منوعات

كورونا والإعلام: هل أثارت السوشيال ميديا هلع العالم؟

كتب: اليخاندرو دي لا جارزا، سارة ميللر

ترجمة وعرض: تامر الهلالي

 من الصين إلى أمريكا، قلب فيروس كورونا العالم رأسا على عقب، جُمدت الرياضة وتعطل التعليم في المدارس والجامعات، وتم إغلاق كل شيء  في أمريكا بدءا من عالم ديزني إلى مسارح برودواي إلى دوري كرة السلة الأمريكي، وقررت الكثير من الشركات أن يعمل موظفوها من منازلهم، واستمرت إيطاليا في تجميد النشاطات المختلفة، و مع زيادة حدة الاختبار، من المتوقع أن يرتفع عدد الحالات المصابة بالفيروس. تعد هذه الإجراءات هى الأكبر في تقييد الحركة السلمية في التاريخ. ولكن وسط جهود الاحتواء غير المسبوقة، من السهل التعاطي مع أن فيروس كورونا نفسه – على الرغم من عدم فهمه بالكامل في هذه المرحلة المبكرة – ليس الأكثر خبثاً إذا ما قورن بالتحديات الأخرى التي واجهتها الكرة الأرضية.

ترامب.. في مرمى النقد

في الولايات المتحدة أصبح «تقليل التصاعد» هو الشعار الجديد من مراكز السيطرة على الأمراض والوقاية منها، كاستراتيجية يمكن أن تمنع في النهاية أنظمة الرعاية الصحية من الإرهاق والتداعي، وتحث الاستراتيجية المسئولين الحكوميين على التعقل وتفادي الذعر. ولكن التقارير الإعلامية في كثير من الأحيان لا تمد الجمهور بالسياق اللازم للبقاء هادئين. لقد أصبح الأمر أكثر تعقيدًا حيث تم تسييس الأزمة، خاصة في الولايات المتحدة، حيث تعرض الرئيس دونالد ترامب لانتقادات شديدة بسبب تقليله من خطورة الفيروس في وقت مبكر، قبل أن يضطر لإعلان حالة الطوارئ الوطنية بعدها بأيام، مما منح الولايات المختلفة في أمريكا  إمكانية الحصول على 50 مليار دولار من المساعدات، من بين تدابير أخرى بما في ذلك الاختبارات واسعة النطاق. لكن مجرد الإبلاغ عن عدد الحالات يمكن أن ينسينا ما يقوله العلماء عن أن عدد الأصحاء أو عديمي الأعراض أكثر بكثير، وأن الكثير من المصابين يتعافون أكثر مما يشير إليه التركيز على عدد القتلى. إن التدابير التي يتخذها المجتمع، كما أشار المراقبون، يمكن اعتبارها طريقة جماعية لرعاية الأشخاص الأكثر ضعفاً.

السوشيال ميديا

في سياق تناول الميديا و أثرها، كتب أحد مستخدمي موقع Facebook، في سياق إبداء رأيه على قرار إغلاق المدارس في ولايته بأمريكا قائلاً «رد فعل مبالغ فيه كلاسيكيًا»، بينما أيد أكثر من 250 تعليقًا الخطوة، وهنأوا المسؤولين على رد فعلهم السريع.

وأثار آخرون مخاوف عملية بشأن ما كتبه أحدهم «هذا عظيم وكل شيء، لكنني ما زلت بحاجة للذهاب إلى العمل». مثل هذه المحادثات هي مجرد طريقة تقدم فيها وسائل التواصل الاجتماعي نافذة على استجابتنا الجماعية لتفشي كورونا، وكذلك تشكيل رد فعلنا في المقام الأول على المرض. ومع ازدياد انتشار الفيروس، فإن منصات التواصل الاجتماعي مثل Facebook و Twitter، التي لم تكن موجودة خلال الاوبئة الكبرى السابقة، تُسِّهل إجراء محادثات مهمة حول الفيروس بينما تسمح في الوقت نفسه بانتشار الإثارة والمعلومات الخاطئة، علاوة على ذلك يمكن أن يمنحنا المستوى غير المسبوق من المعلومات الأدوات التي نحتاجها لاتخاذ قرارات ذكية، ولكنه من ناحية أخرى يسمح أيضًا بجعلنا أكثر قلقًا بشأن ما سيأتي – بحسب الخبراء-.

وجهة نظر متفائلة

وجهة النظر المتفائلة هي أن وسائل التواصل الاجتماعي يمكن أن تثبت فائدتها في وقت يتم فيه عزل الكثيرين منا عن بعضنا البعض. ويقول جيف هانكوك، أستاذ الاتصالات في جامعة ستانفورد ومدير مختبر ستانفورد الاجتماعي لوسائل الإعلام: إن النقاشات حول الفيروس، وخاصة تلك التي تحدث على مستوى المجتمع، يمكن أن تساعدنا في تجاوز هذه الأزمة. يقول هانكوك إن هذه المناقشات «تعكس كيف يفكر المجتمع ويتفاعل مع الأزمة». «إنهم يسمحون للمجتمع بالتحدث نوعًا ما عبر ما هو نوع غير مسبوق من التهديد».

جيف هانكوك

ويرى هانكوك أن العلماء وخبراء الصحة العامة يستخدمون أيضًا وسائل التواصل الاجتماعي للتفاعل بشكل مباشر أكثر مع الجمهور أو مناقشة البحوث الناشئة، بينما يستخدمها قادة المجتمع لتشكيل شبكات متطوعين مخصصة لمساعدة الجيران الضعفاء.

رأى مختلف

ولكن مقابل كل خبير يحاول مشاركة معلومات دقيقة، هناك الآلاف من المستخدمين الذين ينشرون الشائعات والإثارة وأشكالا أخرى من التضليل. يقول دانييل روجرز، الأستاذ المساعد في جامعة نيويورك والمؤسس المشارك لمؤشر التضليل العالمي غير الربحي، الذي يعمل على مواجهة مصادر المعلومات الكاذبة على الإنترنت: «إنه يخرج الجميع من أكواخهم: كل محتال، كل متآمر، كل متصيّد إنترنت».

دانييل روجرز

يقول روجرز أن منصات وسائل التواصل الاجتماعي اتخذت بشكل عام موقفًا عدوانيًا تجاه مكافحة التضليل فيما يخص المعلومات حول الفيروس. ويُرجع ذلك جزئيًا إلى أن الإشراف على مثل هذا المحتوى يقلل من خطر إثارة غضب المستخدمين من التصرف كحكم في التضليل الأكثر حساسية سياسية. ويتابع «ينتشر المحتوى المضلل بشكل أسرع مما تستطيع هذه المنصات محاربته». ويضيف: «تتطلب الجهود الأكثر فعالية للرقابة على المحتوى الكاذب استثمارًا أكبر بكثير للموارد من جانب شركات وسائل التواصل الاجتماعي». بخلاف العمل كمحفل أو منتدى مجتمعي، يقول الخبراء إن وسائل التواصل الاجتماعي تعمل بالفعل على تغيير الطريقة التي ينظر بها المجتمع ويستجيب لانتشار الفيروس. يقول سانتوش فيجايكومار، باحث اتصالات الصحة والمخاطر في جامعة نورثمبريا، «أن البشر يأخذون إشارات من بشر آخرين، وقد يكونون أكثر عرضة للشعور بالذعر إذا رأوا أشخاصًا آخرين ينشرون عن الذعر». و تابع «نحن نرى اتجاهًا مقلقًا حيث تتحول السلوكيات المحددة الناتجة عن الخوف والقلق – مثل الإقبال الشديد على لفافات ورق التواليت أو معقمات اليد – إلى طبع وسلوك معتاد بسبب مناقشتها باستمرار على وسائل التواصل الاجتماعي».

سانتوش فيجايكومار

ويتابع: «يمكن أن يكون الجانب الآخر صحيحًا أيضًا – إذا رأى الأشخاص صورًا لأصدقائهم في الخارج على الإنستجرام مثلا، متجاهلين الدعوة لممارسة «العزل الاجتماعي»، فقد يثير ذلك لديهم رغبة في الخروج. علاوة على ذلك، أعطتنا اللقطات والبيانات من الأماكن التي تضررت بشدة مثل الصين وإيطاليا سببًا كافيًا للاستعداد لما سيأتي. لكن الدكتور لي رايلي، رئيس قسم الأمراض المعدية واللقاحات في كلية الصحة العامة بجامعة كاليفورنيا في بيركلي، يقول إن الطوفان اليومي من أعداد المصابين بالعدوى يضيف أيضًا بُعدًا مخيفًا لفهمنا لانتشار الفيروس في جميع أنحاء العالم، مما يساهم على خلق جو من القلق يصل حتى الشلل». يقول رايلي، الذي قارن بين فيروس كورونا وأوبئة الماضي: «ما يجعل الأمر المختلف هذه المرة هو هذه التكنولوجيا التي لدينا لوسائل الاتصال الجماهيري ووسائط الشبكات الاجتماعية».

د. لي رايلي

روابط:

تامر الهلالي

مُترجم وشاعر

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة Adblock

برجاء دعمنا عن طريق تعطيل إضافة Adblock