منوعات

محمد عودة في حضرة العميد طه حسين

الكاتب الصحفي الكبير والمؤرخ الفذ الأستاذ محمد عودة له مواقف مع أستاذ الأجيال عميد الأدب العربي الدكتور طه حسين، رواها بقلمه وبكل فخر واعتزاز في حلقات “التكوين” البديعة (6 حلقات) التي دعاه إلى كتابتها الصحفي الكبير الأستاذ مصطفى نبيل رئيس تحرير مجلة ” الهلال” الشهرية.

في البداية يحكي محمد عودة أنه حين حصل على البكالوريا القسم الأدبي، بتفوق، يسمح له بالالتحاق مجانًا بالجامعة، كان السؤال المطروح عليه عائلياً يتعلق بمستقبله والكلية التي يلتحق بها، كانت ميول عودة تتجه به إلى كلية الآداب، ولكن ظروف العائلة التي كانت تئن تحت وطأة افلاس الوالد وخسارته الكبيرة في بورصة القطن جعلت البعض يشير عليه أن يتعامل بواقعية شديدة، وأنه لا لزوم للجامعة وأن هناك معهدًا جديدًا مدة الدراسة فيه عامين ويُخرِّج معاونين صحة، وأن من الأفضل الالتحاق به ليساهم في مسؤولية الأسرة التي يصعب أن تواصل تكاليف الجامعة.

 رفضت الأم بحسم، وكان مثلها الأعلى الذي دائماً ما تضعه أمام ابنها، هو ابن أخيها الأكبر، الذي واصل التعليم بمشقة وجلد، بعد أن فقد أبوه ثروته الطائلة وبدد كل شيء، وقد كافح الشاب حتى أصبح سفيرًا في الخارجية، واستعاد بعض الثروة، وكفل حياة محترمة لأبيه وأمه وشقيقته، بل وزوجة أبيه، الارستقراطية التي تشبثت بطريق حياتها كاملة ومن بينها تبني أسرة كاملة من الخدم السود الموروثين، يقول عودة: أصرت أمي على كلية الحقوق التي يتخرج فيها الوزراء والسفراء، وانحاز أبي إلى نفس الرأي ولكن بسبب آخر، فقد عاد إلى القرية واستغرق في منازعات عائلية حول الأرض، التي جار عليها أقاربه خلال طلبه العلم في الأزهر، وكان في حاجة إلى محامٍ “خاص” يستشيره، ويساعده في استردادها.

أما عودة نفسه فقد كانت رغبته الحقيقية هي الآداب ودراسة التاريخ، يقول: ذكر لي أحد من كاشفتهم برغبتي في دراسة التاريخ إني سوف أتخرج مدرسا في مدرسة الابتدائية ثم في دولة عربية، وأجمع المال من الدروس الخصوصية وأعود القرية لأشتري أرض ومواشي كما فعل “فلان”.

وأخيراً وجد عودة نفسه في كلية الحقوق، شدته في البداية دراسة القانون العام والقانون الدولي، “وكان أستاذ الدستوري مرحًا صريحًا يذكرنا دائمًا وعلانية أن مهمته هي أصعب المهام وأن علينا أن نساعده ونترفق به ولا ندقق في الأسئلة، وتعلمت منه أن الدستور ليس له جزاء، وأن الدستور البريطاني دستور غير مكتوب، ولكن لا أحد يجرؤ على المساس به. لأن الوعي العام يحميه، وأن الدستور الألماني كان الدستور المثالي صياغة وفقهًا، ولكن أطاح به هتلر بجرة قلم، لأنه افتقد هذه الحماية، وأن الدستور المصري ولد “ناقص عُمر” فكرًا ونصوصًا وأنه يتيم لم يجد بعد من يحميه.

ولكن الانخراط في دراسة القانون لم ينس عودة هوايته المفضلة وولعه بالدراسة في كلية الآداب. يقول: كنت أتسلل لأحضر محاضرات طه حسين في الأدب، وشفيق غربال في التاريخ، ولكن لم تحقق الكلية الوهم أو الحلم الذي كنت أتصوره، ولذلك دلفت قدمي إلى مكتبة الجامعة التي كانت مجاورة، وسرعان ما أحسست أنني أجد نفسي فيها أكثر مما أجدها في المدرج على الناحيتين، سواء في الحقوق أم في الآداب.

طه حسين

في المكتبة التقى عودة بأستاذ إنجليزي شاب، كان قد طلب كتابًا عن تشرشل الذي يبهر العالم يومئذ بخطبه البليغة “ليس لدي ما أقدمه لكم سوى الدم والعرق والدموع” وصموده في معركة الحياة والموت التي كانت تخوضها بريطانيا.

وفوجئ عودة بالأستاذ الانجليزي ينظر إلى الكتاب ثم يسأله: “آه تقرآ عن تشرشل” نعم. “يا للأسف”، وصمت وقال فجأة: “إنه أسوأ من هتلر” وزاد العجب ولم أرد. واستمر قائلُا “هل تريد أن تعرف حقيقة هذا الرجل؟ وأجبت بالإيجاب، وقال “حسنًا نلتقي هنا غدَا، والتقينا في اليوم التالي، وأحضر لي كتابًا بعنوان “المحافظون” صدر عن نادي الكتاب اليساري في بريطانيا.

يقول عودة: كان كتابًا سلس اللغة والأسلوب مثيرًا كل الإثارة، قلب تفكيري رأسًا على عقب، وعرفت ما لم أكن أعرفه أو أتوقعه وأن الشعب البريطاني نفسه مقهور، مستنزف ربما بأشد من أي شعب من شعوب الإمبراطورية، وعرفت أن الإمبراطورية مجرد ضيعة ملكية تملكها طبقة منعمة مترفة يموت من أجلها الملايين من البريطانيين، في سلسلة حروب لا تنقطع كانت ذروتها الحرب العالمية الأولى ثم الثانية الأشد هولًا بعد أقل من ربع قرن. لم يكن هناك فرق بين المحافظين البريطانيين وبين سلاطين المماليك أو السلاطين العثمانيين إلا في الأقنعة والمكياج الحضاري الذي يتمتعون به. وحوى الكتاب فصلا خاصاً عن تشرشل أشد “الإمبرياليين” تعصبًا، وعن رأيه في المصريين والسودانيين، حينما كان مراسلًا حربيًا في حروب المهدي.

وبعد أن توثقت العلاقات بينهما تعرف عودة إلى الدكتور مصطفى مشرفة خلا سهرة في منزل صديقه الأستاذ الإنجليزي، وكان الدكتور مشرفة عاش أكثر من عشرين عامًا في بريطانيا، ووصل إلى ما لم يصل إليه أحد قبله؛ إذ كان أستاذًا للأدب الإنجليزي في جامعات بريطانيا، وكان “مقعدًا” يتحرك بكرسي، ويتناول طعامه وشرابه بمساعدة زوجته الإنجليزية، “ولكنه كان ذا جاذبية طاغية إذا ما تكلم”.

الدكتور مصطفى مشرفة

انتهت السهرة وفي طريق عودته مع الدكتور مشرفة وزوجته سأله عودة: لماذا لا يعمل في قسم الأدب الإنجليزي في مصر مادام قد قام بذلك في بريطانيا، فقال “أنا لا أريد ولا أظنهم يرحبون، وهم يعرفونني جيدًا ويعرفون آرائي”، ثم قال: “لا تظن أنهم جميعًا مثل مضيفنا، هذا نموذج نادر، ولا أظنه محبوبًا بينهم، لولا كفاءته، وأنه يستطيع أن يحتل هذا المركز في أي جامعة، وطبعًا لا بد أن نعرف أن معظمهم يؤدون مهام أخرى غير التدريس، وأنهم جزء لا يتجزأ من السياسة البريطانية. ولهذا اخترت التدريس في معهد الصحافة؛ ربما نحتاج إلى أقلام تكتب في الصحف أكثر من حاجتنا إلى أدباء يجيدون شكسبير.

ربما كانت هذه هي الإشارة الأولى إلى أهمية الصحافة في تشكيل الرأي العام أمام عودة الشاب، وهو لا يعلم أنها ستكون مهنته التي سيبرع فيها في مستقبل الأيام، وقد وجد نفسه مدعواً إلى مشاركة الدكتور مشرفة في كتابة رواية عن مصر منذ ثورة 1919 حتى الحرب العالمية الثانية، وقال له: أنا من الذين يثقون أن هذه الحرب سوف تتمخض عن ثورة أكبر من التي أجهضت وأريد أن أكتبها بالعامية حتى يقرأها كل مصري أو تقرأ له. ولكنني كما ترى لا أستطيع التجوال، ما رأيك أن تساعدني في ذلك وأن نعمل معًا.

كان العرض مغرياً لشاب في مقتبل العمر ما يزال طالباً جامعياً، خاصة وأن العرض تضمن في الوقت نفسه سكناً مريحاً بفيلا الدكتور مشرفة، وتطورت العلاقات بينهما وازدهرت وأصبحت في فترة قصيرة جدًا، وثيقة حميمية، يقول عودة: بدا كأننا نعرف بعضًا من زمن بعيد، وبلباقة ورقة شديدة جعل منها صداقة متكافئة ورفع الكلفة لينادي كل منا الآخر باسمه الأول.

وبدأ العمل المشترك بيننا بداية مبشرة، وقدم لي كتابًا مختصرًا بالإنجليزية نشره في بريطانيا لإحدى دور النشر الكبرى هناك وبعنوان “مقدمة في تاريخ الشعب المصري”، وقال لي إن لديه مشروعًا طموحًا هو كتابة تاريخ الشعب المصري من وجهة نظر الشعب نفسه، وفي رأيه أنه لم يعتد على تاريخ شعب أو يشوه مثلما حدث للمصريين وأن كل المؤرخين، مصريين وأجانب، يكتبونه على أنه تاريخ الملوك والحكام منذ الملك مينا مؤسس الأسرة الأولى حتى محمد على مؤسس الأسرة الحالية، وقد آن الأوان لأن يكتب تاريخ الشعب بكل طبقاته وفئاته، الفلاحين والعمال والموظفين والمفكرين والمهندسين.. كل الذين صنعوا التاريخ بالفعل.

يقول عودة: “ولم يكن هناك مشروع أفضل يمكن أن أشاركه فيه بحماس”. وبدأنا العمل في الرواية التي كان يريد أن يكتبها بعنوان قصة ” الثورتين” أي ثورة 1919 التي اشترك فيها وكان عضوًا بارزًا في تنظيماتها “المسلحة”، والثورة القادمة التي كان متأكدًا لا يخالجه شك أنها قادمة، وكان علىّ أن أغوص وأتغلغل لكي أكتشف أشخاصها وبراعمها واحتمالاتها وأن نقوم بدراستها والتبشير بها معًا.

كانت الفجوة قد اتسعت بين محمد عودة وبين كلية الحقوق وتحولت إلى ما يشبه الانفصام وقلما كان يتردد عليها، يقول عودة: كنت قد انتهيت عن يقين أن ما ندرسه ليس القانون أو أصول العدالة ولكن شرائع وقوانين ونظم يفرضها المستعمرون والمستبدون والمستغلون لحماية سلطاتهم ومصالحهم على حساب الأغلبية العظمى، وإن مهمتنا هي فضحها واقتلاعها من الجذور، وكان هذا يعني البحث عن بديل والسير عبر أشق طريق يسلكه الإنسان.

وانضممت والتحقت وانتسبت وتسللت إلى كل التنظيمات والتيارات يمينًا ويسارًا، للاختيار المباشر، وتجادلت وتحاورت وتصادمت مع القادة والقواعد وانسحبت واستقلت واعتزلت، ثم حاولت من جديد، وفي نهاية المطاف لم أجد بدًا من الاعتراف أنني لم أجد نفسي في أي منها، وبنفس القدر خرجت موقنًا أن أحدًا منها لا يملك “السر” أو يستطيع التغيير ولا بد من انتظار “الخلاص” من طريق مجهول.

وفي رحلة البحث عن الذات أو عن يقين خرج عودة بإيمان خاص و”تكوين” مختلف، وانتهى إلى الإيمان واستعاد يقينه ورجع إلى ما نشأ عليه. وكان الدين متأصلًا عميق الجذور، يقول: غرسته أمي التي كانت توقظني بحنان شديد لأصلي الفجر معهم، والتي كانت تطلب إلىَّ أن أؤمها في الصلاة في غياب أبي، والتي كانت تصحبني إلى الدرس الأسبوعي الذي كان يلقيه شيخ جليل من أولياء الله الصالحين على سيدات الحي في إحدى زوايا الحسين، والذي كان يبشرها دائمًا بأن الله سوف يبارك لها فيِّ وأنني سوف أغدو ذو شأن.

ويذكر تلك الفترة من بحثه عن يقينه الخاص فيقول: كان بيتنا لا يخلو أبدًا من المشايخ الذين يذاكرون مع أبي، ويصلون جماعة ويرتلون القرآن والأوراد، ويشيعون البركة والخير كما كان يقول، ورغم ذلك شككت وألحدت ووقفت على السور مع “الغنوطين” كما يسمون ثم قررت التعرف على كل الأديان بلا استثناء وهيئ لي لبعض الوقت أنني انتهيت إلى البوذية ولكن لم ألبث أن رجعت إلى ما نشأت عليه، وبعد إعادة اكتشافه واعتناقه بالعقل والالهام، أشرق نور الحقيقة، وآمنت أن الإسلام يمجد الإنسان، وأن الله اختاره خليفته على الأرض، وأمر الملائكة أن يسجدوا له. وفي ظل الإسلام كل الناس سواسية كأسنان المشط لا فضل لعربي على عجمي إلا بالتقوى. والإسلام دين خلاق متطور، لا اجتهاد فيه في العبادات ولكن الاجتهاد متصل في المعاملات وأن الناس أعلم بشؤون دنياهم.

ولم يحل ذلك دون وعيه اقتناعه واعتناقه لجدل “الصراع الطبقي”ـ وأن التاريخ هو صراع دائم متصل بين طبقات ظالمة، وبين طبقات مظلومة مقهورة، وأن الإقطاعيين خلعوا الرأسماليين وأقاموا عالمهم، وأن الفلاحين والعمال سوف يخلعون هؤلاء بدورهم، ويضعون نهاية لهذه الحرب، وتقوم المدينة الفاضلة؛ حيث يسود العدل والرخاء ويصبح الإنسان رفيقًا وأخًا للإنسان.

في تلك الفترة نهل محمد عودة بغزارة من تراث ماركس وانجلز ولينين وستالين ثم من ماوتسي تونج، وهوشي منه وقد نضج وعيه باليسار أول ما نضج على الاشتراكية البريطانية، بفضل صديقه الإنجليزي ولذا رسيت عميقة وطيدة، في وعيه أن الديمقراطية هي الوجه الآخر للاشتراكية، ولا تقوم إحداهما بغير الأخرى أو على حساب الأخرى، وأن هذه مهمة عسيرة بل هي المعادلة الصعبة التي يعتمد علي حلها كل النجاح، وبهذا التكوين تبلورت لدي رؤية “مصر الاشتراكية” وأن ذلك مصيرها؛ سوف تكون اشتراكية خاصة، متميزة، تعكس كل عبقريتها وتراثها الروحي والحضاري، وتحل كل مشكلاتها حلولًا جذرية مصيرية.

في تلك الأثناء كان نموذج “المحترف” الثوري يجتذب محمد عودة، وتغريه صورة الرجل الحديدي وطليعة الحزب الحديدي، الذي يعيش ويموت من أجل الثورة في أي لحظة، يقول: ذات يوم فاجأني أحدهم قائلَا هل يمكن أن تقضي على “عدو طبقي” إذا لحقت بذلك؟، وأفقت على السؤال، واكتشفت أن كمية الحديد والعنف “الثوري” لديًّ لا تؤهلني. فضلًا عن أن النماذج “المحلية” التي رأيتها لم تكن مشجعة. ورأيت أن المحاماة هي أقصى ما أصبحت أتطلع إليه وأن تكون مهمتي هي الدفاع عن الحقوق المغتصبة أو المهدرة.

في تلك المناخات كان لقاؤه الأول مع الدكتور طه حسين. كان عودة يواظب على حضور محاضرات الدكتور طه حسين في الجامعة وخارج الجامعة وكان قد قرأ بإعجاب شديد كل كتبه ودراساته ومقالاته، خاصة وقد بعد كتابه الشهير “المعذبون في الأرض”.

وذات يوم، كان الدكتور طه حسين يلقي محاضرة في الجامعة الأمريكية، ووجه محمد عودة إليه سؤالًا بعد المحاضرة، أجاب عليه العميد إجابة مستفيضة واعتبره أهم سؤال وجه إليه، ولكنه كعادته اختتم الإجابة الساحرة بنهاية لاذعة أثارت ضحك كل الحضور.

بقول عودة: خلال الانصراف جاءني رسول يقول إن الدكتور يريد أن يراك، ففرحت فرحًا غامرًا، وذهبت فصافحني مبتسمًا وقال: هل أنت غاضب؟، وقلت: أنا سعيد وفخور أن أصافحك وأقابلك؛ واقترب قليلًا وقال لي بصوت منخفض: هل أنت شيوعي؟ وقلت له بصوت مسموع: لا أنا اشتراكي ديموقراطي يساري، وتأكيدًا قلتها بالفرنسية.

وضحك وسألني عن اسمي وأحوالي – وطمأنته. وقال لي مودعًا: “خد بالك من نفسك”. وانتهى كل شيء.

ثم كان لقاؤه الثاني مع العميد بدعوة منه وفي بيته، يقول عودة ذات يوم قال لي الدكتور مصطفى: إننا مدعوان لتناول الشاي مع الدكتور طه حسين وبالطبع تصورت أنني سوف أصحبه كمجرد مرافق، ولكنه فاجأني بأني مدعو بالاسم. ويصف الزيارة المفاجئة فيقول: وكانت أقرب إلى الذهاب إلى “مزار” مهيب، ودهشت كل الدهشة حينما ذكرني بالاشتباك الذي دار بيننا أمام الحاضرين، وكانوا نخبة رفيعة من المصريين والأجانب واستبقانا الدكتور بعد انصراف الباقين. ودارت مناقشات من نوع آخر بعد أن ارتفعت الرهبة وروى له الأستاذ عودة “أنني في السنة النهائية وأنني لا ألقى اهتمامًا بالمذاكرة أو الليسانس”. وقال الدكتور: “لا .. تنتهي من الحقوق ثم نرى، ربما تسنح لك فرصة السفر إلى فرنسا مثلاً لتتعرف إلى الاشتراكية على أرضها”. وخرجت وانتظر الدكتور مشرفة بعض الوقت ولحق بي وقال: هذا رجل مكشوف عنه الحجاب يرى الناس من الداخل قبل الخارج.

وفي اليوم التالي جاءني رسول يخبرني أن الدكتور طه قد رتب لي منحة دراسية لكي أتفرغ للمذاكرة والحصول على الليسانس، وغمرني هذا العطف وشعرت بعرفان عميق بالجميل، ظل معي طوال حياتي وشعرت أنني مكلف تكليفًا لا يرد ولا بد أن أوفيه هو الحصول على ليسانس القانون.

ولكن القدر كان يرتب له مقادير أخرى، يقول: تخرجت وكان ترتيبي بين العشرة الأواخر ولم أفكر في السفر إلى الخارج وقررت أن أعمل بالمحاماة. سوف أعود إلى البلد، وأمارس المهنة هناك، وكتبت خطابًا إلى الدكتور طه حسين أخبره بما انتهيت إليه، وسافرت إلى فاقوس.

محمد حماد

كاتب وباحث في التاريخ والحضارة

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة Adblock

برجاء دعمنا عن طريق تعطيل إضافة Adblock