قبل رحيله بشهور لخص الصحفي والشاعر الكبير كامل الشناوي تجربة حياته في سطور عبر فيها عن قناعات وصل إليها متأخرا؛ بعد رحلة خوف وهروب من الموت استمرت سنوات. صاغ الشناوي فلسفته التي أدركها قبل فوات الأوان، وجمعها بين دفتي كتابه «بين الموت والحياة».
يقول الشناوي: كان الموت هو عدوي الوحيد الذي أخشى لقاءه، ولعل هذا هو إحساس الناس جميعا ولا أدري لماذا؟ إنهم مثلي لا يعرفون ما هي الحياة، وكيف ينفصل منها وهو لا يكون إلا بها، فلا موت بغير حياة أو لغير حياة. هل الموت متصل بالحياة؟ لماذا إذن نتهيبه ونجفل منه، في حين نقبل على الحياة ونطمئن إليها؟ هل هو نهاية شاذة للأحياء؟ كيف يكون ذلك وكل من سبقنا من الأحياء انتهوا بالموت؟ هل هو نهاية طبيعية لكل ما هو حي؟ إنه كذلك فعلا.. فكيف نحاول أن نهرب من نهايتنا؟ وإلى أين الفرار؟
تصالح مع الموت
وعن حبه للحياة وهربه من الموت قال الشناوي (1908- 1965): ما أكثر ما أحببت الحياة! وما أكثر ما كرهت الموت دون أن أفهم لماذا أحب، أو لماذا أكره.. كل ما أدركه الآن من أسباب حرصي على أن أحيا هو أنه كان لي في الحياة ما أريده وكان عندي للحياة ما أعطيه.. اليوم تغيرت نظرتي إلى الموت.. لم يعد الموت ذلك العدو الذي يخفيني بل لعله صار صديقا.. ولهذا لم ترتعد فرائصي وأنا أرى خطر مرضي.. ولست في ذلك متشائما أو يائسا، فموت الأحياء تجديد للحياة، إنه يخلي مقاعد العجزة والمرضى والضعفاء لأحياء جدد قادرين أصحاء أقوياء.
ولأنه عاش حياته هاربا من النوم ليلا، خوفا من أن يدركه الموت بغتة وهو وحيد في شقته بمنطقة جاردن سيتي، فقد وصل إلى الحقيقية قبل رحيله ربما بسنوات قليلة، وكتب: إن الموت في المفهوم الديني هو الحق والدنيا هي الباطل، وإذا كان هناك عذر لغير المؤمنين في أن يجفلوا من الحق أي الموت فما هو عذر المؤمنين؟.
“لا وعينيك”
في رحلة الحياة عانى الشناوي ليس من هروبه اليومي من الموت فقط، لكنه عانى وتعذب أيضا من انفطار قلبه مرات بسبب حب ضائع، مرة بالخيانة وأخرى بالهجر وثالثة بالبعاد.
في صباه أحب الشناوي جارة لهم في قرية «نوس البحر» بمركز أجا محافظة الدقهلية، لكنه لم يصارحها يوما بهذا الحب، كتمه داخل قلبه حتى التقيا بعد سنوات وكانت قد تزوجت وأنجبت فصارحها بما كان، والمفاجأة إنها أخبرته بإنها كانت تبادله نفس المشاعر لكنها كتمت مشاعرها أيضا.
وفي شبابه التقى الشناوي بفتاة من عائلة راقية تقطن حي المعادي، نقلته إلى مساحات لم يكن يعرفها، عرفته على عادات واتيكيت «أبناء الذوات»، لكن هذا الحب لم يكتب له أن يستمر واتفق الطرفان على الصداقة كبديل.
وفي كازينو «بديعة» تعرف صاحبنا على «روز» تلك الفتاة «الثائرة المتوهجة».. ويقول الشناوي عن تلك القصة «إن أعمق قصة حب في حياتي وأبعدها أثرا على فني، تلك التى كانت بطلتها غانية في كباريه.. حدثت وقائع هذه القصة عام 1937 كنت في مطلع شبابى أملأ الدنيا شعرا عذبا حالما.. كان أول لقاء في الكباريه الذي تعمل فيه.. ذهبت ذات مرة أستروح من عناء العمل، فوجدتها تتهاوى إلى منضدتي .. ونظرت إلى وجهها المليء بالأصباغ، وإلى يدها التى حرقت أصابعها السجائر، وكانت هذه أول نظرة لها.. لا أدرى كيف بدأ الحب بعد ذلك».
وصف تعلقه بها بأنه «سهم وصاب»، فأحبها بإخلاص لنحو عامين متصلين، حتى استفاق يوماً على خيانتها مع أحد أصدقائه، فتركها بعدما تركت في قلبه جرحاً غائراً، لم يعرف حقيقته إلا صديقته تحية كاريوكا. ومرت سنوات وامتلكت «روز» كازينو وصالة، وسألته تحية عنها، فكتب فيها قصيدة: لا وعينيك يا حبيبة روحي.. لم أعد فيك هائماً فاستريحي.
مشروع زواج فاشل
قرر الشناوي الزواج، بعد أن أعجب بحفيدة شقيقة صديقه الكاتب الصحفي الكبير محمد التابعي، وتقدم إلى خطبتها فأرسل أهلها إلى التابعي يستشيرونه فأشار عليهم بالرفض، فصدم صديقه، ولما اجتمعا سأل الشناوي صديقه عن سر الرفض فقال له التابعي: أنت يا كامل تسهر طوال الليل ولا تعود إلا في الصباح.. وهى فتاة عمرها 18 عاما فماذا ستفعل في وحدتها ومللها.. إنها تحتاج لبيت وأسرة وحب وصداقة وحنان.
أحب الشناوي فتاة أخرى وأحبته وفكر في الزواج بها وسافر بضعة أيام وعاد ليجدها قد تزوجت فكتب: «أنا لا أذكر كم يوم مضى منذ التقينا.. ربما من ساعتين.. ربما من سنتين.. كل ما أذكره أنا انتهينا.. وتولاني الضياع، حين أبصرت الوداع، لا تثر حولي ضجة، فلقد أصبحت زوجة».
أما قصة حبه الأشهر، فكانت بطلتها المطربة نجاة، التي قال عنها صديقه الكاتب الصحفي مصطفى أمين في كتابه «شخصيات لا تنسى»: «عشت مع الشناوي حبه الكبير، وهو الحب الذي أبكاه وأضناه.. وحطمه وقتله في آخر الأمر، أعطى كامل لهذه المرأة كل شيء المجد والشهرة والشعر ولم تعطه شيئا، أحبها فخدعته.. أخلص لها فخانته.. جعلها ملكه فجعلته أضحوكة».
لا تكذبي
وأشار أمين إلى أن الشناوي كتب قصيدة «لا تكذبي»، من واقع قصة حبه، «كتب القصيدة في غرفة مكتبي بشقتي في الزمالك.. وهى قصيدة ليس فيها مبالغه أو خيال.. وكان كامل ينظمها وهو يبكي.. كانت دموعه تختلط بالكلمات فتطمسها.. وكان يتأوه كرجل ينزف.. وبعد أن انتهى منها قال: إنه يريد أن يقرأها على المطربة بالتليفون».
اتصل الشناوي بحبيبته، ووصف أمين هذه المكالمة قائلا: «بدأ كامل يلقي القصيدة بصوت منتحب خافت.. تتخلله الزفرات والتنهدات والآهات.. وكانت المطربة صامته لا تقول شيئا، لا تعلق.. ولا تقاطع.. وبعد أن انتهى قالت المطربة: كويسه قوى.. تنفع أغنيها».
ورغم صد المطربة للشاعر الذي كان يكبرها بثلاثين عاما إلا أنه ظل يحاول التقرب منها، ويوضح أمين: «كان كامل يحاول بأي طريقه أن يعود إليها.. يمدحها ويشتمها.. يركع أمامها ويدوسها بقدميه.. يعبدها ويلعنها.. وكانت تجد متعه أن تعبث به»، ونقل أمين عن الشناوي قوله: «لا أفهمها، فهي امرأة غامضة لا أعرف هل هي تحبني أم تكرهني؟ هل تريد أن تحييني أم تقتلني؟».
شعور الشناوي بخيانة محبوبته مع كاتب القصة الشهير الذي أشار البعض إلى أنه يوسف أدريس أدخله في نوبات اكتئاب.. كان يجلس يوميا يكتب عن عذابه، وأصبح يتردد على المقابر، وحينما سأله مصطفى أمين عن ذلك، أجاب بابتسامه حزينة: «أريد أن أتعود على الجو الذي سأبقى فيه إلى الأبد».
قصة حب الشناوي لنجاة، التي وثقها مصطفى أمين وأنكرتها نجاة، شكك فيها الناقد طارق الشناوي ابن شقيق كامل، قال: «الحكايات المثيرة التي حاول البعض أن يحيلها إلى كامل الشناوى ويلصقوها به عنوة، مثل تلك الحكايات المختلقة التى تناثرت عن قصيدة «لا تكذبي» الكل أدلى بدلوه، ومنح لخياله حق براءة الاختراع».
ويضيف طارق في مقال نشره قبل عامين في «المصري اليوم»” أتذكر أنني قبل 25 عاماً قررت أن أجري تحقيقاً صحفياً عن لغز هذه القصيدة وهل هى بالفعل عن واقعة حقيقية أم مجرد خيال شاعر.. سألت الكاتب الكبير مصطفى أمين والفنانة الكبيرة تحية كاريوكا والكاتب اللامع كمال الملاخ والموسيقار الكبير كمال الطويل والعملاق يوسف إدريس، كل منهم روى لي القصة من خلال رؤيته وتحليله.. وكل من استمعت إليهم قدم الحكاية من خلال زاوية رؤيته وإطلالته، وأضاف بعضهم قدرا من البهارات والتحابيش لزوم زيادة التشويق.. رغم ذلك كان أغلبهم يُجمع على أن هناك خائنة.. انتهيت من خلال مضاهاة أقوال كل المعاصرين لكامل الشناوى فاتضح لى أن الخيال هو الحقيقة والحقيقة هى الخيال.
في بلاط صاحبة الجلالة
بدأ الشناوي رحلته في بلاط صاحبة الجلالة، مصححاً ثم محررا إلى أن وصل إلى قمة الهرم وترأس تحرير عدد من الإصدارات، خلال تلك الرحلة لمعت موهبته كشاعر ومحاور وأحد أطرف الساخرين في عصره. بدأ عمله الصحفي في جريدة «كوكب الشرق» لصاحبها حافظ بك عوض، ثم «الوادي» لصاحبها الدكتور طه حسين، ومنها إلى «روز اليوسف» لصاحبتها السيدة فاطمة اليوسف، ثم «الأهرام» في عهد أنطوان الجميل حتى استقر به الأمر في «أخبار اليوم»، ثم رئيسا لتحرير «الجمهورية» بعد ثورة 23 يوليو 1952.
الكاتب يوسف الشريف نقل عن الشناوي بعض ذكريات البداية في كتابه «كامل الشناوي آخر ظرفاء ذلك الزمان».. يقول الشناوي: فى عام 1935 كنت محررًا فى «روزاليوسف» لم يكن لى عمل محدد، أحيانًا أساهم فى تحرير الصفحة الأدبية وصفحة الشباب، وأحيانًا أكتب التعليقات الساخرة الخفيفة.. وفكرت أن أنشر عدة أحاديث مع بعض رجال السياسة اللامعين.. واخترت للحديث الأول حافظ رمضان باشا رئيس الحزب الوطنى.
ويسترسل “ذهبت إليه فى بيته ووجهت إليه أسئلتي ودونت إجابته بأمانة ودقة، وحملت أوراق الحديث إلى الاستاذ محمود عزمى رئيس تحرير روزاليوسف والفرحة تكاد تقفز على ملامحي.. وإذ برئيس التحرير يقول لي: هذا مقال بقلم حافظ رمضان وليس حديثًا صحفيًا، أنا أريد حديثاً يقوم على الحركة والأخذ والجذب بينك وبينه.. ثم فتح درج مكتبه ورمى فيه بالأوراق وخرجت من عنده وأنا أجرجر قدمى من الاحساس بالفشل.. لكني عاودت الحديث مع حافظ رمضان باشا وكتبت حديثه مرة ثانية ونجحت إلى الدرجة التى كان محمود عزمي يدرس أحاديثي الصحفية على طلبة معهد الصحافة آنذاك”.
الدرس الثانى الذى تعلمه الشناوي كان عندما كتب مقالًا سياسيًا طالب فيه بعودة دستور سنة 1923 الذي ألغاه إسماعيل صدقي، وكانت وزارة توفيق نسيم قد وعدت بعودته ولكنها تلكأت.. وبدأ الشناوى مقاله السياسي ببيت شعر قديم هو: “كلما قلت غدًا موعدنا.. ضحكت هند وقالت بعد غد!!”.. وقدم المقال إلى محمود عزمى وبعد أن قرأه قال: وما دخل هند بعودة الدستور؟ فرد كامل: هذا شعر جميل يقرب المعنى للقراء.. فقال عزمي: الشعر يصلح للغناء والإنشاد لكنه لا يصلح لمعالجة الموضوعات السياسية، ومقالك فى غاية القوة والوضوح والاستشهاد بالشعر يضعفه. ورد كامل: لكن هذا البيت سهل الفهم، فأجابه عزمي: نصيحتى لك ألا تستشهد فى المقالات السياسية إلا بأقوال السياسيين الذين تناقشهم أو تنقدهم والا تعتمد إلا على المنطق والوثائق والاحصائيات، ولم يقتنع كامل لكنه استجاب وانتزع من مقاله بيت الشعر.
مقلب رئيس الوزراء
لما توقفت «روزاليوسف» عن الصدور، عرض عليه أنطوان باشا الجميل رئيس تحرير «الأهرام» العمل معه وخصص له غرفة بجوار مكتبه.. بدأ الشناوي كتابة باب «خواطر حرة» في «الأهرام»، إلى جانب عمله في سكرتارية التحرير، حتى كلَّفه الجميل بالعمل محرراً برلمانياً مع تشكيل مجلس النواب الجديد في منتصف عام 1937، فصار المندوب البرلماني لجريدة الأهرام.
صار الشناوي صديقاً للوزراء وجليساً لرئيس الوزراء محمد محمود باشا، ولما علم جبريل تقلا باشا صاحب «الأهرام»، بهذه الصداقة طلب الشناوي وصرخ فيه: ماذا تفعل بهذه الصداقة؟ ولماذا لا تحاول أن تحصل على الأخبار أولاً بأول وأنت تجالس الباشا؟.
خلال عشاء في قصر محمد محمود باشا، علم الشناوي بزيارة سرية للوزير أمين عثمان إلى القدس، حيث سيعقد اجتماعاً مع مسؤول بريطاني رفيع، وهناك مفاوضات على مستوى عال بعيداً عن أعين البرلمان.. في الصباح نشر الخبر منسوباً إلى مصادر بريطانية ومراسل «الأهرام» في «القدس»، فأحدث دوياً بالغاً.
قرأ محمد محمود باشا الخبر وأدرك أن صديقه كامل هو الذي سربه إلى «الأهرام» وليس مراسل القدس، فلم يعنفه أو يعاتبه، وإنما قرر أن يعطيه درساً، فدس عليه في ذات الليلة خبرا كاذبا مفاده أن جوزيف جوبلز وزير الدعاية في حكومة هتلر يزور القاهرة سرا، وسيلتقي بعدد من المسئولين وأنه يقيم في فندق «سميراميس»، وأن المحادثات معه ستطرق إلى مستقبل الاحتلال البريطاني لمصر، فأسرع الشناوي وأبلغ تقلا باشا بالخبر، لكن خطورة الخبر دفعت تقلا إلى أن يتحقق منه من مصادره الخاصة، فاتصل بمندوبيه في المطار ومصادره في البوليس فلم يجد للخبر أثرا، فاتصل بفندق «سميراميس» فأكدوا له عدم وجود الوزير الألماني، فلم يجد تقلا باشا حلاً سوى الاتصال برئيس الوزراء نفسه، وبمجرد أن سمع محمد محمود باشا السؤال حتى انفجر ضاحكاً وقال: أردت أن يتعلم كامل الشناوي الفارق بين الصداقة والصحافة.
نبوءة الثورة
كانت أوضاع مصر قبل ثورة 23 يوليو 1952، قد وصلت إلى مرحلة لا يصلح معها دعاوي الإصلاح، فالنخب السياسية والأحزاب والقصر في حالة انكشاف.. لم يكن الشناوي على دراية بما يدبره تنظيم الضباط الأحرار، لكنه كتب مقالا بعنوان «ين الرجل؟».
«مصر.. تحمل مصباحا في يدها ليل نهار تنقب عن رجل.. رجل يستطيع أن ينهض بالعبء ويواجه المسؤولية ويقدس العدالة ويفرض سيادة القانون، رجل يعرف كيف يبقى وكيف يذهب، رجل يعرف متى يحكم ومتى يستقيل، يعرف كيف يقول كلمته ويقف وكيف يقول كلمته ويمشي». كان الشناوي من ضمن الداعيين إلى تغيير بنية النظام السياسي، فكتب إن بلاده «تبحث عنه بين طائفة من الساسة تجاوزوا مرحلة الرجولة، وعبثا نحاول أن نعيدهم إلى هذه المرحلة أي مرحلة الرجولة وكيف يمكن أن نعيدهم إلى رجولتهم الأولى»، لذلك كان يرى أن «المصباح سينضب زيته وتحترق ذبالته وينطفئ قبل أن تجد مصر هذا الرجل»، لكن بعد ساعات قليلة كان الرجل قد احتل صدارة المشهد بالفعل.
مع عبد الناصر
ولأنه أشهر من أجاد الأحاديث الصحفية، فخصه عبدالناصر بأول حديث له في الصحافة العربية والأجنبية علي مدي4 ساعات بعد أن أصبح رئيسا لتحرير الجمهورية عام 1952.
ذات يوم استدعى عبد الناصر رؤساء تحرير الصحف، وخلال المناقشة سأل الشناوي: إيه آخر نكتة يا كامل بك؟ وكان الشناوي مصنع نكت تتدفق باستمرار، فرد كامل: معرفش يا سيادة الرئيس أنا مليش دعوة بالنكت. فأصر عبدالناصر، فقال كامل: إديني الأمان، فأعطاه له، فقال كامل: آخر نكتة أن الرئيس قرر منع مساحات السيارات لأنها مع حركتها تشير إلى حركة الأصابع بـ«لا»!! ابتسم ناصر، وقال بحسم: خلاص تبقى دي آخر نكتة.
فهم كامل وقال حاضر، لكنه قال للرئيس: الواد صلاح حافظ فى السجن وواخد 8 سنين وده ولد زى الفل أرجوك يا ريس يخرج. فسأل الرئيس: تضمنه؟ فقال: برقبتي. وقال الرئيس: خلاص سيخرج.
تسلم صلاح حافظ رسالة بالبريد من الشناوي تقول إنه سيخرج سريعًا وأن الرئيس وعد، لكن مضت شهور ولم يخرج صلاح. بعدها استدعى الرئيس رؤساء التحرير وفي الاجتماع قال كامل للرئيس: ياريس الواد صلاح مخرجش. فرد عبدالناصر: خرج. فتشجع كامل وقال: يا أفندم مخرجش. فشخط عبدالناصر: قلت خرج يعني خرج، وفقا لرواية رفعت السعيد في مقاله «الشناوي وعبد الناصر واليسار».
وأضاف السعيد: أرسل كامل لصلاح خطابًا يقول فيه «يا ولد يا حمار مش لما تخرج من السجن تقولي».. وبقى صلاح معنا حتى آخر أيام السجن.
كان الأستاذ هيكل آخر من زار الشناوى يوم رحيله، بمستشفى الكاتب بالدقي، زاره مرة في الصباح، ثم عاد مرة أخرى ليطمئن عليه في المساء، وسأله وهو داخل خيمة الأكسجين عن موعد خروجه من المستشفى فأشار كامل بأصبعه بعلامة النفي.. وبعدها بـثلاث ساعات، وتحديدا في الواحدة من صباح يوم الثلاثاء 30 نوفمبر سنة 1965 أسلم كامل الشناوى الروح عن عمر يناهز 57 عامًا.
صورة الغلاف بريشة الفنان: سعد الدين شحاتة