ترد أنباء عن «مقتل» زعيم تنظيم «داعش» أبو بكر البغدادي في عملية للقوات الخاصة الأمريكية. لكن هذه ليست المرة الأولى التي ترد فيها تقارير مشابهة. فهل تكون هذه المرة الأخيرة وتنتهي قصة مطاردة البغدادي الطويلة؟
منذ تأسيس تنظيم «داعش» في عام 2014، لم يظهر زعيم التنظيم، أبو بكر البغدادي، سوى مرتين. الأولى في فيديو مسجل عند إعلان تأسيس «خلافته»، والثانية في فيديو آخر بعد نحو شهر من انتهاء «الخلافة».
فآخر ظهور للبغدادي كان في شريط فيديو نشر في نهاية أبريل الماضي، في أول ظهور له بعد ظهوره العلني في تموز/يوليو 2014، أثناء الصلاة في جامع النوري الكبير في غرب الموصل، حين أعلن «الخلافة» وقُدم كـ«أمير المؤمنين» للخلافة المزعومة.
وخسر أبو بكر البغدادي المدرج في رأس قائمة كبار المطلوبين في العالم، «دولة الخلافة» التي أقامها لعدة سنوات، وبات يختبئ في سوريا، بحسب محللين.
تم استهدافه عدة مرات
وبعدما كان يتحكم في وقت ما بمصير سبعة ملايين شخص على امتداد أراض شاسعة في سوريا وما يقارب ثلث مساحة العراق، لم يبق من التنظيم سوى مقاتلين مشتتين عاجزين بأنفسهم عن معرفة مكان وجوده. وسرت شائعات كثيرة لم يتم تأكيدها عن مقتل «الخليفة» البالغ من العمر 48 عاماً، والذي رصدت الولايات المتحدة مكافأة قدرها 25 مليون دولار لمن يساعد في الوصول إليه.
البغدادي في آخر ظهور له
-
البكاء عند الجماعات الجهادية الحديثة (4)أكتوبر 14, 2020
-
المفاهيم المؤسسة للإسلام السياسي المتطرف: الاستحلال (5)سبتمبر 20, 2020
ونجا «خليفة داعش» من هجمات جوية عدة وأصيب مرة واحدة على الأقل، بحسب تقارير استخبارية، ومراقبين يؤكدون أيضاً إصابته بمرض السكري.
وأعلنت الاستخبارات العراقية في مطلع تموز/يوليو الماضي، مقتل نجل البغدادي حذيفة البدري في سوريا بثلاثة صواريخ موجهة روسية أصابت المغارة التي كان بداخلها. وقد أكدت وكالة أعماق التابعة للتنظيم وقتها مقتله.
وأحدث عملية لإستهداف البغدادي، كشف عنها مسؤول عسكري أمريكي ليل السبت/ الأحد (27 أكتوبر 2019) لمجلة “نيوزويك” الأمريكية، التي نقلت عن مسؤول بالبنتاغون أن قوات العمليات الخاصة نفذت العملية بعدما حصلت على معلومات استخبارات يُعتد بها. ولم ترد وزارة الدفاع الأمريكية (البنتاغون) على طلب تعقيب. فيما يستعد الرئيس ترامب لبيان بشا، الموضوع.
«نقطة حاسمة في حياته»
وولد البغدادي، واسمه الحقيقي إبراهيم عواد البدري، في العام 1971 لعائلة فقيرة في مدينة سامراء شمال بغداد. وهو متزوج من امرأتين، أنجب أربعة أطفال من الأولى وطفلاً من الثانية. ووصفته إحدى زوجتيه بأنه «رب عائلة طبيعي».
وكان البغدادي مولعاً بكرة القدم، ويحلم بأن يصبح محامياً، لكن نتائجه الدراسية لم تسمح له بدخول كلية الحقوق. أبدى أيضاً طموحاً للالتحاق بالسلك العسكري، لكن ضعف بصره حال دون ذلك، لتقوده الأمور في نهاية المطاف إلى الدراسات الدينية في بغداد قبل أن يصبح إماماً في العاصمة العراقية في عهد الرئيس السابق صدام حسين.
وكان دخوله إلى سجن بوكا الواقع على بعد عشرات الكيلومترات من الحدود العراقية الكويتية، نقطة حاسمة في حياته. فقد اعتقل البغدادي الذي كان شكل لدى اجتياح العراق في العام 2003 مجموعة جهادية ذات تأثير محدود، في فبراير 2004، وأودع سجن بوكا الذي كان يؤوي أكثر من 20 ألف معتقل.
من «دولة العراق الإسلامية» إلى «داعش»
وكان السجن يضم معتقلين من قادة حزب البعث في عهد صدام حسين وجهاديين سنة، وتحول في ما بعد الى «جامعة الجهاد». وقد أدرك الجيش العراقي بعد عشر سنوات أنه يواجه قادته السابقين من حقبة النظام السابق والذين انتقلوا الى صفوف تنظيم الدولة الإسلامية.
بعد إطلاق سراحه في ديسمبر 2004 لعدم وجود أدلة كافية ضده، بايع البغدادي أبو مصعب الزرقاوي الذي كان يقود مجموعة من المقاتلين السنة تابعة لتنظيم القاعدة.
وفي أكتوبر 2005، أعلنت الولايات المتحدة أن قواتها قتلت «أبو دعاء»، وهو اسم حركي كان يعتقد أن البغدادي يستخدمه.
لكن تبين أن هذا الأمر لم يكن صحيحاً، بما أن البغدادي تسلم مسؤولية «دولة العراق الإسلامية» في مايو 2010، بعد مقتل زعيمها أبو عمر البغدادي ومساعده أبو أيوب المصري في غارة جوية عند الحدود السورية العراقية.
وتمكن البغدادي بعد ذلك من تعزيز موقع الجهاديين في العراق. وتحت قيادته، أعادت هذه المجموعة تنظيم صفوفها، وتحولت في العام 2013 إلى تنظيم «الدولة الاسلامية في العراق والشام» (داعش)، بعدما استغل الجهاديون النزاع في سوريا المجاورة، قبل أن يشنوا هجومهم الواسع في العراق في السنة التالية.
وحتى اليوم، ورغم هزيمة التنظيم، لا يزال عناصره يتبنون اعتداءات في كل أنحاء العالم.
نقلا عن: DW