قفز مطرب المهرجانات حسن شاكوش على سطح الجدل، بعد أن احتل المرتبة الثانية عالميا؛ لعدد المستمعين بموقع «ساوند كلاود». اكتسب شاكوش اسمه من صفة كروية قديمة يشتهر بها المدافع الصلب، كان لاعبا في نادي الإسماعيلي «اسم غرائبي /مهرجانات/صوت عذب» ضَمِن هذا المثلث النجاح، خاصة مع افتقاد معظم مطربي هذه الموجة للضلع الثالث وهو الصوت، ولجوئهم لألعاب موسيقية كهربائية تدمج الصوت الطبيعي في الموسيقى علي غرار الراب.
المهرجانات خليط من الراب والميتال؛ صخب بلاصوت. شاكوش صوت وصخب؛مهرجانات مع طيف من طريقة غناء الاندر جراوند الغربية، رافد شعبي وتمرد على التيار العام؛ نجاح من الهامش؛ مثلما جاء قديما بوب مارلي؛ أو رشيد طه. أو منير.
نجاح شاكوش الاستثنائي منحه القدرة على عبور مطبات منتظرة؛ كسلطوية حلمي بكر؛ وضبطية هاني شاكر، تسلح بانتشار غير مسبوق وإمكانات صوتية تزيح العار الغنائي القديم لأسلافه؛ فانكمشوا حتى حدود الميكروباص؛ في مرحلة ما قبل بعرور وشعبان.. صوت وتمرد وهامش مع كلمات اعتاد الجمهور على سماعها من سلساله الشعبي القديم بتدرجاته المختلفة.
الملحن حلمي بكر والفنان هاني شاكر
كلمات تحتفي بالسكر وتغني للحلوى
«سكر محلي محطوط على كريمة».. هكذا بدأ شاكوش أغنيته الشهيرة؛ليعلن عن امتداد صداقة طويلة بين اللون الشعبي في مصر وبين الحلوى.
منها مثلا ما شدت به شهرزاد من كلمات مرسي جميل عريز:
«عسل وسكر عسل
عيون حبيبى عسل
ضحكة حبيبى سكر»
وعدوية: المغني الشعبي الأشهر منذ السبعينات:
«ستو بسبستلوا بسبوسة بالسمن والسكر والعسل
عسل وكسل يحوسه عاطل ونايم فى العسل»
وأغنية حسن الأسمر الشهيرة حلويات الواد ده هو حلويات.. حلويات وبيحكو عنه في الحكايات.
وبعده طارق الشيخ الذي اعتلى عرش بورصة الميكروباصات طويلا في التسعينات وبداية الألفية: «عندي ٣ الاف اثبات علي أنت حلويات.. دم انت لما تمسك حاجة في ايدك بتحليها»
أو مغازلة حديثة في أغنية حالية تقول «قشطة وملبن لك مستقبل»، وأخرى تقول «آخر العنقود سكر معقود».. الحلوى خيط ممتد في أغاني الفقراء؛ مع خيوط أخرى كغدر الزمان والجروح التي لا تعرف الطيب؛ والصبر ما يشكل دلالة مستمرة للمعاناة وشقاء الحياة، تأتي الحلوى هنا لتخفف هذه المرارة وتحلي لحظات قليلة في مواجهة الأيام.
كان السكر تاريخيا طعاما طبقيا للأغنياء؛ يقول كارول كونيهان في كتابه أنثروبولوجيا الطعام؛ إن الأثرياء الأمريكيين كانوا يبنون مجسمات من السكر للفت النظر والإعلان عن الثروة.
يشبه ذلك ما حدث مع الذهب في مراحل أخرى؛ وما تسلل من عادات اقتنائه إلى الأغنياء الجدد؛ أو مودعي الفقر؛ أو محبي المباهاة لإثبات الذات. من هنا جاء الغناء للسكر والحلوى، غناء للندرة.
تطورت الأمور بعد ذلك وعرف الفقراء السكر مع عملهم في مزارع القصب؛ كان أول ما بحثوا عنه هو اقتناء ما سبق واقتناه السادة، إلى أن تغيرت المقاييس وبات السكر عدوا، لا يناسب نحافة الأغنياء.
مثل فقراء أمريكا ومهاجريها السمر من بوتوريكو والدومينيكان لا يهتم مطربونا الشعبيون بالنحافة، لا يخجلون من النعمة بمقاييس الفقر القديم، يظل عدوية سمينا ومثله عبد الباسط حمودة، ومعهما الراحل شعبان عبد الرحيم.. بينما يتوارث شاكوش نهجهم ويغني للسكر.
*نقلا عن صفحة الكاتب على موقع فيس بوك