فن

توفيق الدقن.. الشرير خفيف الظل

هو الشرير الظريف و صاحب أشهر إفيهات في تاريخ السينما المصرية.. فمن منا ينسى «أحلى من الشرف مفيش – يا آه يا آه – ألووه  يا أمم – العلبة دي فيها إيه» وغيرها من  الإفيهات  التي علقت في أذهاننا وارتبطت بـ«شرير السينما» المصرية خفيف الظل «توفيق الدقن»، الذي أتقن أدوار الشر والكوميديا في آن واحد، فلا تخلو أدوار الشر التي قدمها على مدار تاريخه من خفة الظل، وقد نجح في أداء ادوار كثيرة مثل «البلطجي، والعربيد، والسكير، حتى ان بعض الناس كان يبتعدون عنه خوفا منه بسبب تلك الأدوار التي قدمها باقتدار.

ولد توفيق أمين محمد أحمد الشيخ الدقن، (1924 – 1988) في قرية هورين بمركز بركة السبع بمحافظة المنوفية، وسط ثمانية من الإخوة والأخوات، خمس بنات، وثلاثة أولاد، ولظروف خاصة بعمل الأب اضطر والد الفنان توفيق الدقن إلى السفر للصعيد وتحديدا  محافظة المنيا، وهناك انضم الدقن إلى فريق كرة القدم بنادي الشبان المسلمين.

https://www.facebook.com/Aswatonline/videos/809017572866472/?t=1

صدفة غيرت حياته

لم يكن توفيق الدقن يخطط لنفسه أن يعمل بالتمثيل، فقد كان يعشق كرة القدم، وكان واحدا من أهم اللاعبين في  فريق نادى الشبان المسلمين بالمنيا، لكن  القدر كان يخبئ له صدفة ستغير مسار حياته، وهى أن الفنانة روحية خالد كانت تعرض احدى المسرحيات في الصعيد، وفى أحد أيام العرض تغيب أحد أبطال المسرحية لظروف خاصة، مما سبب أزمة كبيرة لها، وكانت في ذلك الوقت تقف بالقرب من النادي؛ فوجدت أمامها توفيق الدقن الذى كان خارجا من النادي «منكوش الشعر»؛ فتوجهت مباشرة إليه وعرضت عليه العمل في المسرحية، لكنه رفض بشدة، وبعد إلحاح منها ومن المخرج فتوح نشاطي، وافق على سبيل التجربة، لكنه في الوقت نفسه كان متمسكا بعمله ككاتب حسابات في السكة الحديد.

وحدث ما لم يكن يتوقعه «الدقن»، فقد نجح نجاحا كبيرا في هذه التجربة، مما أثار إعجاب كل الموجودين به وتصفيقهم له؛ فأحب الدقن التجربة وأحب التمثيل، خصوصا بعد تشجيع الفنانة روحية خالد له ونصيحتها بأن يذهب إلى القاهرة لكى يعمل في الفن، فقرر الذهاب إلى القاهرة حيث عمل بالإذاعة، ثم التحق بمعهد التمثيل ليلتقي هناك بالفنان نجيب الريحاني. وفي واحد من المواقف الطريفة سأله الريحاني: لماذا الدقن؟ فأجابه الدقن: «زي ما سموك الريحاني»؛ فاغتاظ منه الريحاني ومن أجل ذلك تأخر قبوله بالمعهد.

مشوار طويل

احتل توفيق الدقن مكانة مميزة في قلوب الجمهور، كونه من الممثلين القلائل الذين نجحوا في المزج بين الشر والكوميديا. وتميز بمقولاته وقفشاته التي تلامس مشاعر المشاهدين. وقد تنوعت أدواره في السينما حيث بلغ رصيده السينمائي، 233 فيلمًا، أشهرها؛ «ابن حميدو» و«مراتي مدير عام» و«البحث عن فضيحة» و«سر طاقية الإخفاء» و«المذنبون» و«على باب الوزير»، إلى جانب مسلسلات تلفزيونية، أهمها؛ «أحلام الفتى الطائر» و«القط الأسود» و«غريب في المدينة»، والمسلسل الإذاعي «سمارة».

ورغم نجوميته وشهرته السينمائية فقد ظل المسرح هو العشق الأول للفنان توفيق الدقن، وقد قدم خلال مشواره الفني العديد من الأعمال المسرحية الناجحة من أهمها: «عيلة الدوغرى» و«بداية ونهاية» و «وسكة السلامة» و«المحروسة» و«الفرافير» و«عفاريت مصر الجديدة»، و«حسبة برما» و«الناس اللي تحت» و«خيال الظل» و«انتهى الدرس يا غبي».

 وعبر مسيرته الفنية شارك توفيق الدقن في عشرات الأعمال المسرحية والسينمائية والأذاعية لدرجة أن بعضهم وصفه بأنه أصبح آلة تمثيل. وحين سئل عن سبب مشاركته أعمال فنية كثيرة  ،وبعضها في أدوار لا تضيف له؟ قال الدقن إنه قبل بغالبية الأدوار التي عرضت عليه، حتى لو كانت مكررة، لأنه كان بحاجة للمال، لتسديد الالتزامات، والفواتير، مع أول كل شهر.كما كشف الدقن عن ما واجهه من صعاب ومشكلات في حياته المهنية، دفعته لقبول أدوار لم يكن راضيًا عنها.

وقد حصل الفنان توفيق الدقن على الكثير من الجوائز، لعل أبرزها؛ وسام العلوم والفنون للطبقة الأولى في العام 1956 من الرئيس جمال عبدالناصر، وكذلك وسام الاستحقاق، وشهادة الجدارة فى عيد الفن في العام 1978، من الرئيس السادات.

شرير بقلب أبيض

خلال البرنامج التلفزيوني «ممنوع من العرض» قال «ماضي الدقن» نجل الفنان الراحل توفيق الدقن أنه رغم اتقان والده لأدوار الشر، إلا أنه في الواقع كان يتسم بالطيبة الشديدة، وكان دائم النصيحة لزملائه وخاصة النصائح الدينية. ويضيف ماضي أنه: «كان لا يترك المصحف ولا يفوته فرض في أيامه الأخيرة، وحتى أثناء التصوير،و كان يقرأ القرآن وختمُه أكثر من مرة، وكان يقرأ الأحاديث»، وهو ما أكده الشاهد على جزء كبير من حياته، الماكيير محمد عشوب، خلال استضافته في البرنامج نفسه.

وقبل رحيله بسنوات أُصيب توفيق الدقن بمرض الفشل الكلوي، وهو ما أخفاه عن الجميع، كما أكد نجله ماضي، الذي أشار  إلى أن والده لم يستسلم أبدًا للمرض حتى عند دخوله المستشفى.

وفي أواخر الثمانينات، وأثناء مرضه عُرض عليه المشاركة في مسلسل «الوريث»، وعلى الرغم من مرضه، لم يرفض، لكنه صارح المخرج بحقيقة ما يعاني منه قائلًا «هسافر معاك بس متقولش لحد، وليا غسلتين في الأسبوع».

وخلال تصويره آخر أعماله الفنية، داهمته ذبحة صدرية. يقول نجله «وقتها كلموه عشان كان في تصوير في (ستوديو مصر)، مقدرش يقولهم لا لأنه مكنش يحب يقول أنا تعبان، قالهم بكرة»، ولكن قبل أن ينقضي نهار 26 نوفمبر 1988 رحل الفنان توفيق الدقن، تاركًا  كلمات وجهها لنجله ماضي وهي «لم أترك لك شيئًا تخجل منه»… رحمه الله

الفيديو جراف

نص: Abdalah Mohamed
تحريك ومونتاج: Belal Momen

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة Adblock

برجاء دعمنا عن طريق تعطيل إضافة Adblock