على الرغم من عشرات الكتب، ومئات المقالات، التي تناولت الفنانة الراحلة سعاد حسني، إلا أن كتاب “سعاد حسني بخط يدها” الصادر أخيرا عن مؤسسة بتانة، يأتي مختلفًا تمامًا لما يملكه من خصوصية تؤهله أن يكون الأصدق بعد مرور أكثر من 17 عامًا على رحيل السندريلا، وهو ما تؤكده مؤلفة الكتاب ولاء جمال، كاشفة عن الكثير من الكواليس المثيرة في رحلة إعدادها للكتاب.
الكاتبة اختصت “أصوات” بهذا الحوار الذي تحكي فيه قصتها مع السندريلا منذ نشأتها المبكرة عندما وقعت في حبها وتملكها شغف بالاقتراب من عالمها وتفاصيل حياتها، ولا حقا وجدت الفرصة سانحة لتحقيق حلمها عندما احترفت الصحافة، هنا سيطرت عليها تمامًا الرغبة في نسج جانب آخر لم يسبقها إليه أحد عن السندريلا، تفاصيل بسيطة في حياتها لا يعرفها أحد، قصاصات ورقية بخط يدها، لقاءات مع شخصيات مقربة منها قد يراها الإعلام في الهامش بينما هم صلب الحياة في حياتها.
الكاتبة الصحفية ولاء جمال
- سألناها: ما الجديد في كتابك ولم يسبق تناوله في كتابات لا حصر لها تناولت حياة سعاد حسني؟
ما سبق كتابته عن حياة السندريلا كثير، لكننا لم نتأكد من صدقه أو كذبه، المختلف في كتابي أنها المرة الأولى التي نرى فيها السندريلا تكتب سيرتها بنفسها، بالطبع ليس هناك أصدق من كتاب يحوي ما خطته سعاد حسني بيدها، فضلا عن شهادات العديد من القريبين منها سواء أكانوا معروفين أم مهمشين، باختصار اعتبر الكتاب انتصارا لسندريلا الإنسانة، وأتمنى أن أكون رددت جزءًا من حقها علينا، وأسهمت في رفع بعض ما لحقها من ظلم من كتابات كثيرة غير منصفة.
- وإلى أي حد نجحت في الاقتراب من السندريلا الإنسانة؟
شغلني بالفعل الجانب الإنساني في حياة سعاد حسني، ما كتبته هو نتيجة تشبع وامتلاء بروحها الممتلئة بحب الحياة، ذهبت إلى بيتها وصورت كل تفاصيل شقتها، تتبعت علاقتها بالأشياء البسيطة مثل البيانو، استمعت إلى كل المقربين منها، ومنهم سناء خادمتها المقربة التي روت لي الكثير من التفاصيل الإنسانية في حياة السندريلا. سعيت أن يسهم الكتاب في رسم صورة صادقة حول إنسانيتها وحياتها، لم أنشغل بتفاصيل ما تم نشره، بطلة هذه الكتاب هي سعاد الإنسانة التي اختفت من حياتنا فجأة في مشهد بدا لكثيرين وكأنه مخطط لإبعادها عن الحياة، كلنا لدينا هذا اليقين بأن صوت سعاد حسني لم يقرر الانتحار، وهذا الكتاب يرصد تلك المواقف الخاصة التي عاشتها سعاد حسني.
- وماذا وجدت بمنزل السندريلا؟
وجدت الكثير والكثير من الكنوز الخفية والمفاجآت التي حرصت على توثيقها في الكتاب، ما أريد التأكيد عليه أن ما وجدته لم يصبني بالدهشة قدر ما طرح عليّ من التساؤلات. مثلا وجدت خطابات ورسائل بخط يدها، منها رسائلها إلى الله التي تكشف حجم ما بينها وبين الله من عمار، تشكو إليه ضعفها وترجو رحمته وأن يكتب لها الشفاء من معاناتها الطويلة مع المرض وأن يقبلها قبولًا حسنًا، تدعوه أن تلقى أعمالها وشخصيتها حب جمهورها الواسع، وهو ما شاهدناه على أرض الواقع من أعمال فنية خالدة حصدت حب الناس لها على مدار مشوارها الفني والإنساني حتى يومنا هذا، تكرارها جملة “بإذن الله” كثيرًا، رسائل متواصلة كانت بالنسبة لي المفتاح لشخصية سعاد حسني التي لا نعرفها، إضافة إلى شهود العيان ممن تواصلت معهم في مرحلة إعداد الكتاب منذ بدأت في تجميع وثائقه ومادته في عام 2002، وعلى مدار 16 عامًا.
- هل تطرقت إلى علاقتها الخاصة بصلاح جاهين وغيره من رموز الثقافة المصرية؟
علاقة سعاد حسني مع الشاعر المرهف الفنان متعدد المواهب صلاح جاهين من أكثر العلاقات التي حظيت باهتمام الوسط الفني والثقافي، محبتها لجاهين لم تأتِ من فراغ، سبقتها قراءات متواصلة لشعره، انغماسها في الوسط الثقافي وعلاقاتها الواسعة والممتدة مع رموزه يعكس إيمانها بقيمة الثقافة ودورها في حياة الفنان، وهو ما لمسته بنفسي من خلال عملي بالصحافة. اللافت هنا هو ذلك الإصرار الشديد من سعاد حسني على النجاح وحرصها البالغ على تجنب الفشل الذي كانت تمقته وتكرهه تماما.
أقسي اللحظات في حياة سعاد حسني عاشتها بعد رحيل صلاح جاهين، كان يمثل جانبا روحيا مهما في علاقاتها مع الحياة والناس، وجاء رحيله صدمة عاشتها بكل ما فيها من صعوبة بالغة، حاولت التغلب عليها عبر اللجوء إلى طبيب نفسي، والجلوس في حضرة محبي جاهين وأصدقائه، تسألهم بشغف عن جوانب لم تكن تعرفها عنه. بعدها دخلت مرحلة الاكتئاب التي دفعتها إلى رفض سيناريوهات عديدة كتبت من أجلها، اختارت العزلة للحفاظ على صورتها في ذاكرة محبيها كسندريلا السينما المصرية والعربية.
- هل وجدتِ في منزلها ما يدل على شغفها الكبير بالقراءة؟
سعاد كانت واسعة الاطلاع ومثقفة جدًا، وأجمع على هذا جميع من تحدثت معهم عنها، ولدى تفقدي غرفتها الخاصة بمنزلها وجدت كتبًا كثيرة كانت تعكف على قراءتها، معظمها موقع بإهداءات مؤلفيها: مثل مفيد فوزي، ومجدي العمروسى، وسمير فريد، وغيرهم، ومن أرق الإهداءات التي وقعت عليها عيني ما كتبه الروائي الكبير خيري شلبي: “إلى سعاد حسني سندريلا السينما المصرية دائما وإلى مالا نهاية.. مع حبي”.
- كيف رصدت علاقة سعاد بأهلها؟ وبالأخص شقيقتها الفنانة نجاة؟
لفت انتباهي علاقة سعاد الحميمة بأهلها وأخواتها، كانت على صلة دائمة بهم، لم تعرف القطيعة طريقا لها، ولم يغير الفن فيها شيئًا. شخصية سعاد لا تعرف الغيرة، هي متحققة فنيا وثقافيا، وحتى مع أصدقائها من الفنانين كانت تتحاشي دائما الصدام معهم.
وعلى الصعيد الشخصي، كانت سعاد حسني شخصية منظمة جدًا، كما يتضح من أوراقها الشخصية التي تحوي تفاصيل حياتها، مصاريفها اليومية وغيرها، أوراقها الخاصة تكشف مثلا أن سكرتيرتها “نادية يسري” كانت تتقاضى منها راتبا شهريا عن عملها، رغم محاولات الأخيرة نفي ذلك تمامًا عبر العديد من الحوارات الصحفية.