فن

علاء ولي الدين.. من كوميديا الفن إلى «تراجيديا» الرحيل

عاش علاء ولي الدين حياة قصيرة في عمر الزمن، لكنها كبيرة وثرية بحكم الإبداع الجميل الذي خلده في ذاكرة  المسرح والسينما المصرية كواحد من أبرز كوميدياناتهما، ترك بصمة حقيقية وواضحة، وكان له أسلوبه الفني المتفرد، ورغم أن رصيد بطولاته المطلقة كان قليلا بحكم تجربته القصيرة ورحيله المبكر، إلا أن ذلك الحضور الطاغي الذي ما زال يتمتع به بين جمهوره الكبير يؤكد أن هذا الضيف الخفيف الذي غادرنا منذ 17 عاما، سيظل «صاحب بيت» في السينما وعند جمهورها.

صدمة البداية

في الثامن والعشرين من سبتمبر لعام 1963م وُلد علاء سمير ولي الدين، بقرية الجندية التابعة لمركز بني مزار بمحافظة المنيا. وكان هو الابن الأوسط بين شقيقيه معتز وخالد.

بدأت علاقة «ولي الدين» بالفن من خلال والده الفنان الجميل «سمير ولي الدين» الذي قدم مجموعة أدوار ثانية بعدد من المسرحيات والمسلسلات، وتعد شخصية الشاويش حسين التي جسدها في مسرحية شاهد ماشافش حاجة هي أشهر أدواره، كان علاء يرافق والده أحياناً إلى المسرح واستديوهات السينما والتليفزيون ويشاهد مراحل إعداد العمل الفني، فأحب ذلك المجال وصار حلمه الأكبر والأوحد أن يأتي يوم ويرى نفسه على الشاشة الفضية.

حين تقدم علاء ولي الدين للجنة الإختبار للإلتحاق بمعهد الفنون المسرحية بعد حصوله على بكالوريوس التجارة صُدم من رأي أغلب أعضاء اللجنة في أدائه واعتبره أحدهم «بلياتشو» وليس ممثلا وغضب منه الفنان الكبير كمال ياسين رئيس اللجنة الذى اعتقد أن علاء يسخر منه بعد أن أدى أحد مشاهده في مسلسل على هامش السيرة بطريقة كوميدية.

لكن علاء كان يعرف طريقه جيدا، فقرر أن يكون تلميذا في مدرسة بلدياته وابن محافظة المنيا مثله المخرج الكبير نور الدمرداش أو «ملك الفيديو»

 حيث عمل معه علاء كمساعد انتاج ثم عمل مساعد مخرج تالت مع المخرج محمد النقلي، ومع الوقت بدأ ولي الدين يأخذ جملا قصيرة في أعمال نور الدمرداش ليؤديها، حتى أن علاء كان يطلق على نور الدمرداش «اكاديمية نور الدمرداش للفنون»  وتدريجيا بدأ علاء يسير بخطوات ملموسة على طريق النجومية، ففي سن الـ22 شارك علاء في واحد من كلاسيكيات الدراما المصرية، وهو مسلسل «علي الزيبق» في دور «حبظلم» وبعد عامين شارك في رائعة «ألف ليلة وليلة» بدور صغير في أول حلقة، إلى جانب العديد من الأدوار الصغيرة التي  عززت من موهبته الفنية في بداية مشواره. ثم أدى علاء دور العسكري في مسرحية مطلوب للتجنيد عام 1991 مع الفنانة ليلى علوي وحسين فهمي وأحمد بدير وإخراج شاكر خضير، وفي هذا الوقت كان أشرف عبد الباقي يؤدي دور العسكري في مسرحية خشب الورد مع هاني مطاوع، وكان محمد هنيدي أيضا أيضا شخصية العسكري في مسرحية أبو زيد مع المخرج شاكر عبد اللطيف.

بدأ الثلاثي «ولي الدين – عبد الباقي – هنيدي» في شق طريقهم للنجومية وانضم إليهم النجم أحمد آدم والنجم أحمد السقا والنجم سليمان عيد.

نجومية وحضور

في أواخر التسعينات وتحديداً بعد النجاح الساحق لفيلم «إسماعيلية رايح جاي» اتجهت  أنظار المنتجين إلى جيل الشباب الصاعد، فبدأت شركات الإنتاج في استقطابهم وإسناد أدوار البطولة المطلقة لهم، وكانت البداية من نصيب محمد هنيدي حين قدم فيلميْ صعيدي في الجامعة الأمريكية وهمام في أمستردام، و لفت نجاح تجربة هنيدي الانتباه إلى علاء ولي الدين رفيقه الذي دائماً ما ارتبط اسمه به، فقدم أولى بطولاته السينمائية في عام 1999م من خلال فيلم عبود على الحدود والذي حقق نجاحاً جماهيرياً كبيراً، ثم قدم  فيلمي الناظر أنجح أفلامه على الإطلاق عام 2000م وابن عز في 2001م، أما فيلمه الرابع فقد كان بعنوان عربي تعريفة ولكن القدر لم يمهله لاستكماله وتوفي أثناء تصويره.

وفي المسرح شارك علاء ولي الدين في العديد من الأعمال المسرحية، كانت البداية من خلال مسرحية ألابندا التي شارك في بطولتها إلى جانب مجموعة كبيرة من النجوم الشباب وقتها أحمد السقا ومحمد هنيدي وهاني رمزي ومنى عبدالغني، ثم قدم مسرحيتين من بطولته هما مسرحية حكيم عيون، ومسرحية لما بابا ينام التي توفي أثناء تقديمه لعروضها.

كان علاء ولي الدين واحدا ممن استطاعوا أن يحطموا العديد من  التابوهات السينمائية، فبداية تمرد على مواصفات الجان وتمكن من لعب دور البطولة رغم افتقاده لمواصفات الجان المتمثلة في الوسامة والقوام الممشوق وغير ذلك، كما إنه لم يحاول الانفراد بأعماله باعتباره بطلها المطلق، بل أن كل عمل قدمه كان بمثابة بطولة جماعية وكان يفرد مساحات كبيرة للأدوار الثانية والثانوية، مؤكداً إن نجاح العمل الفني لا يتحقق إلا بتضافر جميع عناصره.

صدمة الرحيل

انشغل علاء ولي الدين بحياة الفن عن حياته الخاصة، فلم يتزوج ولم يبد مهتماً بالاستقلال بحياته أو بتكوين أسرة، وظل حتى وفاته يقيم في منزل عائلته برفقة والدته، وقد ذكر في أكثر من حوار صحفي وتلفزيوني إنها قد ألحت عليه كثيراً كي يتزوج خاصة وإنه كان قد اقترب من سن الأربعين، إلا إنه كان دائماً ينظر إلى الزواج باعتباره خطوة مؤجلة خاصة وإنه لم يجد الفتاة المناسبة.

وفي أيامه الأخيرة وحسب المقربين منه كان «علاء» يستشعر اقتراب وفاته، حتى إنه قام بشراء مقبرته بنفسه كما اشترى عطوراً أثناء أداء مناسك العمرة وأوصى شقيقه بأن يُغسل به عند وفاته. في تلك الفترة كان علاء مشغولاً بتصوير فيلمه عربي تعريفة في البرازيل، ثم عاد لمصر في أجازه قصيرة للاحتفال بعيد الأضحى وسط العائلة وكذلك ليقدم عروض مسرحيته لما بابا ينام، لكن في صباح أول أيام العيد صُدم الوطن العربي بنبأ وفاة النجم الشاب متأثرا بمضاعفات مرض السكر، وكان ذلك في الحادي عشر من فبراير لعام 2003م.

الفديدو جرافيكس:

نص: حمدي شعبان

تحريك ومونتاج: إنجي الاسلامبولي

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة Adblock

برجاء دعمنا عن طريق تعطيل إضافة Adblock