«ودانا لشالا .. عزتنا ما شالا .. نحن البلد خيره .. وخلاصه من حاله .. مستقبل أجيالا .. من منفى لمنفى .. زنزانة زنزانة .. مشي شعبنا معانا .. في الشدة تلقانا .. يا رفاقى في كوبر .. أنتم لنا علماً .. ألوانه زهرية .. ألوان مدتنا .. بصمود وثورية .. في الشارع والرجاف .. مثل الصقور نحنا .. بصمودنا نتحدى .. الكوز والمحنة” .. من قصيدة للشاعر السودانى “محجوب شريف»
«الطلقة ما بتحرق .. بيحرق سكات الزول .. الطلقة ما بتقتل .. بقتل سكات الزول» من قصيدة لا يعرف بالتحديد من صاحبها.
أهو الفن الذى يشعل الثورات، أم أن الثورة هي التي تحيي الفن؟ في الشارع السوداني المنتفض بحثا عن الكرامة والحرية، عادت قصائد الشعر تتردد غناءا وهتافا، «الطلقة ما بتقتل.. بيقتل سكات الزول» هذا الهتاف الذى يتردد في أرجاء الشارع السوداني هو بيت شعر من قصيدة لا يعرف بالتحديد من صاحبها، إذ أن هناك أكثر من شاعر ينسب هذه القصيدة لنفسه ومن بينهم الشاعران زهير الشامي ووئام كمال، إلى جانب الشاعر «عزام التوم»، والذي قيل إنه كتبها خلال إنتفاضة السودان عام 2013، بينما ثمة رواية أخرى تقول إنها لشاب سوداني رهن الاعتقال حاليا.
وقصيدة «ودانا لاشالا .. عزتنا ماشالا» للشاعر السودانى محجوب شريف التى تغنى بها أهالى السودان موخرا، ورددها أهالى عروسين خلال حفل زفاف، على طريقة الثورة المصرية في يناير 2011، إحتفالا بالعرس ومشاركة بأحداث الانتفاضة. كتبها الشاعر محجوب شريف حين كان معتقلا بالسجن، و«شالا» هو سجن شديد القسوة بالسودان، يحتجز فيه المعتقلون الخطرون من وجهة نظر الحكومات السودانية المتعاقبة، وهو يشبه في قسوته سجن «أبو غريب» الذى استخدمه الأمريكان ضد العراقيين خلال الغزو الأمريكي للعراق.
عودة الفجر الحالم، الذى وعد بها شاعر الملحمة السودانية هاشم صديق، هو ما يسعى السودانيون إليه، عودة فجر الكرامة والحرية، والإيمان بقدرة الشعب على الإنتصار، ما دعاهم لإحياء أنشودة الشاعر السودانى محمد المكى إبراهيم، والتى كان قد تغنى بها الفنان السوداني محمد وردي، «إننى أؤمن بالشعب .. حبيبي وأبي .. وبأبناء بلادي الشرفاء .. الذين أقتحموا النار .. فصاروا بيد الشعب مشاعل .. وبأبناء بلادي البسطاء .. الذين انحصدوا في ساحة المجد فزدنا عددا .. وبأبناء بلادي الشهداء .. الذين احتقروا الموت .. وعاشوا أبدا»
لكن ما هى قصة الفن والثورة في السودان؟
المتتبع للعلاقة بين الفن والثورة في السودان سيقف كثيرا أمام إسهام الفنان «محمد الأمين حمد النيل»، فالتعرف على مسيرة هذا الفنان، يكاد يكون تعريفا بالعلاقة بين الفن وتاريخ الثورة في السودان حديثا.
هذا الفنان الذى ولد فى فبراير من عام 1940، بمدينة ودمدنى بالجزيرة بالسودان، والذى منحته جامعة النيلين درجة الدكتوراه الفخرية (2010)، كانت تجربته الفنية محل دراسة من قبل بعض طلاب الدراسات العليا بالجامعات السودانية. تعّلم محمد الأمين فن العزف على العود منذ صغره، وأهتم بالتلحين والغناء معا، فقام بتلحين كل أعماله، كما لحن لعدد كبير من المطربين السودانيين.
وقد بدأت شهرة محمد الأمين حين دعته الإذاعة السودانية بأم درمان، فى أعقاب ثورة السودان «أكتوبر 1964»، لأن يشارك في حفل نظم خصيصا للإحتفاء بالثورة على المسرح القومى بأم درمان. فأنشد العديد من الأغانى الوطنية التى تمجد أحداث الثورة ،وكان منها أنشودة «من دم قرشى وأخوانه .. في الجامعة أرضنا مروية .. من وهج الطلقة النارية .. أشعل نيران الحرية .. بارك وحدتنا القومية» وهي من كلمات الشاعر فضل الله محمد الذى كتبها وهو داخل معتقل السجن الحربى. ومن تأليف ذات الشاعر أنشد محمد الأمين، «المجد للآلاف تهدر في الشوارع كالسيوف .. يدق زحافها قلاع الكبت والظلم الطويل .. المجد للثوار المجد للإصرار.. لليوم العظيم»، ولذات الشاعر غني الأمين «أنشودة شهر عشرة».
كما لحن وغنى محمد الأمين أنشودة «مساجينك» كلمات الشاعر محجوب شريف، (1948- 2014) الذى أشتهر بقصائده المطالبة بالحرية، والذي تعرض للإعتقال على يد جعفر نميري وحكومة الإنقاذ في 1989. «مساجينك مساجينك مساجينك .. تغرد في زنازينك .. عصافيرا مجرحة بى سكاكينك .. نغنى ونحن فى أسرك .. ترتجف وأنت في قصرك .. سماواتك دخاخينك .. مساجينك مساجينك مساجينك».
الأمين متعدد المواهب
لم يغن محمد الأمين للثورة فقط، ولكنه غنى وتغنى بقضايا وطنه السودان على إختلافها، غنى لدارفور عند الحرب، أنشودة «بدنا دارفور» للشاعر معاوية السقا. كما كانت له إسهامات بارزة في مجال الأغنية العاطفية، حتى أنه غني للشاعر نزار قباني «تقولين الهوى». كما أولى إهتماما خاصا بالأغنية التراثية، التى أعاد تلحينها وغناءها بطريقته الخاصة، الأمر الذى عرضه لبعض النقد من قبل من يرون ضرورة الحفاظ على التراث السوداني كما هو دون أى تدخل.
ويروي المفكر والمؤرخ السوداني الدكتور محمد سعيد القدال، عن مدى تميز وإبداع محمد الأمين فى مجال الأنشودة الوطنية، عبر سرد تجربه إعتقاله مع محمد الأمين بعد إنقلاب هاشم العطا (1971)، حيث ضمهما «سجن كوبر» مع محمد وردي فيقول: «ما أن كان أمين ووردي يبدآن في الغناء حتى تهتز جنبات السجن، بل إن صوتهما كان يمتد إلى خارج أسوار السجن، فيقف المارة لسماعهما وهما خلف القضبان».
الملحمة السودانية
أما الأنشودة الملحمية فتعد العمل الأبرز على الإطلاق لمحمد الأمين، وهى في ذات الوقت تعتبر أهم عمل ملحمى عرف في تاريخ الفن السوداني، والذى عرف «بالملحمة» أو «قصة ثورة» وهي كلمات الشاعر السودانى هاشم صديق، والذى يتجاوز عمره وقتها الحادىة والعشرين. في هذه الملحمة يروي هاشم صديق، قصة ثورة أكتوبر 1964، وقام بتلحينها وغنائها محمد الأمين، وشاركه الغناء خليل إسماعيل، وأم بلينة السنوسى، وبهاء الدين عبد الرحمن، وعثمان مصطفى، لتبقى قصة خالدة ترددها الأجيال التالية، ذلك اللحن البديع المشحون بالثورة والعزة والحماس والذي مازال قادرا على أن يهز وجدان مستمعيه.
«لما الليل الظالم طول .. وفجر النور من عينا اتحول .. قلنا نعيد الماضى الاول .. ماضى جدودنا الهزموا الباغى .. وهدوا قلاع الظلم الطاغى .. وفي ليلة وكنا حشود بتصارع .. عهد الظلم الشب حواجز .. شب موانع .. جانا هتاف من عند الشارع .. قسما قسما لن ننهار .. طريق الثورة هدى الأحرار .. والشارع ثار .. وغضب الأمة أتمدد نار» ويختتم شاعر الملحمة «لما يطل في فجرنا ظالم .. نحمى شعار الثورة نقاوم .. ونبقى صفوف تمتد وتهتف .. لما يعود الفجر الحالم».
في واحدة في الفيس اسمها وئام كمال تنسب قصيدة الطلقة مابتحرق اليها
https://www.facebook.com/100000938090096/posts/2451037694937476/
ده رابط الصفحة علي الفيس بوك
شكرا لهذه الملحوظة القيمة … وقد بحثت بالفعل في ذلك الموضوع والغريب فى الأمر أننى قد وجدت أكثر من شخص قد نسبت له القصيدة ونسبها البعض لأحد المعتقلين السياسيين بالسجون السودانية، دون ذكر أسمه … وقد عدلت مقدمة المقالة بناء على تلك الملحوظة … شكرا جزيلا للإهتمام