في ندوة أقيمت بالمركز الدولي للكتاب، احتفلت الشاعرة «أمل جاد الرب» بصدور مجموعتها الشعرية الثانية «ينتزع أجزاءها لتعترف»، بحضور الناقد والشاعر عاطف عبد العزيز، الشاعر والناقد أسامة جاد، وقدمت وقدمتها الروائية والكاتبة الصحفية سامية بكرى التي أشارت إلى أن هذا هو الديوان الثالث للشاعرة والتي كتبت شعر العامية ثم قصيدة التفعيلة. وقالت إن قصيدة النثر هي التطور الأخير في المسيرة الشعرية لأمل جاد الرب، التي وصفتها بأنها شاعرة مخلصة للقصيدة الجيدة، لا يهمها الكم بقدر ما يهمها أن تخرج أوجاعها وهمومها، العام منها والخاص.
وأضافت أن أمل تنتمي في شعرها إلى جيل من الشعراء يحترم الكلمة الحقيقية والمشاعر غير المزيفة، حاولت أن تقترب في ديوانها الأخير بقدر الإمكان، ليس فقط من هموم المرأة والشاعرة، بل من الهم الإنساني بشكل عام.
كانت رسالتك الأولى
لا أنام حتى أمتلىء بك
ولا أصحو حتى تمتلىء بي
وكانت رسالتى الأخيرة
لا أنا.. ولا أصحو
أعتبر الناقد والشاعر عاطف عبد العزيز، إن الفقرة السابقة لم تكن مجتزأ من قصيدة، بل كانت قصيدة مستقلة، اختارت لها الشاعرة عنوانا مختصرًا هو «رسالتان». وقال إن الشاعرة محقة في ذلك كل الحق، لأننا حين نتأمل تلك القصيدة سنجد أنفسنا إزاء قصيدة مثالية تكتفي بنفسها، ربما لو اكتفت بها الشاعرة لأغنتها عن ديوان كامل، فهي صالحة لأن تكون بوابة ضمن بوابات أخرى، لدخول عالم هذا الديوان، كما أنها شهادة على الموهبة.
وأضاف «عبد العزيز» يقول «إننا في هذا اليوان أمام كتابة نسوية بأمتياز، وهو طراز من النسوية المحلية «إن جاز التعبير»، وأعنى تلك النسوية المجهضة مهيضة الجناح، النسوية التي عرفناها في ربات بيوتنا اللاتى يقفن أعمارهن في خدمة من حولهن، فيما تبقى تلك النسوية مقموعة الرغبات والأشواق، ولا أعرف لماذا ذكرني جانب كبير من هذا الديوان بذلك الصنف من الدراما التليفزيونية الأمريكية، التي أطلق عليها بعض النقاد مصطلح: «دراما الصابون»، والتي كانت خصيصا لربات البيوت هناك تزجية لأوقاتهن».
غير أن الأمر هنا جد مختلف – كما يرى عب العزيز -، فلسنا أمام شعرية صابون صنعت لتزجية الوقت، كما يمكن أن يتبادر إلى الذهن، وإنما نحن بإزاء نص صنعت من أجلل نكء الجراح التي اندملت على قبحها.
ذراعان ماكرتان أيضا
حين تحتضانك
تدعيان أنهما تربتان على روحك
وهما تستوليان على المشاعر الرائقة
وأشار “«عبد العزيز»، إلى أنه يمكن التقاط جوهر الأزمة التى تعانيها الذات الشاعرة في تلك الفقرة، إذ أن التضحيات الهائلة التي تبذلها من أجل البيت وأهله، لا تقابل بالتقدير والمحبة والحنان التلقائي، بل ثمة ما يشير إلى لامبالاة الطرف الآخر بما يلجيء الذات الشاعرة إلى اختلاس المحبة اختلاسا. وقال إن قصائد الديوان تتوزع بين منزعين، أولهما مايدور حول النسوية المجهضة لدى ربات البيوت، والمنزع الثانى رومانسي حالم يهيم في فضاء عمومي، لا يجسد أشواق الأنثى على نحو مطلق، إذ تبدو من خلاله الذات الشاعرة بلا ملامح محددة وهي تتحرك منفلته من الزمان والمكان،
https://www.facebook.com/tasbeeh.walid/videos/2533517810024889/?t=3
أما الناقد أسامة جاد، فقال إن القارىء لديوان أمل جاد الرب «ينتزع أجزاءها لتعترف»، يجد ثلاثة محاور مركزية تقوم عليها نصوص الديوان.. أحد تلك المحاور ذو طابع نسوي نوعا ما، يجسد مأزق المرأة المعاصرة، زوجة، وأما، بين شعورها بواجباتها اليومية تجاه الزوج والأبناء، وبين حاجاتها الفردية باستعادة الحياة الحالمة المبهجة التي خلت من أعباء الواجب ومن روتينية اليومي المكرور، بحيث يكون النص الشعري هروبا من حالة الوجع اليومي إلى انفتاح الحلم.
أما المحور الثاني – يضيف جاد- فهو المحور الرومانسي الحالم الذي يستعيد لحظات الشغف الأولى، أو هو يداعبها بمنطق الأحلام، وهو محور يترتب بالضرورة على مركزية المحور الأول في واقعيته الخشنة، وفي حضوره الدائم..لكن المحور الثالث أكثر أهمية، بمنطق شعري، وهو محور التجريب الأدائي في النصوص الشعرية، وهو الذي يتجلى في مشهديات تستخدم تراسل الحواس، وأنسنة الأشياء، والبحث عن المفارقة بمنطق لغوي (مجازي/ أدائي) وبمنطق معيش، وهو ما يتجلى في نصوص متنوعة من الديوان، وبالخصوص في النصوص الأخيرة منه.
https://www.facebook.com/tasbeeh.walid/videos/2533531430023527/?t=984
غير أن ما يستدعي الإشارة بشكل رئيس في هذا الديوان، كما يقول أسامة جاد، فهو تداولية العلاقة بين الدال والمدلول، تلك التي تعتمد اليقين الساكن كمركزية للجدل بين الواقعي والشعري.
واختتم «جاد»، بأن الديوان يطرح جماليات فنية متنوعة، ربما يحد من متعة تلقيها بعض هنات النحو ومساحات الأداء التفسيري للجملة الشعرية، ما يشي بنوع من الصنعة الأدائية التي ينبغي التخلص منها.