فن

هيثم أحمد زكي.. قسوة الحياة ودراما الرحيل

حالة من الصدمة والحزن الواسعين عمت الأوساط الفنية والثقافية والإعلامية وجمهور مواقع التواصل الاجتماعي في مصر، بعد الإعلان في الساعات الأولى من صباح الخميس (7 نوفمبر 2019) عن الوفاة المفاجئة والمحزنة للفنان الشاب هيثم أحمد زكي عن عمر ناهز 35 عاما، داخل شقته بمدينة الشيخ زايد غربي القاهرة، إثر هبوط حاد في الدورة الدموية، تاركًا لجمهوره تاريخًا فنيًا محدودًا وحالة إنسانية متفردة،  بالغة الوجع والدراما. فقد عاش هذا الفنان يتيما بعد وفاة والدته الفنانة الراحلة هالة فؤاد، وهو في عمر صغير، ثم وفاة والده النجم الكبير الراحل أحمد زكي بعد صراعه مع المرض، بينما كان يخطو أولى خطواته على طريق الفن، ليعيش هيثم حياته يتيما ويفارقها وحيدا.

حلم لم يكتمل

هذا الرحيل الدرامي المفاجىء للفنان الشاب، وضع حدا لحلم لم يكتمل لفنان كان يطمح في أن يواصل طريقه على درب مسيرة والده الفنية الفذة. فقد أخذ هثيم أحمد زكي الكثير من ملامح والده الشكلية، ولا سيما بريق عينيه المبهر، وبعضا من موهبته العفية، فأتقن أدوارا ومثلّها ببراعة، ولم ينجح في أخرى.

 وبينما ظلت والدته الراحلة بملامحها البريئة الطفولية وبرحليها المفاجئء المحزن أيضا، مصدر دعم وتعاطف إنساني كبيرين  له في مسيرة حياته بعد رحيلها، فقد كانت سيرة ومسيرة وتاريخ والده الفني على عظمته، عبئا على مسيرته الفنية، بعد أن وقع في مصيدة المقارنات الظالمة بين أدائه التمثيلي، وبين أداء والده الراحل.

لكن وفاته المفاجأة كانت صدمة حقيقية للجميع، حتى لمن لم يشاهدوا أعماله الفنية القليلة، أو لم يتفاعلوا معها، وكان مدهشا أن يرحل هثيم أحمد زكي في العمر نفسه الذي رحلت فيه والدته هالة فؤاد التي رحلت هي أيضا عن عمر يناهز 35 سنة، في دراما حقيقية مدهشة.

 رحل هثيم أحمد زكي دون أن يتمكن من تحقيق أحد أحلامه الفنية، وهو تقديم جزء ثان من فيلم «كابوريا»، الذي قام ببطولته الراحل أحمد زكي عام 1990، وشاركه فيه الفنانين رغدة، حسين الإمام، وسحر رامي، ومن تأليف عصام الشماع، وإخراج خيري بشارة.

https://www.facebook.com/sewarmisr/videos/406259360043360/?t=2

البداية حليم

كانت أولى الخطوات الفنية للفنان هيثم أحمد زكي في عام 2006، في فيلم «حليم»، والذي كان آخر أفلام الممثل الراحل أحمد زكي، حيث كان في مراحل مرضه الأخير وكان المطلوب تقديم حياة حليم في شبابه ليقع الاختيار على هيثم أحمد زكي، بسبب التشابه الكبير بينه وبين والده، رغم عدم وجود أي سابقة تمثيل له من قبل. وقام بالفعل هيثم بتأدية الدور الذي لم يجد ترحيبا كبيرا، إلا أنها كانت بداية قوية في فيلم من بطولة أحد عمالقة السينما المصرية والعربية.

لكن البداية الحقيقية له في السينما كانت في فيلم «البلياتشو»، الذي تم إنتاجه عام 2007، حيث أبدع فيه بأداء تمثيلي مبهر، وتعرض فيه لرسائل سياسية واجتماعية واضحة، إلا أن نقص خبرته الواضحة وعدم وجود دعم قريب منه أو نصائح من أشخاص لديهم خبرة، جعلت المشروع لا يتلقى الحفاوة الكبيرة رغم أهمية الرسالة التي يقدمها.

دوران شبرا

كان دوره في مسلسل «دوران شبرا» علامة مهمة في مشواره الفني القصير، حيث حصد هيثم زكي عنه جائزة أفضل ممثل شاب، رغم أن البطولة كانت على اسم الفنان محمد رمضان، ليؤكد هيثم اتجاهاته السياسية الواضحة في أعمال جادة لها هدف وقيمة وليس مجرد تجارة أو بحث عن الشهرة التي لم يكن يفتقدها. في هذا العمل أثبت هيثم أنه قادر على تقديم فن محترم يعيش ويدوم. كما استطاع أن يلفت الأنظار اليه مجددا في مسلسل «كلبش 2»، فيما كان آخر أعماله الفنية دوره في مسلسل «علامة استفهام» مع محمد رجب، لتنتهي حياته ومسيرته تاركا الكثير من علامات الاستفهام التي ستكشف الايام المقبلة عن إجاباتها.

اقرأ أيضا:

وحدة مميتة ورحيل مفاجئ

في أحد حواراته التليفزيونية تحدث هيثم زكي عن المعاناة التي يعييشها بسبب الوحدة واليتم بعد رحيل والديه، وهو ما كان يشعر به والده الراحل أحمد زكي الذي كان يعتبر أن كل الجمهور أهله. وعن سؤاله عن وجه التشابه في الابتلاء بينه وبين والده رد هيثم: «الوحدة». فهل هي الوحدة التي قتلته ليرحل في هذه السن المبكرة ودون سابق إنذار؟َ

 البعض أشار إلى تشابه لافت بين رحيل هيثم زكي ووفاة الراحل علاء ولي الدين، فكلاهما أنطفا نجمه في سن مبكرة، لكن الفارق بينهما هو أن علاء ولي كان يتمتع بصحبة وأهل ظلوا بجواره حتى مات، على عكس هيثم الذي ربما احتاج في لحظاته الأخيرة إلى شربة ماء ربما تنقذ حياته، فلم يجد من يقدمها له، ليموت وحيدا في بيته نتيجة هبوط حاد في الدورة الدموية كما أشار التقرير الطبي عن أسباب الوفاة. لكن المأساة لم تقف فقط عند حدود موته وحيدا. بل تخطتها إلى مراسم دفنه التي تأخرت بسبب عدم وجود أحد من أهله لاستلام جثمانه من المستشفى كما تقضى بذلك الأعراف  والقوانين في مثل تلك الحالات، وهو ما أضطر الفنان أشرف زكي نقيب الممثلين للتقدم بطلب لاستلام جثمانه من المستشفى بهذه الصفة، حتى يمكن أن يوارى الثرى!

لكن وحدة الموت والرحيل، قابلها  احتفاء واحتشاد لافت بعد الاعلان عن وفاته، فقد تسابقت الأوساط الفنية والإعلامية والجمهور العادي على نعي هيثم أحمد زكي، واتشحت مواقع التواصل الاجتماعي بعبارات الرثاء والعزاء في رحيله الموجع.. فقد وصفت نقابة المهن التمثيلية خبر الوفاة بأنه مفجع

https://youtu.be/Rgk-ZIXNwXs

كما نعى أحمد السقا، الفنان هيثم زكي عبر حسابه الرسمي بموقع التواصل الاجتماعي «فيسبوك» قائلاً: «البقاء لله ربنا يرحمك ياهيثم ويسامحك ويغفر لك كنت أجدع وأطيب الناس، أدعو له بالرحمة».

https://www.facebook.com/ahmedelsakaeg/photos/a.10152347589826180/10157881827161180/?type=3&theater

فيما كتب الإعلامي عمرو الليثي على حسابه على تويتر: «أنعي بمزيد من الحزن و الألم الأبن العزيز هيثم أحمد زكي وأدعو الله أن يغفر له و يرحمه وأن يسكنه فسيح جناته،وأن يجمعه مع والديه في الجنة وإنا لله و إنا اليه راجعون»

كما نعاه «أحمد فتحي» لا عب كرة القدم بالنادي الأهلي عبر حسابه على تويتر : « الله يرحمك ويدخلك فسيح جناته.. اللهم أبدله دارا خيرا من داره وتجاوز عن سيئاته.. اللهم آمين».

مشوار  فني قصير قطعه الفنان الراحل هيثم أحمد زكي قبل أن يتوقف قطار العمر في محطته الأخيرة، ليرحل وحيدا، تاركا وجعا كبيرا وحزنا عميقا في قلوب كل من أحبوه، سواء لشخصه أو حبا لوالده العظيم، أو وفاء لوالدته الرقيقة الجميلة، ومخلفا وراءه عددا صغيرا من الأعمال الفنية كانت حصيلتها 6 أفلام و8 مسلسلات.. رحم الله الفنان هيثم أحمد زكي.

 

 

Related Articles

Back to top button

Adblock Detected

Please consider supporting us by disabling your ad blocker