رؤى

بايدن يعين ناشطًا مناهضًا لإسرائيل كمدير أول للاستخبارات في مجلس الأمن القومي

عرض وترجمة: أحمد بركات
“لماذا توفر جورجتاون منصة لهذه الجماعة الخطيرة؟”، طرح أحد كُتاب الرأي في صحيفة “واشنطن بوست” هذا التساؤل في عام 2006.

كانت “الجماعة الخطيرة” هي “حركة التضامن الفلسطيني”، وهي حركة للمقاطعة وسحب الاستثمارات وفرض العقوبات ومجموعة كراهية تنبض بالعداء ضد إسرائيل، وتنضح مؤتمراتها بتاريخ من معاداة السامية، ودعم حماس، وقتل اليهود.

كان ماهر بيطار آنذاك عضوا في المجلس التنفيذي لـ “طلاب من أجل العدالة في فلسطين”، وهي إحدى الجهات  المنظمة الرئيسة لمؤتمر 2006، بجامعة جورجتاون. ويظهر في إحدى الصور مرتديا الكوفية الفلسطينية، وواقفا بشمم أمام لافتة كُتب عليها: “سحب الاستثمارات من نظام الفصل العنصري في إسرائيل”.

والآن، اختار بايدن ماهر بيطار كمدير أول للاستخبارات في مجلس الأمن القومي.

ماهر بيطار
ماهر بيطار المعروف بمواقفه المُناهضة لإسرائيل

في عام 2006، طلبت اللجنة اليهودية الأمريكية من جامعة جورجتاون النأي بنفسها عن “حركة التضامن مع فلسطين” و”طلاب من أجل العدالة في فلسطين”. واليوم، تحتل هذه الجماعات المعادية لإسرائيل موقع الصدارة في مؤسسة السياسة الخارجية الأمريكية، ومن المقرر أن تكون مسؤولة عن رسم مسار السياسة الخارجية لإدارة بايدن.

في موقعه الجديد، سيقوم الناشط المناهض لإسرائيل في السابق بتنسيق المعلومات الاستخباراتية بين البيت الأبيض وأجهزة الاستخبارات، وتلقي المعلومات من وكالات الاستخبارات، وإبلاغها بسياسات البيت الأبيض، وتحديد من يمكنه الوصول إلى المعلومات السرية. يطلع هذا الموقع من مؤسسة السياسة الخارجية الأمريكية أيضا على بعض المعلومات الأكثر سرية في وكالات وهيئات أخرى ذات صلة.

من المفترض أن تؤول وظيفة مدير أول الاستخبارات في مجلس الأمن القومي إلى خبير في مجال الاستخبارات. ومن ثم، فإن السؤال الذي يطرح نفسه بقوة الآن هو: كيف ينتقل ناشط مناهض لإسرائيل من المساعدة في استضافة المؤتمرات لمنظمة يدعم قادتها الإرهاب الإسلامي إلى منصب رفيع في منظومة الاستخبارات؟.

في مؤتمر “حركة التضامن مع فلسطين” الذي استضافته جامعة جورجتاون قبل نحو 15 عاما، أدار بيطار جلسة انكبت بإسهاب على شرح كيفية شيطنة إسرائيل. وفي العام التالي، قام بتسهيل عقد قمة “رابطة الطلاب الفلسطينيين” التي تحدث فيها يوسف مسعد، واصفا إسرائيل بأنها “دولة عنصرية يهودية”، وممتدحا الإرهاب.

في هذه القمة، أكد مسعد أيضا أن فكرة “تأويل الكراهية لليهود في أي موقع في الجغرافيا، وفي أي حقبة في التاريخ على أنه معاداة للسامية ينم عن سوء فهم عميق لتاريخ معاداة السامية في أوربا”.

بعد سنوات، التحق ماهر بيطار بالعمل في “الأونروا” (وكالة الأمم المتحدة لغوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين في الشرق الأدنى)، وتدرب في “مؤسسة السلام في الشرق الأوسط” المعادية لإسرائيل، ودرس في “مركز دراسات اللاجئين” في أكسفورد، حيث كتب العديد من البحوث عن ما يسمى بـ ’النكبة‘ وعن النشاط السياسي ’الفلسطيني‘. ووصف الجدار الأمني الإسرائيلي بـ “جدار الفصل”.

وكتب بيطار في إحدى الصحف أن “الوجود السياسي لإسرائيل كدولة هو سبب نزع حقوق الملكية والدولة من الفلسطينيين”. وأضاف: “يبقى رفض إسرائيل حق الفلسطينيين في العودة العائق الأساسي في التوصل إلى حل دائم”.

رغم ذلك، عمل بيطار في مكتب “المبعوث الخاص للسلام في الشرق الأوسط”. ومن هناك، انتقل للعمل كمدير مجلس الأمن القومي للشؤون الإسرائيلية والفلسطينية، ونائبا سامانثا باور ، مندوبة الولايات المتحدة لدى الأمم المتحدة.

وفي أقل من عقد من الزمان، انتقل بيطار من مناهضة إسرائيل من خلال شبكة “منظمات المقاطعة” إلى مناصب رئيسية تشكل العمل الاستخباراتي وترسم ملامح والسياسة الخارجية الأمريكية في مجلس الأمن القومي والأمم المتحدة.

وفي عام 2016، عاد بيطار إلى جامعة جورجتاون ليخبر الطلاب أن “من كان منكم يشعر برفض السياسة الأمريكية ويرغب في تغييرها” يمكنه أن يفعل ذلك.

ومع انتخاب الرئيس ترمب، أصبح بيطار المستشار العام للديمقراطيين في لجنة الاستخبارات في مجلس النواب، والمستشار القانوني الأول للنائب آدم شيف، ولعب دورا محوريا في أول محاولة للديمقراطيين لعزل ترمب، واليوم يعود بيطار إلى مجلس الأمن القومي.

يكشف الصعود الوظيفي لبيطار بجلاء عن تخلي الديمقراطيين عن إسرائيل، وعدم كفاءة المؤيدين لإسرائيل في خوض المعارك التي تحدد ملامح الحكومة، إيمانا بمعادلة أن المعارك السياسية لا يتم حسمها على المستوى التنفيذي، وإنما على المستوى الوظيفي.

ماهر بيطار بصحبة الرئيس الأمريكي السابق أوباما
ماهر بيطار بصحبة الرئيس الأمريكي السابق أوباما

فاليسار يواصلون كسب المعارك السياسية حتى في الوقت الذي يفوز فيه المعتدلون والمحافظون بالانتخابات، لأنهم يعون جيدا أن وجود مناصريهم في مواقع وظيفية معنية بصنع السياسات أهم بكثير من الفوز بانتخابات هنا أو هناك.

كان أوباما قد وضع مؤلف “التطهير العرقي وتداعي المجتمع الفلسطيني” كمسؤول عن مكتب الأمن القومي بشأن إسرائيل. واليوم يعينه بايدن مسؤولا عن استخبارات مجلس الأمن القومي.

ستعود إسرائيل – إذن – إلى فهمها القديم في عصر أوباما من حيث عدم قدرتها على مشاركة المعلومات

الاستخباراتية الحساسة مع نظرائها الأمريكيين لأن مجلس الأمن القومي تم تلويثه مرة أخرى.

لكن هذا التلويث يحمل معاني ضمنية تتجاوز إسرائيل.

في المؤتمر المناهض لإسرائيل الذي استضافته جامعة جورجتاون في عام 2006، كان بيطار ينصح الحضور بشأن كيفية التسلل والاندماج. والآن بعد وصوله إلى قمة السلم الوظيفي في مجلس الأمن القومي، نال شرف تصديره من قبل مجلة “بوليتيكو” بهويته “الفلسطينية”.

إن راديكالية الديمقراطيين وتخليهم عن الدولة اليهودية أمور حقيقية تماما. هذه هي الطريقة التي انتقل بها ماهر بيطار من النشاط المناهض لإسرائيل إلى مكتب إسرائيل في مجلس الأمن القومي، ومنه إلى منصب استخبارات السياسة العليا في المجلس.

كان السؤال الذي طرحته صحيفة واشنطن بوست في عام 2006 هو “لماذا تقدم جامعة جورجتاون منصة لهذه الجماعة الخطيرة؟”. أما السؤال الذي يطرح نفسه الآن فهو: “لماذا جو بايدن والديمقراطيون؟”، و”ماذا تنتوي الجماعات الموالية لإسرائيل أن تفعل حيال ذلك؟”.

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

دانيل جرينفيلد: زميل شيلمان للصحافة في “مركز الحرية”، وصحفي معني بشؤون الإرهاب الإسلامي

*هذه المادة مترجمة. يمكن مطالعة النص الأصلي باللغة الإنجليزية من هنا

أحمد بركات

باحث و مترجم مصرى

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة Adblock

برجاء دعمنا عن طريق تعطيل إضافة Adblock