رؤى

أوستن وفلورنوي.. الخيار الصعب لحقيبة الدفاع الأمريكية

عرض وترجمة: أحمد بركات 
أحد العوامل التي قلبت الموازين لصالح أوستن كانت علاقته بالرئيس المنتخب، جو بايدن، التي يرجع تاريخها إلى قرابة عقد من الزمان، حيث تعرف بايدن، عندما كان نائبا للرئيس أوباما، إلى أوستن خلال ساعات لا حصر لها قضياها سويا في غرفة العمليات، خاصة في الوقت الذي تولى فيه الجنرال قيادة القوات المركزية.

كانت ميشيل فلورنوي – الخيار المفضل لدى كثيرين في مؤسسة السياسة الخارجية الديمقراطية – ستصبح أول امرأة تتولى وزارة الدفاع حال اختيارها من قبل بايدن لشغل هذا المنصب. وبينما كان يُنظر إليها على نطاق واسع على أنها المرشح المفضل لتولي حقيبة الدفاع أثناء حملة الانتخابات الرئاسية، واجه فريق بايدن الانتقالي في الأسابيع الأخيرة معارضة قوية من جناح اليسار في الحزب، حيث أبدت المجموعات التقدمية معارضة قوية ضد فلورنوي بسبب دورها في التدخلات العسكرية الأمريكية في ليبيا ومنطقة الشرق الأوسط من خلال مناصبها الحكومية السابقة، إلى جانب علاقتها الوطيدة بصناعة الدفاع التي أقامتها بعد مغادرتها منصبها الحكومي بوقت قليل.

خدمت فلورنوي في مجلس إدارة شركة Booz Allen Hamilton، كما شاركت في تأسيس شركة الاسشارات WestExec Advisors.

لكن أوستن قد لا يساعد فريق بايدن على هذا الصعيد أيضا. فهو أيضا عضو في مجلس إدارة شركة Raytheon، وهي شركة دفاع كبرى ومُصنع رائد للقنابل الذكية التي تستخدم في العراق وسوريا واليمن.

سيثير اختيار أوستن أيضا بعض التساؤلات بشأن التعهدات التي قطعها بايدن على نفسه فيما يتعلق بالتنوع الجندري في حكومته. “بالنسبة للنساء اللاتي شاركن في العمل أثناء الحملة الانتخابية، واللاتي سمعن وعود الرئيس المنتخب بتعيين فريق أمن قومي يراعي التوازن بين الجنسين، سيكون هذا الاختيار بمثابة صفعة على وجوههن”، كما صرح مسئول سابق في وزارة الدفاع في إدارتي جورج دبليو بوش وباراك أوباما لمجلة فورين بوليسي. وأضاف: “يجب أن يفخر الديمقراطيون بالمقاعد التي تم منحها للقيادة المدنية المتنوعة حتى تتمكن من العمل على جميع المستويات. ما الذي يفرض على الولايات المتحدة اللجوء إلى جنرال متقاعد؟”.

كما ضغط المشرعون وسائر حلفاء بايدن السياسيين على الرئيس المنتخب للاستفادة من مزيد من الملونين لشغل مناصب عليا في إدارته. ودفع بعض أعضاء “كتلة الكونجرس السوداء” (CBC) القوية، بما في ذلك رئيستها، النائبة الديمقراطية كارين باس، ومشرعين ديمقراطيين آخرين باتجاه أوستن. لكن أعضاء آخرين بالكتلة أيدوا فلورنوي لهذا المنصب.

كارين باس
كارين باس

يتمتع بايدن بتاريخ مشترك مع لويد أوستن، وهو ما ترك على الأرجح تأثيرا عميقا على قرار اختياره له. فعندما دفع بايدن باتجاه سحب القوات الأمريكية من العراق في الوقت الذي كان يشغل فيه منصب نائب الرئيس باراك أوباما، عارضت فلورنوي، التي كانت مسئول السياسة في البنتاغون، ومايك مولين، الذي كان يشغل منصب رئيس هيئة الأركان المشتركة، الفكرة؛ لكن أوستن لم يفعل ذلك.

عمل أوستن كقائد للقيادة المركزية الأمريكية التي تشرف على جميع العمليات العسكرية الأمريكية في الشرق الأوسط في الفترة بين عامي 2013 و2016، بما في ذلك عندما صعد تنظيم الدولة الإسلامية إلى السلطة لأول مرة، وسيطر على أجزاء كبيرة من العراق وسوريا. وأثارت إدارة أوستن لهذه الحملة بعض الانتقادات، وذلك عندما أقر أمام أعضاء الكونجرس في عام 2015 بأن الميزانية البالغ قدررها 500 مليون دولار والتي خُصصت لتدريب المتمردين السوريين لم تقدم سوى عن أربعة أو خمسة مقاتلين. لكن، في هذا الوقت، حصل أوستن على رتب وأوسمة شرفية لمساعدته على إنشاء تحالف عالمي من عشرات الدول ضد تنظيم الدولة الإسلامية، والقيام فيه بدور المنسق.

سيُكَلف أستون، الذي تقلد مناصبه العليا فقط في منطقة الشرق الأوسط، بقيادة البنتاجون الذي يركز الآن بدرجة كبيرة على التنافس الاستراتيجي مع الصين.

ليس واضحا كيف سيتجاوز أوستن تدقيق الكونجرس. في هذا السياق، قال العديد من خبراء فورين بوليسي التقدميين إن الكونجرس لا يجب أن يمنح تنازلا لأوستن، أو أي جنرال أو أميرال آخر متقاعد. وفي السابق، قال جاك ريد، العضو الديمقراطي في لجنة القوات المسلحة في مجلس الشيوخ، إنه سيرفض أي تنازل آخر لضابط تقاعد مؤخرا عن عمله بالجيش. كما صوت ثلاثة ديمقراطيون، لا يزالون في مجلس الشيوخ، في السابق ضد التنازل الذي قدمه الكونجرس لصالح جيمس ماتيس وتعيينه. ولكن، على عكس العديد من اختيارات بايدن لأعضاء حكومته الآخرين، لم يثر اختيار أوستن انتقادات فورية من الجمهوريين في مجلس الشيوخ، الذين يمكن أن يكون دعمهم أثناء عملية التثبيت حاسمة في حال نجح الحزب الجمهوري في الاحتفاظ بسيطرته على مجلس الشيوخ.

كما قال أحد المؤيدين التقدميين لمجلة “فورين بوليسي” إن هذا لن يُنظر إليه بالضرورة باعتباره انتصارا لمعسكر اليسار في الحزب. وأضاف أنه “يعبر بدرجة أكبر عن رؤى شخصية لبايدن تتعلق بفلورنوي، وعدم ارتياحه لها، وعدم قدرته على اللجوء إلى جونسون”. وأضاف: “هذا ما جعله يتجه إلى أوستن الذي ضغطت “كتلة الكونجرس السوداء” أيضا من أجله”.

لكن تقدميين آخرين احتفوا بالقرار. “الهيمنة المدنية على الجيش مهمة، وسِجل أوستن يُظهر أنه سيحقق على الأرجح الغرض من هذا المبدأ، لأنه يحظى باحترام الجميع بسبب عدم رغبته في الظهور، واتباعه توجيهات المسئولين المنتخبين”، كما قال إريك سبيرلينج، المدير التنفيذي لمنظمة Just Foreign Policy.

“يتعين على التقدميون أن يفضلوا ذلك على مسئول قديم في البنتاجون عزز التدخل العسكري الأمريكي في كل لحظة مهمة خلال العقدين الماضيين، وتربطه علاقات غامضة بشركات السلاح والأنظمة الأجنبية”، كما قال سبيرلينج في إشارة إلى فلورنوي.

وفي مكالمة هاتفية، قال آدم سميث، رئيس لجنة القوات المسلحة بمجلس النواب، وهو عضو ديمقراطي، إنه دفع بقريق بايدن للتفكير بقوة في فلورنوي باعتبارها الخيار الأمثل.

روبي جرامر – مراسل مختص بشئون الأمن القومي والدبلوماسية في مجلة Foreign Policy
*هذه المادة مترجمة. يمكن مطالعة النص الأصلي باللغة الإنجليزية من هنا

أحمد بركات

باحث و مترجم مصرى
زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة Adblock

برجاء دعمنا عن طريق تعطيل إضافة Adblock