأعبائها وأرباحها سريعًا، لافتًا إلى أن مسلسلات السير الذاتية تحتاج إنتاجًا ضخمًا وأضاف أن السيناريوهات الجيدة للأعمال التي تبقى وتظل وتخلد في ذهن المشاهدين غابت أيضا بسبب حالة الإستسهال التي تسيطر على الكل وسط غياب الرؤية الحقيقية والأفكار الجديدة التي تبلور تراثنا وتاريخنا في أعمال تجذب الجمهور، وأشار الشناوي إلى أن المسلسل التاريخي السوري يتفوق على المسلسل التاريخي المصري، لأن سوريا تنتج على مسلسلاتها ببذخ، ومصر تفقد ميزانيتها بسبب التكلفة الضخمة، وهو ما أدى إلى غياب تلك الأعمال عن الساحة الفنية سواء في رمضان أو غيره.

الناقد الفني طارق الشناوي
الناقد الفني طارق الشناوي

في نفس السياق اكد المؤلف أيمن سلامة إن الأمر يرجع لكون من كان ينتج هذه النوعية من المسلسلات التليفزيون المصرى، لم يكن مهتما وقتها بالربح أو الخسارة بقدر اهتمامه أن تكون هناك استراتيجية لأفكار درامية لابد أن تتم، واضاف انه كان يضع معايير انتاج الاعمال وقتها مجلس امناء اتحاد الاذاعة والتليفزيون بناء على تقارير من اجهزة وطنية سيادية والمجالس القومية المتخصصة التي كانت تطالب الإعلام وقتها بضرورة التحدث في هذه المسلسلات عن قضايا هامة مثل الطلاق والزواج والقضايا الاجتماعية الموجودة حينها والتي ظهرت مؤشراتها من خلال المجالس القومية المتخصص واضاف انه اليوم لا توجد مجالس قومية متخصصة ولا مجلس امناء لاتحاد الاذاعة والتليفزيون وكذلك لا يوجد قطاع الانتاج، مما ادى أن يرتبط الانتاج الدرامي بالاعلان واصبح المنتج يقدم مسلسله للقناة وهي تجلب الاعلانات عليه بمردود مالى سريع، وغالبا المسلسل الديني لن يجلب الإعلانات لذلك اختفى من حياتنا المسلسل الديني منذ سنوات كما ان هناك ربط غير مبرر بالعمل الديي او التاريخي وبين موسم شهر رمضان وبالطبع المنتج وايضا القناة يفضلوا عمل صالح للعرض على مدار العام واكد سلامة أن الأمل يمكن أن يكون في شركة إعلام المصريين ، التي حاولت تقديم مسلسل ديني في شهر رمضان لكن لم يكتمل ” سيف الله خالد بن الوليد ” لكن نتمنى أن تقوم ادارة اعلام المصريين للعودة بانتاج هذه النوعية من المسلسلات الدينية والتي تعلق بها الجمهور المصري سنوات طويلة

الناقد أيمن سلامة
الناقد أيمن سلامة
زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة Adblock

برجاء دعمنا عن طريق تعطيل إضافة Adblock