رؤى

داعش ينظر لمصيبة كورونا كفرصة للملمة صفوفه وتهريب سجنائه في سوريا والعراق

لويس ساندرز وتوم ألينسون

عرض وترجمة: أحمد بركات

بينما تكافح سلطات الصحة العامة في جميع أنحاء العالم للسيطرة على جائحة فيروس كورونا المدمرة، برزت الفوضى التي سببها تفشي الفيروس بصورة متزايدة في استراتيجية تنظيم الدولة الإسلامية.  

ففي رسالته الإخبارية الدورية التي نشرت في منتصف مارس، وصف تنظيم الدولة الجائحة باعتبارها «عذاب أليم» أنزله الله بـ «الدول الصليبية» (وهي عبارة تشير إلى الدول الغربية المشاركة في حملة عسكرية لاستئصال شأفة التنظيم).

ومضت الرسالة لوصف عامل الخوف من تفشي الجائحة بأنه أعظم أثرا من الجائحة نفسها، مؤكدة أنها وضعت العالم الغربي «على شفا كارثة اقتصادية كبرى» بفرض قيود على التنقل، وتعطيل الأسواق، وإغلاق الحياة العامة، كما عبرت عن أمنية قادة التنظيم «نسأل الله أن يضاعف عذابهم، وأن ينجي المؤمنين»، بحسب الباحث البريطاني «أيمن جواد التميمي».  

الانصراف عن القتال

يمكن النظر إلى تفشي الوباء على أنه تعزيز لعقيدة المجاهدين، في الوقت الذي يؤثر فيه على الجهود الدولية لاحتواء تنظيم الدولة بعد هزيمته عسكريا في العام الماضي.

ففي العراق، أعلن الناتو منذ بداية شهر مارس الماضي تعليق عمليات التدريب لمدة 60 يوما بسبب تفشي الوباء. ونتيجة لذلك، قال وزير الدفاع البريطاني «بن والاس» إنه سوف يقلل نشر القوت البريطانية في المنطقة بسبب «تراجع وتيرة التدريب بشكل لافت».  

وبالإضافة إلى تعليق الأنشطة التدريبية، يتعين على أعضاء التحالف في العراق وسوريا أخذ التدابير الاحترازية اللازمة لمنع تفشي المرض في الجنود. وبرغم تأكيدات المسئولين الأمريكيين أن هذه التدابير لن تؤثر على استمرار العمليات، إلا أن انتشار الوباء يقوض الجهود المبذولة لتعزيز القدرة المحلية على التعامل مع تنظيم الدولة.

«حتما، سيؤدي وباء كورونا إلى صرف الانتباه والموارد عن المعركة ضد تنظيم الدولة الإسلامية»، كما قال «كولين كلارك»، كبير الباحثين في مركز صوفان. وأضاف: «سيتشتت التركيز والانتباه المطلوبين لمواصلة القتال ضد التنظيم على نحو مفهوم».

«لكن مقاتلي تنظيم الدولة سيتأثرون أيضا؛ فهم ليسوا محصنين ضد الفيروس، وإذا كانوا يعتمدون على معلومات صحية أو طبية خاطئة – وهو احتمال قائم – فهذا يعني أنهم سيفقدون مقاتلين بسهولة بسبب الفيروس».

مقاتلي تنظيم الدولة

استغلال الفوضى

بالفعل، أصدرت قيادة التنظيم في منتصف مارس الماضي حزمة من التوجيهات الإرشادية الأولية بشأن التعامل مع الوباء، ودعت مقاتليها إلى تجنب السفر إلى المناطق المتضررة، وبشرتهم بالحماية الإلهية من المرض في حال انخرطوا في العمليات الجهادية.

وأكدت هذه النشرة التوجيهية أن إحدى الطرق للقيام بمثل هذا النضال الروحي ستكون بتحرير إخوانهم المجاهدين، وزوجاتهم، وأطفالهم من السجون في المنطقة. وبالفعل، في أكتوبر الماضي، تمكن أكثر من 750 فرد ممن يشتبه في ارتباطهم بتنظيم الدولة من الهرب من «مخيم عين عيسى» في شمال شرق سوريا عن طريق القيام بأعمال شغب في الوقت الذي كانت فيه القوات الكردية مشغولة بالتصدي لهجوم تركي.

القوات الكردية

«إذا بدأ الفيروس في الانتشار في السجون ومراكز الاعتقال، وهو ما يمكن أن يحدث بالفعل، فإن السلطات المكلفة بإدارة هذه الأماكن، بما في ذلك الأكراد، سيتشتت تركيزها، وستجد عوائق كثيرة في أداء مهمتها»، كما قال كلارك، مؤلف كتاب «After the Caliphate: The Islamic State and the Future Terrorist Diaspora» (ما بعد الخلافة: تنظيم الدولة الإسلامية ومستقبل الشتات الإرهابي) (2019).  

هذا النوع من التشتت هو تحديدا ما كان تنظيم الدولة يشير إليه عندما حث أعضاءه على انتهاز الفرصة للعمل على تحرير إخوانهم وأسرهم من السجون حيث «يتعرضون لتهديد المرض بالإضافة إلى القهر».  

وفي العراق، يقبع نحو 20 ألف متشدد يشتبه في انتمائهم إلى تنظيم الدولة في السجون في جميع أنحاء البلاد. وسيؤدي تحرير أي عدد منهم إلى تعزيز قدرة التنظيم العملياتية، ويفسد ما أسفرت عنه سنوات من تنسيق الجهود من أجل احتواء الجماعة المسلحة.

«ينظر تنظيم الدولة إلى الوباء باعتباره فرصة يجب استغلالها مع كل ما يمكن أن ينجم عنها من فوضى»، كما ذكر الباحث البريطاني «التميمي».

الباحث البريطاني «أيمن جواد التميمي»

*هذه المادة مترجمة. يمكن مطالعة النص الأصلي باللغة الإنجليزية من هنا

 

أحمد بركات

باحث و مترجم مصرى

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة Adblock

برجاء دعمنا عن طريق تعطيل إضافة Adblock