رحل الشاعر والمترجم المبدع محمد عيد إبراهيم عن عمر ناهز الـخامسة والستين، وذلك بعد أزمة صحية قصيرة تعرض لها مؤخرا ولم تمهله كثيرا، تاركا خلفه ميراثا ضخما من الأعمال الابداعية والترجمات المهمة، حيث اصدر عددا من الدواوين الشعرية التي ترجم معظمها إلى عدة لغات، وكان منها «فحم التماثيل»، «الملاك الأحمر»، «خضراء الله»، «عيد النسّاج».
وفوق أنه كان مبدعا حقيقيا ينتمى لجيل السبعينيا ت، وصاحب حضور شعري طاغ على الساحة الأدبية المصرية والعربية، كان الراحل محمد عيد إبراهيم-، المولود في القاهرة عام 1955، والذي تخرج فى جامعتها من كلية الإعلام قسم الصحافة عام 1978، واحدا من كبار المترجمين فى مصر. فقد أشرف إبراهيم على عدد من مشاريع الترجمة، منها سلسة «آفاق الترجمة» التي أسسها وظل مديرا لتحريرها مدة تزيد عن العامين، قدم من خلالها ما يزيد عن 50 عملا مترجما، كما عمل مديرًا تنفيذيًا للمشروع القومي للترجمة في المجلس الأعلى للثقافة التابع لوزارة الثقافة. كما أنشأ «إبراهيم» سلسلة «نقوش» للفن التشكيلي، من إصدار هيئة قصور الثقافة، وعمل مديرًا لها لفترة تزيد عن العام، وكانت تُعنى برسوم الأبيض والأسود فقط للفنانين العرب، وأصدر فيها ما يزيد عن 15 عددًا.
وقد عمت حالة من الحزن والصدمة الأوساط الثقافية والأدبية المصرية والعربية بعد الرحيل المفاجىء للشاعر الراحل محمد عيد إبراهيم، حيث نعاه عدد كبير من المبدعين المصريين والعرب الشاعر الراحل، وكتبوا كلمات تفيض بكل معانى الرثاء والحزن على فقيد كان له تأثيره وحضوره واسهاماته فى الواقع الأدبى المصري والعربي. فكتب الشاعر العراقي «صلاح فائق»: في النور أبدا أيها العزيز، كما كنت في غرفتك المقدسة محاطا بأعمال آلاف الشعراء والكتاب، من العرب والأجانب، وكما ستبقى دائما في حيواتنا وذكرياتنا، ملهما ومقترحا وناصحا. لك المجد والخلود.
الشاعر العراقي صلاح فائق
أما الشاعر والناقد المغربي «عبد اللطيف الوراري» فكتب: كان إلى آخر شطر في حياته متوثّبًا ونشطًا، ونسي أن جسده الذي سنده على عصا معقوفة قد نخره الداء اللعين، كأنه يستنكف أن يقول ذلك. ظلّ بيننا بابتسامة الحليب التي تجلّل وجهه النبيّ، يبدع وينقذ الجمال بكلماته أنّى وجدها، فواحدٌ نادرٌ مثله كان صياد لآلئ وسط أدخنة عصرنا المحترب، ونسّاجًا بأنامل الذهب، وكان غيمة تمسح بوعودها وجوه العابرين.
الشاعر عبد اللطيف الوراري
عندما زرت القاهرة، رأيته كيف يناصر شباب المبدعين في مصر ويأخذهم إلى ضفاف يستحقّونها، وما من ندوة إلا وجدته في الصفوف الأمامية بقميص الورد بشوشًا وصاحب آراء نيّرة.
كان بصعوبة يطلق خطواته، لكن النهر الذي يتفجّر في إبداعه هو الذي علّمه ما معنى أن تكون كلّ خطوة إضافية مقدار بستانٍ من الفرح.
في أتيليه القاهرة عقّب على ورقتي عن الشعر المغربي باعتزاز، وفي المركز الدولي للكتاب قدّمني للجمهور بكلمات ما تزال إلى الساعة ترنُّ في روحي.
وكتب الشاعر والناقد السينمائي «وليد الخشاب» يقول: يوم يبدأ بخبر رحيل الشاعر محمد عيد إبراهيم يوم حزين جداً. زاهد بحق، وحده قدم منجزا ضخما كشاعر وكمترجم للشعر الطليعي في الغرب، مسلحاً فقط بفنجان قهوة ولاب توب. مؤسسة كاملة على قدمين كما قيل في رثائه. أثبت أن الشعر أخلاق «مش استعارة».
الشاعر وليد الخشاب
أما الفنان والخطاط السورى «منير الشعراني» فكتب سطورا تقول: نشرت الليلة عبارة لبريخت يقول فيها: لا يموت الإنسان إلّا عندما لا يتذكره أحد. وصحوت اليوم على نعي الصديق الشاعر المترجم محمد عيد ابراهيم الذي سيتذكّره الناس إنسانًا محبّا، وشاعرًا أمينًا لرؤيته الشعريّة و مترجمًا غزير الانتاج، و رجلًا شريفًا محبًا لوطنه نظيفًا لم يتسلق ولم ينتهز وبذل كل ما يستطيعه في سبيل رؤيته وشجع الكثيرين من الشعراء الشباب العرب، وكان زوجًا و أبًا مخلصًا وحنونًا، وصديقًا صدوقًا لا يعرف الحقد.
الخطاط السورى منير الشعراني
وتحت عنوان «مثل ترنيمة، محمد عيد إبراهيم، رحمه الله ورحمنا» كتب الروائى و الصحفي سعد القرش: «في أول زيارة إلى الهلال، شكا إليّ من زملاء في هيئة قصور الثقافة قابلوه بعد عودته من الإمارات بشكل غير لائق، ورفضوا نشر أي ترجمة له، حتى في سلسلة أسسها قبل السفر. زملاء مجازا، فهم في حكم التلاميذ، وبعضهم كان محمد نفسه سببا في تعيينه في الهيئة. وأعطاني لروايات الهلال عملا رائعا صدر في يناير 2015 عنوانه «مثل ترنيمة.. قناع هنديّ لحياة دستويفسكي» للكاتب الهندي بيرومبادافام سري دهاران. كنت أضحك وأقول له: احتجت أسبوعين لأجيد نطق اسم المؤلف الكريم الذي تنازل للهلال عن حقوق الترجمة، وفرح بالترجمة العربية وبنسختين أرسلهما إليه محمد. إخلاص الرجل للترجمة دفعني لتجاوز قاعدة إدارية تنص على ألا يصدر للكاتب أكثر من كتاب في السنة، وفي يوليو 2015 أصدرت ترجمته لرواية «في عشق جيفارا» أول عمل يترجم للكاتبة الكوبية آنا ميناندس. ثم طلبت منه أن يعيد نشر ترجمة «منعطف ما بعد الحداثة» لإيهاب حسن، وكان قد صدر في طبعة محدودة غير متاحة.. تعرض محمد لأشكال من الخداع، وكان دائما حسن الظن، ولا تتوقف خيبات أمله في كثير ممن راهن على يقظة ضمائرهم، هؤلاء الذين يشغلوننا الآن برثائه.. رحمه الله ورحمنا».
الروائى سعد القرش
وكتب الشاعر والكاتب الصحفي «محمد حربي»: «افتحوا له نافذة في القبر إنه لا يحب العتمة» قالتها نجاح سفر وبكت حبيبها الذي خانها برحيله القاسي، فافتحوا له نافذة في قلوبكم، وواصلوا ارسال النصوص إلى صفحة «أنا الآخر» لتعلم نجاح أنه لم يرحل وأنه باق معنا، الصفحة باقية كما القصيدة، وكتب الغالي محمد عيد ستصدر قريبا وسنحتفي بها وبه كما يليق بفيض المحبة التي وصلت اليه في المشفى ورافقت روحه في رحلة الصعود».
الكاتب الصحفي محمد حربي
وكتب الشاعر «فتحي عبدالله»: «لم أكن اتصور انه سيفعلها ويغادر ذلك المحب الكبير للحياة.. لقد فعلتَ ما أردتَ بحرية كاملة، سواء في الشعر أو الترجمة ولم تخن ضميرك ولا مرة.. كنت مع الحق مهما كانت خساراته فنم قرير العين يا صديقي». بينما نعته الشاعرة والتشكيلية الإماراتية «ميسون صقر» قائلة: «وداعا أخي العزيز والصديق محمد عيد ابراهيم رغم الابتعاد لظروف صحتك وصحتي لكن الود والتقدير بيننا لم ينقطع أبدا منذ بداية التسعينات… محمد عيد كان مثالا في الاشتغال على قصيدة النثر والترجمة، الذي اصدر العديد من الكتب والدواوين، والذي أسس لمنشورات مترجمة في قصور الثقافة، وعمل بصمت وبهدوء يليقان بمبدع كبير».
الشاعرة الإماراتية ميسون صقر