مع ظهور السوشيال ميديا حدث تحول كبير في لغة وحوار الشارع الذي تأثر بشكل كبير بمواقع التواصل الاجتماعي والتي أصبحت تحدد ما يتم الحديث عنه وما يتم تجاهله والطريقة التي يتم تناول بها أي موضوع أو قضية، ومن ثم كان من الطبيعي أن تتأثر الدراما بشقيها بالسوشيال ميديا سواء في الموضوعات التي يتم تقديمها أو طريقة التناول والطرح وأيضا الحوار والألفاظ المستخدمة في الأعمال الفنية، خاصة وأن عدد مستخدمي السوشيال ميديا في تزايد كبير وغالبية روادها من الشباب على اختلاف الطبقات الاجتماعية والمستوى الثقافي وهو بالطبع جمهور أو الهدف الرئيسي لصُناع الدراما (سينما أو تليفزيون)
يظهر هذا التأثر في ما تتناوله الدراما من قضايا و موضوعات، حيث كان في الماضي يعتمد بعض صُناع الدراما على متابعة صفحة الحوادث أو دفتر المحاضر والقضايا داخل أقسام الشرطة، الآن أصبح متابعة مواقع التواصل وما تهتم به وتتناوله من قضايا و موضوعات مقصد صُناع الدراما وأيضا الإعلاميين، حيث تُثار القضايا ويتم الكشف عن جرائم بل و فضح الجاني على مواقع التواصل كما حدث في كثير من قضايا التحرش والاغتصاب وخطف الأطفال، وبالتالي أصبح أمام صُناع الدراما مادة خصبة وحية للاستخدام والتناول، مادة تتسم بالطزاجة والواقعية بل و الجرأة أيضا، حيث انتقلت جرأة رواد السوشيال ميديا في الحديث وتناول القضايا الشائكة إلى صُناع الدراما كما في الأعمال الدرامية المعروضة على المنصات الإلكترونية والتي لولاها لما ظهرت هذه الأعمال وماعُرضت على القنوات الفضائية بسبب قائمة المحظورات الموجودة من قِبل الرقابة والتي لم تعد مناسبة لواقع متغير وأصبحت بحاجة للمراجعة والتعديل، والجرأة هنا لا تعني الانفلات أو الانحلال، ولكن تعني التطرق لموضوعات جريئة غير مألوفة في الطرح من خلال العمل الدرامي وجديدة على المشاهد العادي وأيضا في استخدام لغة حوار أقرب للواقع دون إسفاف أو انحلال، حيث لم يعد مناسبا تقديم أعمال متحفظة أو تناول قضايا بفكر تجاوزه الزمن لجمهور يتسم بالجرأة والتحرر وهو ما وضح مؤخرا من خلال مسلسل “نمرة اتين” والذي قدم قضايا اجتماعية واقعية بشكل وحوار مختلف وحقتت نجاحا كبيرا مع الجمهور والتي لو تم عرضها على الرقابة لما سمحت بها أو حُذف منها العديد من المشاهد والحلقات رغم أنها لا تحتوي على أي شيء مُسف.
https://www.youtube.com/watch?v=ioFhxhhQlWc
كما أصبحت السوشيال ميديا بطلة الكثير من الأعمال من خلال التطرق لإدمان مواقع التواصل الاجتماعي وتأثيرها على العلاقات الشخصية المباشرة بشكل سلبي وافتقاد الناس للتواصل معا مما أدى إلى التفكك الأسري وأيضا حالات الخيانة الزوجية التي حدثت من خلال العالم الافتراضي.
أيضا جمهور مواقع التواصل ناقد جريء و حر للأعمال الدرامية يعبر عن رأيه في ما يشاهده دون مجاملة أو نفاق، أحيانا يكون قاسيا ومنفلتا إلى حد ما، لكن بالتأكيد رأيه هام ولا يمكن إغفاله وهو ما جعل كثير من النجوم تحرص على متابعة ردود الأفعال حول أعمالهم والرد على التعليقات مهما كانت قاسية و حادة ونشر الإيجابي منها على صفحاتهم وفي المواقع الإخبارية كدليل نجاح للعمل، وهذا لا يمنع من وجود بعض المجاملات حبا في النجم أو توددا له وهناك بعض الآراء والتعليقات مدفوعة الأجر من أجل صناعة ترند أو متابعة وشعبية كبيرة، لكن في كل الأحوال هذا العالم أصبح هاما جدا في تقييم الأعمال ونجاحها أو فشلها، حيث أصبح رد فعل الجمهور لحظي وأثناء العرض كما لو كان عرضا مسرحيا صُناع العمل والفنانين تتلقى رد الفعل أثناء العرض ولم يعد الأمر يحتاج إلى الانتظار لانتهاء العمل ثم الكتابة عنه والنشر في الصحف بعد فترة من العرض، لكن مع كل حلقة ومشهد يحدث التفاعل وردود الأفعال والنقاش، حتى إذا حدث اختلاف في مستوى العمل و جودته صعودا أو هبوطا بعد عِدة حلقات سوف يظهر هذا في تفاعل الجمهور ورد فعلهم، فقد تحول النجاح من مقالات نقدية وآراء الجمهور في الشارع، إلى بوستات وكوميكس وتعليقات رواد السوشيال ميديا على مقاطع من المسلسل تُعرض على الصفحات العامة للعمل وصفحات الفنانين والجميع يحرص على متابعة كل ما يُكتب عن العمل لقياس آراء الجمهور و رد فعلهم وأيضا معرفة أزواقهم فيما يجب تناوله من موضوعات درامية.
وتعتبر الأعمال الكوميدية من أكثر الأعمال الدرامية تأثرا بمواقع التواصل، حيث نقلت عنها كثيرا من الكوميكس والإفيهات “الألش بلغة مواقع التواصل” في محاولة لجذب جمهورها لمتابعة هذه الأعمال، في كثير من الأحيان كان الاختيار غير مناسبا حيث غاب الموضوع والقصة ولم تشفع الإفيهات لنجاح العمل والإقبال عليه، فقد اختفت إلى حد ما كوميديا الموقف المكتوبة بعناية وحلت محلها كوميديا الإفيهات والنكات أسوة بما يقوم به جمهور السوشيال ميديا حيث تحولت الأعمال الكوميدية إلى اسكتشات متتالية تحتوي على كم كبير من الاستظراف والتهريج دون دراما أو موضوع وهو ما جعل نجاح هذه الأعمال أو ما نجح منها، نجاحا مؤقتا سريعا.