لا يكاد ينطبق جزء من بيت المتنبي الشهير (مالئ الدنيا وشاغل الناس) – في حياته كما في مماته -على كاتب من أصحاب مهنة القلم أكثر من الأستاذ محمد حسنين هيكل الذي تصادف أن كان هو نفسه من أكبر عشاق وحفاظ الشعر خاصة شعر المتنبي وشوقي .
وفي هذا اليوم الذي تحل فيه ذكرى مولده السابع والتسعين (ولد الأستاذ في ٢٣ سبتمبر ١٩٢٣ وتوفي في ١٧ فبراير ٢٠١٦) تفرد “أصوات” ملفاً خاصاً عن أهم صحفي ومحلل سياسي وكاتب في الاستراتيجية في العالم العربي لمدة تصل إلى سبعين سنة.
وهو ملف ليس مخصصاً لمدح الأستاذ هيكل -وإن كانت عبقريته تستحق كل مدح- ولكنه مخصص لرؤية دور شخص استثنائي في إطار أمته. دورالصديق مع صانع القرار طيلة حكم عبد الناصر، وأكثر من ثلاث سنوات من حكم السادات. دور المعارض لصانع القرار من ١٩٧٤ حتي اعتقاله قبل شهر من اغتيال السادات ١٩٨١، ومع مبارك حتي رحيله عن السلطة ٢٠١١.
دور بل الدور – بألف ولام التعريف -الأهم هو دور المشارك في صياغة الوعي العام في العالم العربي بالتحديات التي تواجهه وهو الدور الذي أحبه أكثر من غيره، دور القادر على الحصول علي معلومات قصد حجبها عن الجمهور، ثم دور الرابط لهذه المعلومات تحليلاً في سياقها الزمني والموضوعي وفي إطار الصراع المستمر على المنطقة مدعوماً بالوثائق والخرائط والأحاديث الخاصة التي لاتتاح لغيره، ثم وهذا هو الأهم دور طرح سيناريوهات محتملة للمستقبل وتنبؤات صدقت الأيام وخطابها على الغالبية العظمى منها.
ولم يدخر الأستاذ في ممارسة هذا الدور وسيلة نشر لوصول رؤيته الي الناس من أول الصحيفة والمجلة الي الإذاعة والتلفزيون إلا واستخدمها، مطلاً على الناس بالحقائق ومفسرا وشارحا للأحداث، ومحذراً ومنبها من خطر (خروج العرب من التاريخ ) وتسليم مصائرهم لأعدائهم .
في هذا الملف سنجد مقالات تتحدث عن علاقته بعبد الناصر، ومقالات تتحدث عن علاقته بالسادات، ومقالات تتحدث عن علاقتة بمهنة الصحافة ونقاباتها العريقة والأجيال الجديدة من الصحفيين، ومقالات عن دوره كمرجعية سياسية للعالم العربي اتفقت عليه تياراتها حتي لو اختلفت مع جزء أو كل مما قاله.
حسين عبد الغني يكتب: مرجعية هيكل «المتفردة» بين أندريه مالرو وناعوم تشومسكي
يحاول هذا المقال أن يُفسر..
لماذا أصبح هيكل تدريجيًا منذ توليه رئاسة تحرير الاهرام ١٩٥٧ عمومًا ومنذ العام ١٩٨١ خصوصًا مرجعية عامة للأمة العربية على اختلاف مشاربها وتياراتها وأجيالها بالاتفاق وحتي بالاختلاف؟ ولماذا كان ابتعاده عن السلطة (دور مارلو وليبمان)، وممارسة دور (تشومسكي وادوارد سعيد) ترسيخًا لهذه المرجعية وتوسيعًا لنطاقها؟
هيكل في ظل عبد الناصر (1 – 3)
محمد حماد
هذا الأسبوع يكون قد مضى نصف قرن بالتمام والكمال على رحيل الرئيس جمال عبد الناصر في 28 سبتمبر 1970، وقرابة القرن (97سنة) على ميلاد الكاتب الكبير محمد حسنين هيكل في 23 سبتمبر 1923 واحتفاءً بالمناسبتين نكتب عن جوهر العلاقة بين الرجلين، تلك التي سماها هيكل في أحد أحاديثه «صداقة الحظ والشرف»، ورآها أخرون من أعداء الرجلين «شراكة في حكم مصر».
هيكل في ظل عبد الناصر (2 – 3)
محمد حماد
كان هيكل مؤهلاً لكي يقوم بأكثر من دور، فهو مثقف وشخصية عصرية، وإذا أنت قارنت بينه وبين الذين يحيطون بعبد الناصر من شخصيات معتمة، أو مجرد موظفين ومنفذين لسياساته، لن تكون المقارنة إلا لمصلحة شخص مثل هيكل.
ويجوز القول بأن هيكل كان صديق الرئيس ونديمه، ولكن بشكل عصري، وربما بطبيعة مختلفة تفرضها طبيعة الأشخاص، وبدور مختلف تفرضه وقائع العصر.
ولا شك أن جمال عبد الناصر وجد في هيكل الأسلوب الرائع، والبراعة في الصياغة، وقد كان فعلاً أبرع الكتاب وأجذلهم، وأكثرهم جاذبية، وكان صاحب لغة صحفية أدبية سائغة، وسهلة، وممتعة، يقرأها الجميع بشغف الحريص على أن يستزيد.
اعتقالات سبتمبر.. هيكل والسادات والعملية رقم «9»
محمد سعد عبد الحفيظ
تحدث هيكل في خريف الغضب عن الذي حدث في مصر نهاية 1981، والذي تبلور في حملة اعتقالات سبتمبر الشهيرة، وبلغ ذروته عندما التقت هذه الحالات كلها وتصادمت في حادث المنصة ظهر يوم 6 أكتوبر من تلك السنة، ووقف على تفاصيل حملة الاعتقالات التي طالت رموز مصر وطالته هو شخصيا