حذر مكتب المفتش العام، التابع لوزارة الدفاع الأمريكية، في تقرير صدر أمس الأثنين 5 نوفمبر من أن الظروف الآن مواتية تماما لبعث جديد لتنظيم الدولة الإسلامية في كل العراق وسوريا، حتى مع اندلاع أعمال عنف جديدة بين القوات التركية والقوات المدعومة من الولايات المتحدة الأمريكية التي تقاتل العناصر المسلحة في المنطقة.
وذكرت مجلة فورين بوليسي الأمريكية، في تقرير بعنوان Watchdog Warns of Islamic State Resurgence أن تنظيم الدولة الإسلامية كان قد فقد الجزء الأكبر من المناطق التي سيطر عليها بعد أن اجتاحت قواته العراق وسوريا في عام 2014، “لكن المفتش العام حذر من أنه في ظل عدم تحقق أي تقدم على مستوى الأمن والاستقرار والحكم في البلدين، فإن تنظيم الدولة سيكون قادرا على العودة في وقت قريب”.
وتؤكد المجلة الأمريكية أن هذا التحذير يأتي على خلفية تجدد أعمال العنف في الأجزاء الشمالية من سوريا بين تركيا وميليشيات وحدات حماية الشعب الكردية، التي تشكل العمود الفقري للقوات الديمقراطية السورية المدعومة من الولايات المتحدة الأمريكية التي تقاتل تنظيم الدولة الإسلامية في سوريا التي مزقتها الحرب.
تنسيق أمريكي تركي
وفي محاولة لنزع فتيل هذه التوترات، اتفقت الولايات المتحدة الأمريكية وتركيا قبل عدة أشهر على القيام بدوريات مشتركة حول مدينة منبج على الضفة الغربية لنهر الفرات. لكن، مع بدء الدوريات في الأسبوع الماضي، أعلنت تركيا عن هجوم جديد ضد الأكراد على الضفة الأخرى من النهر.
أجبر هذا الهجوم القوات الديمقراطية السورية يوم الأربعاء الماضي على تعليق مؤقت لحملة ضد تنظيم الدولة بالقرب من الحدود العراقية، وفقا لما كتبه الكولونيل شون رايان، المتحدث الرسمي باسم التحالف الذي تقوده الولايات المتحدة الأمريكية لقتال داعش، على تويتر في اليوم التالي.
وبينما ثارت في البداية بعض التساؤلات حول ما إذا كان انطلاق الدوريات المشتركة سيتأخر بسبب الهجمات، انطلقت الدوريات فعليا في 1 نوفمبر.
وفي يوم الجمعة 2 نوفمبر، تحدث كل من وزير الدفاع الأمريكي، جيمس ماتيس، والجنرال جوزيف دونفولد، رئيس هيئة الأركان المشتركة، على الهاتف مع نظيريهما التركيين حول الوضع في سوريا والدوريات المشتركة الأولى.
وفيما يتعلق باتصال ماتيس مع وزير الدفاع التركي، خلوصي آكار، قالت دانا وايت، المتحدثة باسم وزارة الدفاع الأمريكية: “اتفق القادة على أن الدوريات المشتركة الأولى التي انطلقت أمس في شمال غرب منبج كانت خطوة مهمة نحو تخفيف حدة التوتر على طول الحدود، والحفاظ على الأمن والاستقرار في المنطقة”.
العمل تحت الأرض
ويؤكد تقرير المفتش العام أن حالة عدم الاستقرار التي تشهدها المنطقة في الوقت الراهن يمكن أن تسهم بقوة في عودة ظهور تنظيم الدولة الإسلامية من جديد؛ “فبرغم أن الجماعة المسلحة فقدت كل الأراضي التي كانت تسيطر عليها في العراق، إلا أنها نجحت في الانتقال إلى العمل تحت الأرض، وبدأت تمارس نشاطاتها كجماعة متمردة في هذا البلد”.
وفي سوريا، كان تنظيم الدولة قد فقد 99% من الأراضي التي كانت خاضعة لسيطرته، لكنه واصل عملياته “كقوة مهجنة”. ونظرا لأن أغلب عناصر مقاتليه من سوريا أو العراق، فقد ساعد ذلك التنظيم على مواصلة العمل تحت الأرض وتدشين عملياته سرا كجماعة متمردة، وفقا لما ذكره التقرير الذي يغطي الفترة من 1 يوليو إلى 30 سبتمبر.
ويثير التقرير أيضا تساؤلات حول ما إذا كانت القوات الأمريكية ستحتاج إلى البقاء في العراق على المدى الطويل. في هذا السياق، يقول التقرير إن الأمر سيستغرق “سنوات، وربما عقود” حتى تتمكن قوات الأمن العراقية من محاربة تنظيم الدولة دون دعم من التحالف. وقد أخبر العديد من المسئولين الأمريكيين المفتش العام بأن القوات الأمريكية يمكن أن تبقى في البلاد طالما أن القوات الإيرانية وحلفاءها يعملون في المنطقة، وهو ما يعكس سياسة جديدة يقترحها مستشار الأمن القومي الأمريكي، جون بولتون.
كما يشير التقرير إلى أن الجهود الإنسانية التي تركز على دعم وإعادة توطين النازحين في كلا البلدين تواجه في هذه الأثناء عقبات كثيرة، تتضمن التوترات الطائفية والأجهزة المتفجرة التي خلفتها الحرب، وغيرها.
التمدد في الفلبين
وشدد تقرير منفصل صدر عن المفتش العام في 5 نوفمبر على أن هناك زيادة لافتة في نشاط تنظيم الدولة الإسلامية في الفلبين. كان فرع التنظيم الذي يعمل في الفلبين قد اتجه إلى هناك بدون قيادة موحدة، أو هيكل قيادة بعد أن نجح الجيش الفلبيني – بمساعدة أمريكية – في فك حصار قام به مئات من المسلحين، الذين أعلنوا ولاءهم لتنظيم الدولة، على مدينة ماراوي في منتصف عام 2017. “لكن بعض الفصائل التابعة للتنظيم قامت بتنفيذ أعمال عنف متفرقة خلال الشهور الثلاثة الأخيرة، تضمنت تفجير انتحاري”، بحسب التقرير.
ويقدر مسئولون أن حوالي 500 مسلح قد نشطوا بشكل لافت خلال الأشهر الثلاثة الأخيرة، بعد أن كانت أعدادهم لا تتجاوز 200 مقاتل في الصيف الماضي. وبينما عاد أكثر من 320 ألف مواطن إلى منازلهم في ماراوي، والقرى المنتشرة حولها، منذ اجتياح قوات تنظيم داعش المدينة قبل نحو 18 شهرا، يؤكد التقرير أن 70 ألفا لا يزالون في عداد النازحين، فضلا عن أكثر من 100 ألف طفل لم يتمكنوا من العودة إلى مدارسهم.