ظهرت صورة محمود عزت سليمًا لم يتعرض لعنف أو غيره، بعد أن ألقت أجهزة الأمن المصرية القبض عليه اليوم 28 أغسطس 2020 مختبئا بإحدى الشقق السكنية بمنطقة التجمع الخامس، شرق القاهرة، وذلك بعد نجاحه في الهروب من قبضة الأمن المصري لمدة سبع سنوات.
نجح الرجل في الهروب رغم وجوده داخل مصر، ورغم شيخوخته، حيث إنه من مواليد أغسطس سنة 1944.
القبض علي عزت يعد الحدث الاهم في صراع الدولة الوطنية المصرية مع الاخوان منذ تصفية قائد الجناح العسكري د محمد كمال . اذ سيترتب علي القبض عليه نتائج خطيرة نظرا لمنصبه الرفيع في هيكلية الجماعة كقائم بأعمال مرشد الجماعة بعد القبض على محمد بديع..ولاسباب اخري لاتقل اهمية.
اذ يوصف محمود عزت بالصندوق الأسود للجماعة، وعقلها المدبر حتى في وجود محمد بديع الذي خلفه في موقعه بعد القبض على الأخير عام 2013، ويعد نجاح الأمن المصري في ذلك فاصلا خطيرا في مسار الصراع بين الجماعة – التي يصنفها القانون باعتبارها جماعة ارهابية – والدولة المصرية، فالمذكور هو اهم قيادة إخوانية خارج السجن واهم شخص يسيطر علي فروع وامكانيات التنظيم الاخواني المصري . ومن المؤكد ان القبض عليه سيجعل أزمة الإخوان تزداد خاصة بعد القبض عليه، كأبرز قيادة تاريخية خارج السجون حيث انتمى لتنظيم سيد قطب في السجون سنة 1965 ،كما عرف بهدوئه ودهائه وقدرته الكبيرة على حفظ الأسرار كصندوق اسود للجماعة، ولكن إلي اي حد ؟؟
هذا ما سنوضحه في هذه الدلالات الثلاثة الاولية لحدث القبض عليه
1- ازدياد أزمة التنظيم: لا شك أن سقوط عزت في يد السلطات سيفاقم من ازمة التنظيم الإخواني الذي يعاني داخل مصر، وإن كان استعاد نشاطه إعلاميا خارجها، وحضوره في عدد من البلاد عبر فروعه وعلاقاته المختلفة. وأهم ملامح هذه الأزمة هوتوسع الخلافات بين عناصره داخليا وخارجيا، وفي المنافي المختلفة، وتبادل الاتهامات المعلنة بالسرقات والفساد بين الشباب وشيوخهم في تركيا وقطر وغيرها، وكذلك جنوح قطاع عريض من الجماعة للعنف
2- تنظيم مطاط يقاوم الانهيار: ربما يكون من العجلة القول بانهيار التنظيم بالقبض على أحد اهم قياداته أو اعتقاله، لأن تنظيم الإخوان يمكن وصفه بالتنظيم المطاطي الذي يجيد امتصاص الأزمات وإدارتها، وقد تعرض لأزمات كبيرة منذ وفاة مؤسسه حسن البنا سنة 1949 أو إعدام منظره الأهم سيد قطب سنة 1964 أو الخلافات التي عرفها بين قياداته منذ الخمسينيات ومع تولي حسن الهضيبي قيادة الجماعة وخروج كثير من أعضاء مكتب الإرشاد حينها عليه، حتى بيعات المقابر في الثمانينيات والتسعينيات، ثم خلافات المناصب والسياسة منذ عام 2011، وقد يدفع غياب محمود عزت إلى مزيد من الشتات؛ ولكن قد يدفع أيضا للمراجعة في صفوف الجماعة وأجنحتها في الاتجاه السلبي الذي تسير فيه أو الإيجابي.
ونظرا لهذه المطاطية قد يصعب الحسم بأن القبض عليه سيزيد الخلاف أم قد يلم بعض الشتات الذي يعيشه عناصر وشباب الجماعة.
3- كنز معلوماتي لا يستهان به: حسب بيان وزارة الداخلية والذي أثبت قدرة أمنية لم تستجب لمحاولات التمويه بوجود الرجل خارج مصر، اذ تم الحصول على عدد من قواعد البيانات وأجهزة الكمبيوتر الخاصة بالصندوق الأسود، والذي لا شك أنها تمثل كنزا معلوماتيا كبيرا؛ يكشف خطط واستراتيجيات الجماعة المحظورة ويكشف نشطاءها وأزماتها في آن واحد.