منوعات

ضريبة أن تكوني إمراة.. العنف السياسي ضد النساء في مناطق الصراع (1)

* رودابيه كيشي – مدير الأبحاث في مشروع «أماكن الصراعات المسلحة وبيانات الأحداث» (ACLED).
*ريبيكا توركينجتون – نائب مدير برنامج «المرأة والسياسة الخارجية» بمجلس العلاقات الخارجية.

*عرض وترجمة: أحمد بركات

خلال  هذا الشهر( نوفمبر 2019)، نشرت صحيفة نيويورك تايمز تقريرا إعلاميا مثيرا عن ظريفة غفاري، إحدى النساء القلائل اللاتي تبوأن منصب ’رئيس بلدية‘ في أفغانستان.

جاء هذا التقرير تحت عنوان مخييف يتسم بقدر من الرصانة والواقعية، وهو «Afghan Town’s First Female Mayor Awaits Her Assassination» (أول امرأة تتقلد منصب رئيس بلدية في أفغانستان تنتظر اغتيالها).

وفي لقاء أجرته معها الصحيفة قالت غفاري: «أعرف أنني سيتم اغتيالي»، قبل أن تتحدث عن حملتها «مدينة نظيفة.. مدينة خضراء» لمكافحة انتشار القمامة.

وتعتبر غفاري  واحدة ضمن آلاف النساء في جميع أنحاء العالم اللاتي يحملن أروحهن على أكفهن جراء المشاركة في العمل السياسي.

المرأة في مناطق الصراع

تمثل المشاركة السياسية للمرأة – خاصة في الدول الأكثر تأثرا بالصراعات – أولوية  متقدمة في السياسة الخارجية الأمريكية. لكن، على المدى القريب، يجب أن تأخذ الجهود السياسية التي تبذل في هذه المناطق بعين الاعتبار العنف السياسي واسع النطاق الذي يقوض قدرة المرأة على المشاركة الهادفة في جميع الممارسات السياسية، بما في ذلك مفاوضات السلام، وجهود مع بعد الصراعات لإعادة الإعمار، ونشاطات المجتمع المدني، وغيرها.  

في الواقع، لا توجد بيانات ممنهجة لرصد هذا التوجه، وهو ما دفع بمشروع «أماكن الصراعات المسلحة وبيانات الأحداث» (Armed Conflict Location & Event Data project) (ACLED) إلى تدشين مبادرة للقيام بذلك بالشراكة مع «مركز ستروس» التابع لجامعة تكساس.

وتؤكد البيانات المتاحة بوجه عام تعرض المرأة في جميع أنحاء العالم لموجات متصاعدة من العنف السياسي التي تستهدفها، سواء من داخل البلدان الأكثر تأثرا بالصراعات أو من خارجها، كما تؤكد أيضا على عالمية هذه الظاهرة.

وتسير مبادرة «الاستراتيجية الأمريكية المعنية بالمرأة والسلام والأمن» (U.S. Strategy on Women, Peace and Security)، التي أطلقها البيت الأبيض في شهر يونيو الماضي، في خط مواز مع قانون المرأة والسلام والأمن، الذي صدر في عام 2017، من أجل ترسيخ التأثير العميق الذي أحدثه هذا القانون على مشاركة المرأة في عمليات السلام والأمن.

 وبالفعل، تُظهر الأبحاث أن المشاركة الهادفة للمرأة في عمليات السلام والأمن تؤدي إلى تحسين نتائج هذه العمليات، وهو ما يؤدي بدوره إلى اتفاقات أكثر ديمومة ومجتمعات أكثر استقرارا. لكن مع تحول هذه الاستراتيجية إلى سياسات وممارسات على أرض الواقع، يكون الوقت قد حان لتقييم المخاطر المرتبطة بالمشاركة النسائية الفعالة على كافة المستويات.

الطموح السياسي للمرأة ومخاطره

يتمثل الفهم الكلاسيكي للمشاركة السياسية للمرأة في بحثها عن منصب، ومن ثم، تواجه النساء اللاتي يترشحن لمناصب قيادية عنفا موجها. ففي الفلبين، تم إطلاق النار على مرشحة للكونجرس من قبل مسلحين مجهولين في مانيلا، مما أدى إلى قتلها. وفي كولومبيا، سقطت طبيبة وناشطة في مجال حقوق المرأة – كانت تخطط للترشح في الانتخابات المحلية القادمة – قتيلة بعد أن تعرضت لأطلاق النار عليها من قبل مسلحين مجهولين، وفقا للمعلومات الواردة من منظمة Front Line Defenders. وفي المكسيك، انفجر كتاب مفخخ تم إرساله إلى عضوة في البرلمان المكسيكي بمجرد أن قامت بفتحه. ووفقا لأحد الشركاء المحليين في الصومال لمشروع «أماكن الصراعات المسلحة وبيانات الأحداث»، أسفر انفجار سيارة مفخخة عن إصابة برلمانية صومالية وموت حارسها الشخصي.   

ولا يتوقف استهداف المرأة عند حدود البرلمانيات، وإنما يمتد أيضا إلى عضوات الأحزاب السياسية والمؤيدات حتى اللاتي لا يشغلن مناصب رسمية. ففي اليمن، اقتحم أحد القادة الحوثيين برفقة مسلحين منزل رئيسة قطاع المرأة في المؤتمر الشعبي العام. وفي بورندي، تعرضت إحدى عضوات «الكونجرس من أجل الحرية» للضرب المبرح والاعتقال من قبل الجناح المسلح للحزب الحاكم، بعد ذلك تم نقلها إلى السجن واحتجازها بتهمة التنقل بين الأحزاب السياسية.

قد تشارك المرأة أيضا في التصويت كإحدى طرق المشاركة السياسية المباشرة، وهو ما يمكن أن ينتج عنه تعرضها للعنف. ففي الكونغو، قامت مجموعة مسلحة بمهاجمة قرية في ماسيسي، واتهمت سكانها بالتصويت لمرشحين غير مناسبين، وقامت المجموعة باغتصاب امرأتين على الأقل وقتل أخريات.

وفي نيجيريا، قام مسلحون مجهولون بانتزاع دعاية انتخابية، وقتل إحدى المصوتات في ولاية «ريفرز» أثناء الانتخابات التي أجريت في فبراير الماضي، وفقا لتقارير قدمها مراقبون عن مشروع Niger Delta Watch 2019، وهو مشروع مستقل لمراقبة الانتخابات. 

وفي حين أن التوترات بين الأحزاب السياسية قد تؤدي إلى تفاقم الوضع  فإن النساء اللاتي لا يشاركن بصورة مباشرة في «جانب واحد» لا يسلمن أيضا من الاستهداف، مثل عضوات فرق استطلاع الآراء. ففي الهند، قام الناكساليون الماويون – وهي جماعة أيديولوجية تخوض صراعا عنيفا في منطقة الممر الأحمر بالهند – بزرع لغم أرضي في طريق مركبة تقل عضوة في فريق لاستطلاع الآراء. وقد أسفر انفجار اللغم – الذي رافقه إطلاق النار على المركبة بصورة مباشرة – عن مقتلها.

من ناحية أخرى، تقع النساء اللاتي يشغلن مناصب حكومية أخرى ذات صلة بالعمل السياسي أيضا في مرمى النيران. ففي أفغانستان، أفاد مراقبو منظمة Front Line Defenders أن مسلحين مجهولين قتلوا مستشارة في الحكومة الأفغانية. وفي الفلبين، أطلق أربعة مسلحين النار على سيارة كانت تقل موظفتين في هيئة الجمارك مما أدى إلى إصابتهما بجروح.   

(يتبع)

*هذه المادة مترجمة. يمكن مطالعة النص الأصلي باللغة الإنجليزية من هنا ?

أحمد بركات

باحث و مترجم مصرى

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة Adblock

برجاء دعمنا عن طريق تعطيل إضافة Adblock