بعد الهزات الضخمة التي تشهدها المجتمعات عادة ما يكون هناك نزوع واسع لمراجعة التراث السابق لهذه المجتمعات، خاصة بين أجيال الشباب التي تزرع فيها هذه الهزات نزعات تمرد تستهدف كل ما هو قديم. ومثل هذه الحالة تبدو إيجابية بطبيعتها، لأنها تعيد تنقية المجال العام سياسيا وثقافيا وتفتح أفقا لأفكار جديدة تحل بديلا للسائد الذي يكون في الغالب قد أصابه التكلس أو الجمود. رغم أن الفكر الإنساني لا يتطور من دون هذه المراجعات، إلا أنه لا يمكن في المقابل أن نؤسس لأي فكر جديد بالقطيعة الكاملة مع تراثه السابق، وبالتالي يظل الرهان على كيفية الاستلهام أو الإضافة لما هو قديم، حيث أن أي تطور فكري كما يقال في العلوم الطبيعة «لا يستحدث من عدم».
عليه يستوجب أن تكون هذه المراجعات رشيدة، والرشادة المقصودة هنا لا تعني بأي حال من الأحوال تحديد تابوهات أو منع مناقشة موضوعات بعينها أو وضع ضوابط لمراجعتها ونقدها، إنما تستوجب أن يتم التعامل معها بشكل منهجي، وأن تقرأ في سياقها، وألا تحملها هذه المراجعة أكثر مما تحتمل عبر تأويلات افتراضية تجعلها مسئولة عن كل السلبيات التي أدت لحالة التمرد. والأهم أن تتم بذهنية جديدة بعيدا عن القوالب الجاهزة والمقولات التقليدية، وإلا تحولت حالة التمرد لتمرد شكلي يعيد انتاج نفس القيم القديمة ولو بلباس جديد.
https://www.facebook.com/Aswatonline/videos/496915297736199/?t=1
وبمناسبة الحديث عن الدراما الرمضانية، وما تثيره من نقاشات أردت في هذا المقال التوقف أمام الانتقادات التي طالت أعمال الكاتب والسيناريست الأشهر أسامة أنور عكاشة. وبوصفي أحد المتابعين لهذه الأعمال التي كانت عنوانا للدراما التلفزيونية عبر سنوات طويلة وأكسبت صاحبها الشهرة الأوسع، رأيت أنه من الضروري التوقف أمامها بالتحليل خاصة وإنها – بشهادة غالبية النقاد – كانت أحد أسس الأدب التلفزيوني، كما مثلت تحولا في شكل الدراما التلفزيونية وتأثيرها الجماهيري ربما لأن عكاشة كسر معها العديد من التابوهات بمقاييس زمنه.
أنماط وقضايا عكاشة الدرامية
عبر مسيرته التي تمتد لما يزيد عن أربعين عاما (توفي 2010) ثمة محطات يمكن التوقف عندها ورصد ملامحها المختلفة عند أسامة أنور عكاشة منذ عمله التلفزيوني الأول «المشربية» الذي مثل «فتح انطلاقه»- على حد تعبيره في مسلسل أرابيسك- يجد المشاهد نفسه أمام عدة أنماط درامية غزل عكاشة من كل نمط منهما عدة خيوط تبدت في مختلف أعماله.
مشهد من مسلسل أرابيسك
ويبدو واضحا جدا تأثر عكاشة بكلاسيكيات الأدب العالمي حيث ظهر «النمط البلزاكي» (نسبة إلى أونوريه دي بلزاك الأديب الفرنسي) على موضوعاته الأولي التي قامت على التغيرات التي تصاحب الانتقال من الريف إلى المدينة. وكانت الفكرة الأساسية على سبيل المثال في مسلسله الثاني (على أبواب المدينة) حيث بدأت تتبلور فيه شخصيات درامية ستظهر وتتكرر بأشكال متنوعة وفي سياقات مختلفة عبر بقية مشواره الدرامي، فالمعلم زينهم السماحي في «ليالي الحلمية» نجد ملامح شخصيته موزعة على شخصيتين في هذا العمل الأول هو المعلم بشكة والثاني زينهم أبو الروس، كما تكررت صورة العاشق الولهان في «زيزينيا» نسخا من شخصية شبيهة في «أبواب المدينة» والطريف ان من قام بأداء الدور في العملين هو الممثل «أحمد بدير». تصوري أن هذه الألعاب الدرامية والولع بهذا النمط من الشخصيات ظلت مستمرة مع عكاشة، كذلك شخصية الشاب الحساس كثير الخلافات مع خطيبته ففي « أرابيسك» أدى الدور شوقي شامخ وكأنما كان امتدادا لدور آخر أداه في «أدرك شهريار الصباح».
المعلم زينهم السماحي من مسلسل ليالي الحلمية
يجدر بنا التوقف عند هذا العمل المبكر لأسامة أنور عكاشة (أدرك شهريار الصباح) لأنه مأخوذ عن قصة كلاسيكية عالمية وهي «ترويض النمرة» لويليام شكسبير، فهذا العمل في حد ذاته يرد على اتهام الكاتب بالرجعية. حيث يبرر الكاتب موقف بطلة المسلسل من الراجل فلا يقدمها كمعقدة نفسيا دون سبب بل يعود لجذور العقدة ويحمل الأب المسؤولية عبر تفكيك سلوكه تجاه الأم لنفهم أسباب هذا الموقف العدائي وخلفياته، كما يقوم بتصوير الرجل الذي يتولى ترويضها باعتباره صائد ثروات وليس مصلحا اجتماعيا كما قدمته الأعمال الفنية التي اقتبست من هذه الرواية، وينهي عكاشة القصة التقليدية للترويض مع بيان ما سبق في نصف المسلسل المكون من 15 حلقة ليتناول بعد ذلك ترويض النمرة لصائد الثروة وتحويله من شخص عابث إلى إنسان له كيان وتحديدا عبر تحوله لعامل مطبعة وهو موقف آخر نراه في مختلف أعمال أسامة يدلل على نظرة التقدير لمفهوم العمل وقيمة العامل في المجتمع وهو ما يتنافى مرة أخرى مع اتهامات أخرى طالته بالرجعية.
نمط أخر يظهر عند تأمل أعمال أسامة أنور عكاشة وهو «الدون كيشوتية» التي كانت إحدى الخيوط التي استخدمها في أكثر من عمل. وهذا الخيط الدرامي بطبيعة الحال شائع في الأدب والدراما منذ أن قدمته أول رواية غربية وهي «دون كيخوته» للشاعر الإسباني «ثيربانتس». وأول تجليات هذه النمط وأبرزها عند عكاشة تبدت في شخصية «أبو العلا البشري» ثم «أبلة حكمت» و «سمية» في مسلسل «أهالينا» حيث نجد أنفسنا أمام تنويعات مختلفة لهذا النمط، تنحي تلك الشخصيات بطبيعتها نحو المباشرة لدرجة أن «دونكيشوت» ذاته كان حاضرا عند بطلنا في رحلة أبو العلا البشري كموضوع للجدل خلال لقاءاته التخيلية مع أستاذه في المدرسة الذي جسده الفنان صبري عبد المنعم وتضمنت هذه الحوارات نقدا للفكرة ذاتها.
مشهد من مسلسل رحلة أبو العلا البشري
المختلف عند أسامة انور عكاشة أنه كان دائما ما يجد مبررات درامية تفسر دوافع الفعل الدرامي لهذه الشخصية كالانعزال عن المجتمع/ المدينة، فأبو العلا كان مفتش ري يعيش خارج المدينة، وسمية في أهالينا تربت في عزبة ريفية منعزلة عن المجتمع، ويستثنى من ذلك شخصية «أبله حكمت» التي يبدو أن مبررها الوحيد كان أن من قامت بالدور هي الفنانة فاتن حمامة، وإن عوض الكاتب ذلك بإظهار التنوع في الشخصيات المحيطة بهم وبدت في معظمها شخصيات مركبة، إذا ما قورنت تلك الشخصيات بشخصيات قدمها مبدعون آخرون مثل يسري الجندي أو كتاب ذاع صيتهم في عالم الدراما مثل محمد جلال عبد القوي أو محمد صفاء عامر. طبيعة الخيط الدرامي قد تتطلب أحيانا وجود شخصية او أثنين يمثلان الشر بوضوح في حين كان عكاشة يصر على إبراز جوانب إنسانية في هذه الشخصيات مع حرص واضح على إيجاد مبرر لسلوكها (منولوج فضة المعداوي عن طفولتها في مسلسل الراية البيضاء نموذجا).
والواضح أن هذا النمط الدونكيشوتي لم يكن أبدا غرضا في حد ذاته إنما أداة من أدوات أخرى استخدمها أسامة أنور عكاشة لرصد فكرة الرحلة والتغيرات التي تشهدها الشخصيات خلالها، والتغيرات المجتمعية التي شهدها المجتمع المصري في فترة كتابته للعمل الدرامي، فهدفه لم يكن أبدا صراع الخير والشر أو محاربة طواحين الهواء.
في المقابل وفي خيوط أخرى كثيرة قدمها صاحب «الشهد والدموع» نجد تركيبات متنوعة لشخصيات أبطال أكثر تعقيدا مثل حسن النعماني في أرابيسك، أو نتعرف على الشخصية وهي تمر بمنعطفات عديدة مثلما حدث مع على البدري في «ليالي الحلمية»، بل أننا نواجه في مسلسل «الثعلب فات» شخصية يقوم بها محمود مرسي تعتمده بطلا يعيش على التحايل كنصاب محترف ويتجلى في صورة مناقضة لما استقر في ذهن الجمهور عن «البشري». الذي جسَّده ذات النجم العملاق.
محمود مرسي في مسلسل لما التعلب فات
ما سبق ينفي صفة التنميط عن المؤلف الذي لم يلجأ لتنميط شخصية التاجر، فـ«الشراغيش» في مسلسل «النوة» فالتجار هم أبناء سوق بالمعنى الحرفي للكلمة بجوانبها الإيجابية والسلبية. بل نستطيع أن نقول إنه خرج من حالات التنميط التاريخية، فالمرأة العنيفة ليست كائن معقد ومريض نفسي بل هي ضحية بنية مجتمعية مثل الدور الذي قامت به سمية الالفي في «الراية البيضاء» أو نسرين في «رحلة أبو العلا البشري». وتحظى النساء في مسلسلات عكاشة بحضور تقدمي لافت فهو ينتصر للنساء ليس فقط عبر إظهار الاختلالات النفسية لبعض شخصياته كنتيجة لبنية مجتمعية قاهرة للنساء كما أسلفنا، إنما كذلك عبر إبراز شخصيات نسائية قوية وقائدة وحكيمة مثل صفية والخالة زمزم في على أبواب المدينة وهي شخصيات تتكرر في عدد من أعمال عكاشة مثل سوكة في الشراغيش أو الأم والعمة في الشهد والدموع فضلا عن دولت زوجة حافظ في الشهد والدموع التي تؤسس القصة كلها على أطماعها، وحتى شخصية «أنيسة» في ليالي الحلمية التي يتوج بها عكاشة هذا النوع من الشخصيات النسائية
شخصية أنيسة من مسلسل ليالي الحلمية
وتأكيدا على ولعه بمواجهة التنميط خرج عكاشة بالمسيحيين من الصورة المثالية التي رسخ لها في «ليالي الحلمية» (شخصية كمال خلة) الى صورة أخرى نقيضة في مسلسل «أميرة من عابدين» حيث الجار الوديع المسالم الطيب رمسيس يقابله شخصية ابن عمه البلطجي الذي لا يسلم حتى رمسيس من أذاه.
هذه الشخصيات الواقعية إلى حد كبير يقابلها كذلك شخصيات درامية بالغة التركيب والدلالات مثل شخصية العجلاتي التي قام بها محمد فريد في «الشهد والدموع»، أو المثقف المدعي الورداني التي قدمها سيد عبد الكريم في «على أبواب المدينة»، أو شخصية المحامي البسيط والبارع مصطفى بطاطا في «أرابيسك».
شخصية مصطفى بطاطا في «أرابيسك»
تحدي السائد و كسر التابوهات
تؤكد النماذج السابقة على عدم استسلام عكاشة للتنميط فضلا عن تنوع الرؤى الذي لا يتوقف عند الشخصيات بل يمتد لأحداث تاريخية، فيحفر في التاريخ المهجور ليحفز جيلا كاملا على البحث والقراءة مثلما فعل في مقدمة أرابيسك، أو تاريخ الإسكندرية في زيزينيا. أما عن المرحلة الناصرية والتي اتهم عكاشة دائما بالتعاطف معها والانحياز لها فقد قدم في «ليالي الحلمية» أعمق نقد للفترة الناصرية من خلال تأثيرها على مجمل الحياة السياسية وما أصاب المجال العام من انهيار، أرجعه بوضوح لتنظيمات يوليو بداية من التنظيم الطليعي مرورا بمنظمة الشباب وحتى الاتحاد الاشتراكي كاشفا الشخصيات التي استفادت من التجربة مثل شخصية حلمي خليف وغيرها وكيف أن ثغرات التجربة أدت إلى انتصار هذه النماذج الانتهازية.
كان «ليالي الحلمية» أول مسلسل يراجع التجربة الناصرية بموضوعية وينقد جذورها بعيدا عن موجة الأفلام التي تناولت انتهاكات حقوق الانسان والتي أشار لها المسلسل لكنها لم تكن الطرح الرئيسي لموضوعه، ولا ننسى أن المسلسل ظهر منتصف الثمانينات وقت أن بلغت هذه الموجة أقصى مراحل الابتذال فكريا وفنيا. ومن الصعب اتهام «ليالي الحلمية» بأنه قدم رؤية واحدة للتاريخ تعتمد الرواية الناصرية فقد أظهر لأول مرة نوستالجيا للأربعينيات والحياة الحزبية فيها، فكانت المرة الأولى التي نرى فيها من خلال الدراما التليفزيونية نموذجا جيدا للباشوات، وواصل المؤلف هذه الحالة في«زيزينيا» ثم «المصراوية». كما أن «الشهد الدموع» كذلك يحمل نقدا للناصرية من خلال شخصية نيازي رجل السلطة وتحالفه مع حافظ رضوان والألاعيب الاقتصادية والسياسية التي تقوم على استغلال النفوذ.
شخصية نيازي من مسلسل الشهد الدموع
إلا ان عرض إيجابيات التجربة الناصرية كان يعتبر بمنطق تلك الفترة التي كتب فيها عكاشة أعماله تحديا للسائد وخروجا على المألوف وكسرا لتابوه الهجوم على الناصرية وحيث كان إنصافها من المحظورات وكان اتهام مؤلف او مخرج بهذه المحاولة كفيلا بجلوسه في منزله في ظل ان المنتج كان إما الدولة أو الخليج، وهو ما عانى منه – بالمناسبة – مخرج ليالي الحلمية ذاته إسماعيل عبد الحافظ إثر وشاية من ممثل كبير في أواخر السبعينات.
ومن الاتهامات التي تلاحق أسامة أنور عكاشة، اصرار البعض على القول بأن لديه نزعة أبوية وهي إحدى التهم التي تتردد حوله وهي بالفعل موجودة ولكنها ليست بالدرجة التي يتم الترويج لها، فهو لا ينتصر دائما للأب إنما يقدمه كصاحب الخبرة الأكبر في الحياة وفي معظم الأوقات يبدو داعما لأبنائه، ودائما ما يقوم بعرض وجهة نظر الأبناء بشكل واضح ومنطقي في مواجهة حجج الآباء بل أحيانا ينحاز لوجهة نظر الأبناء كما في «الشهد والدموع» حيث عبرت الشخصية التي أدتها «نسرين» عن منطق الأبناء في مواجهة حجج الاباء وكانت نسرين من بين البطلات اللاتي لعبن نفس الدور في عدة اعمال، فكانت الفتاة صاحبة الحجج الوجيهة في أكثر من عمل أولها كان «على أبواب المدينة».
مشهد للفنانة نسرين من مسلسل الشهد والدموع
وهنا يجب أن نلفت النظر الى أن اسامة أنور عكاشة دارس الفلسفة القديم كان في حواراته الدرامية يضع منطقين قويين في مواجهة بعضهما البعض ويؤسس لسجالات حوارية دون أن ينتصر بالضرورة لوجهة نظر في مواجهة الأخرى وغالبا ما يترك للمتلقي ان يقرر من ذاته. كما أنه أحيانا يطرح وجهة نظر قوية ثم ينسفها من خلال حجة بسيطة تسقط المنطق القائمة عليه، وأساليب أخرى للجدل أخرجت كتاباته من المباشرة وحالة الخطابة المباشرة إلى حالة الحوار والنقاش. وكما سبق الإشارة فهو واحد من مؤسسي الأدب التلفزيوني وبسبب جهده التأسيسي يبدو مقبولا أن يستعين بوسائط فنية أخرى للتعبير، فأعطى في أعماله الأولى شكلا مسرحيا لحوارات أبطاله، إلا أن أسلوب الحوارات السابق وصفه ينفي تماما عنه تهمة الأخلاقوية المبالغ فيها التي يوجهها له البعض.
وكل هذا لا يعنى عدم وجود ثغرات أو نقاط ضعف درامية او فكرية في أعمال أسامة أنور عكاشة فحبكاته البوليسية في رأيي، ضعيفة إلى حد كبير مثل مشهد القبض على العصابة في على أبواب المدينة أو الجواسيس في أرابيسك. وفكريا هناك حالة «زينوفوبيا» خوف من الأجانب في كثير من أعماله ومنها «فلما أدرك شهريار الصباح» حيث يظهر ابن الجار من أم فرنسية شخصا تافها وانتهازيا بل وجاهلا لا يعرف من هو فيكتور هوجو وهو أمر شبه مستحيل لشاب أنهى دراسته الجامعية في فرنسا، والصديقة الأجنبية في أرابيسك هي بالضرورة جاسوسة هذه أمثلة تتكرر كثيرا. وطبعا يصاحب هذه الحالة مبالغات وطنية تصل لحد الشوفينية أحيانا مثل قصة الشاويش رمضان في على أبواب المدينة.
https://youtu.be/A82-oWLmP2U
مشهد من مسلسل على أبواب المدينة
عبر ما يقرب من ثلاثين عملا لا يمكن القول إن كل أعمال أعمال أسامة أنور جاءت على نفس المستوى أو أنه لم يقع في أخطاء، أو أن كل توجهاته وآرائه متفق عليها، لكن أخذ الأعمال كلها إجمالا وإصدار حكم واحد عليها هو أمر في غاية التعسف، وإغفال معايير النقد التقليدية تماما في تقييم عمل فني هو محاولة لا ترقى لتقييم جاد في رأيي، وأخذ الأعمال الفنية بشكل مباشر دون محاولة فهم ما خلف مضامين قد تبدو تقليدية، بل ورجعية أحيانا لكنها منقولة من المجتمع، تجعلنا وكأننا نطالب بفن محلق في الفضاء لا علاقة له بالواقع، فالفن إذا أراد حتى تغيير الواقع فإنه ينطلق من عرض نماذج منه وليس من الضروري أن يتعامل معها كلها في نفس العمل، وفي النهاية الوصول لأحكام أخلاقية أو الحديث عن أثر مباشر للفن في المتلقي ووعيه به تجاهل لطبيعة الفن ودوره بل وكذلك بطبيعة النفس البشرية وكيف يتشكل الوعي الفردي والجمعي.