رؤى

مذكرة سرية تكشف تفاصيل مذهلة عن الضربات التي يتعرض لها الكوماندوز الأمريكي من الإرهابيين في أفريقيا (2 – 2)

في جميع أنحاء القارة الأفريقية، برزت “جماعة نصرة الإسلام والمسلمين” التابعة لتنظيم القاعدة، وشبكات تنظيم الدولة الإسلامية في منطقة الساحل الأفريقي وحوض بحيرة تشاد كتهديدات رئيسة. “وزاد العنف في هذه المنطقة على مدى السنوات الماضية”، حسبما أخبر مسؤول في وزارة الدفاع الأميركية قناة “فايس وورلد نيوز” (لم تسمه).

كما وثق تقرير صادر عن”المركز الأفريقي للدراسات الاستراتيجية”، وهو مؤسسة أبحاث تابعة لوزارة الدفاع الأميركية، البنتاغون، لحالة “تدهور شديد”. ففي عام 2020، قفزت الهجمات التي نفذتها جماعات مسلحة في منطقة الساحل بنسبة 44% عن العام السابق عليه. ووفقا للتقرير، فإن الوفيات الناتجة عن ذلك، والتي بلغت 4122 قتيلا، كانت أعلى بنسبة 57% عن العام السابق عليه، ما يؤكد تزايد معدل الوفيات المرتبط بهذه الجماعات، بحسب التقرير.

وكشف تقرير منفصل صدر في ديسمبر 2020 عن “المركز الأفريقي” أيضا أن “تنظيم الدولة الإسلامية في الصحراء الكبرى”، وهو تنظيم يتبع تنظيم الدولة الرئيسي، “قام بتمديد وتكثيف عملياته” في العام الماضي، حيث نفذ 42 هجوما في مناطق إدارية في أماكن متفرقة في بوركينا فاسو ومالي والنيجر. وإجمالا، فقد ارتفعت وتيرة عنف “تنظيم الدولة في الصحراء الكبرى” بما يفوق الضعف في عام 2020 مقارنة بعام 2019.

https://www.youtube.com/watch?v=5Qjb88POgf0

وتنص خطط حملة “سوكافريقا” على مدى الأعوام من 2019 إلى 2023، والتي صدرت في مايو 2018، على أن “سوكافريكا” تهدف، بالاشتراك مع الوكالات الحكومية الأميركية الأخرى، والشركاء الإقليميين، إلى تمكين دول الساحل من “إضعاف واحتواء تنظيم الدولة الإسلامية في الصحراء الكبرى”. والآن، وبعد ثلاث سنوات تقريبا من الإعلان عن هذه الخطط، “لم يتم تقويض التنظيم الإرهابي أو شل حركته، ولا يزال يشكل خطرا داهما”، كما قال مسؤول وزارة الدفاع الأميركية.

وانعكس عدم إحرز تقدم يذكر في إضعاف الجماعات الإرهابية في البؤر الساخنة منذ فترة طويلة على الإخفاق الواضح في الكشف عن التهديدات الناشئة في المناطق الأخرى. وتشير الخطط إلى وجود 13 دولة أفريقية تعاني من حضور تنظيم الدولة الإسلامية بدرجة أو أخرى، لكنها تفشل في تحديد “تنظيم الدولة الإسلامية في موزمبيق”، وهو جماعة متطرفة قتلت أكثر من 1300 مدني منذ عام 2017، فيما يمثل نقطة عمياء صارخة بالنظر إلى أن “سوكافريقا” تزعم “مراقبة تطور المنظمات المتطورة العنيفة في جميع أنحاء القارة الأفريقية”.

وبرغم حقيقة أن “تنظيم الدولة الإسلامية في موزمبيق”، المعروف رسميا باسم “أهل السنة والجماعة”، بدأ كجماعة إسلامية محلية في عام 2007، ودشن تمرده في أكتوبر 2017، أي قبل أكثر من ستة أشهر من إصدار خطط “سوكافريكا” السرية، لا توجد أي إشارة إلى الجماعة في أي قسم من أقسام الوثيقة، كما لم يرد ذكر موزمبيق بالأساس، برغم التغطية الصحافية الكبيرة والتقارير المتعمقة التي تصدرها منظمات غير حكومية وجهات أخرى بشأن العنف الذي شهدته البلاد في عام2017.

وقبل أشهر من الموافقة على خطط “سوكافريكا” وصدورها في عام 2018، نشر “المركز الأفريقي”، التابع لوزارة الدفاع الأميركية، تقريرا بعنوان “ظهور التطرف العنيف في شمال موزمبيق”، وهو عبارة عن تحليل مفصل للتمرد المتنامي في البلاد. وتم التأكيد بشكل أكبر من قبل “المركز الأفريقي” على الفشل الاستخباراتي الواضح، وذلك في تقييمه الصادر في يناير 2021، والذي أشار إلى أن “عدد حوادث العنف المرتبطة بالجماعات الإسلامية المتطرفة في مقاطعة كابو ديلجادو في شمال موزمبيق ارتفع بنسبة 129% في عام 2020”.

https://www.youtube.com/watch?v=UQgRo0ono3Y

ولم يستجب المتحدث الرسمي باسم “سوكافريكا”، أندرو كولك لطلبات قناة “فايس وورلد نيوز” للتعليق على مراقبة القيادة للحضور الداعشي في موزمبيق، لكن مسؤول وزارة الدفاع الأميركية الذي تحدث شريطة عدم الكشف عن هويته أقر بتمرد الجماعة المستمر منذ سنوات وبالطفرة الأخيرة في العنف.

“في عام 2020، وعلى مدى السنوات الثلاث السابقة عليه، تفاقمت التهديدات الإرهابية من تنظيم الدولة الإسلامية في موزمبيق، ما أسفر عن مقتل ونزوح المدنيين الأبرياء”، كما أخبر المسؤول قناة “فايس وورلد نيوز”.

وفي هذا الشهر (مارس 2021)، صنفت وزارة الخارجية الأميركية تنظيم الدولة الإسلامية في موزمبيق رسميا كـ “منظمة إرهابية أجنبية”. “وشهد عاما 2019 و2020 تطورا مهما للتهديدات التي فرضها تنظيم الدولة الإسلامية”، كما قال جون جودفري، القائم بأعمال منسق مكافحة الإرهاب، والمبعوث الخاص بالإنابة للتحالف الدولي لهزيمة تنظيم الدولة الإسلامية، في مكالمة عبر الفيديو مع “فايس وورلد نيوز”، مضيفا: “ولا يوجد مكان آخر في العالم يثير فيه هذا التوجه هذا القدر من الإزعاج والقلق الذي يثيره في أفريقيا”.

وفي بداية شهر مارس 2021، أعلنت الولايات المتحدة أن “قوات العمليات الخاصة ستضطلع بتدريب مشاة البحرية الموزمبيقية لمدة شهرين لدعم جهود موزمبيق لمنع انتشار الإرهاب والتطرف العنيف”.

وفي الوقت الذي قدمت فيه “سوكافريكا” خطتها للفترة من 2019 إلى 2023، حدد “المركز الأفريقي للدراسات الاستراتيجية” تسع دول توجد بها جماعات إسلامية مسلحة نشطة. وفي التقرير الصادر عن المركز في يناير 2021، ارتفع هذا العدد إلى 16 دولة، بما في ذلك ثلاث جماعات إرهابية عبر وطنية تهدد ثلاث دول في منطقة الساحل، وثلاث جماعات مسلحة تهدد أربع دول في حوض بحيرة تشاد، ومنظمتين إرهابيتين إسلاميتين تؤثر في دولتين في شرق أفريقيا.

وتُظهر حقيقة الإشارة إلى “حركة الشباب” في الصومال، التي نفذت أيضا هجمات عديدة في كينيا في عام 2021، كحركة مؤثرة محليا في الصومال فقط، أن هذه الأعداد غير دقيقة، وأنها أقل مما هي عليه في الواقع.

وتبدو “سوكافريكا” صريحة عندما يتعلق الأمر بتكلفة هذا الفشل. “تتجلى مخاطر عدم إضعاف وتقويض المنظمات المتطرفة العنيفة في زيادة عدم الاستقرار، وتصدير التهديدات الأمنية لشركائنا الأوربيين والأفارقة، وتراجع نفوذنا في القارة الأفريقية”، كما ورد في الخطط السرية سابقا.

https://www.youtube.com/watch?v=CE2SRRxbhdU&

لكن ما لا تتعرض له الخطط هو تكلفة هذا الإخفاق التي يتحملها المدنيون المحليون جراء إعطاء الأولوية المطلقة لجهود مكافحة الإرهاب الفاشلة في دول مثل بوركينا فاسو ومالي والنيجر. فعندما صدر تقرير “سوكافريكا”، كان هناك حوالي 27 ألف وأربعمائة نازح داخل البلاد في بوركينا فاسو، أما اليوم، فيوجد أكثر من مليون نازح بوركينابي بلا مأوى بسبب العنف الجهادي أو انتهاكات قوات الأمن التابعة للحكومة المدعومة أميركيا. وفي منطقة الساحل، نزح أكثر من مليوني شخص بسبب العنف، وهو أربعة اضعاف العدد من عامين فقط.

“يمكن أن يعزى عدم إحراز “سوكافريكا” أي تقدم، ولو بصورة جزئية، في إضعاف وتقويض الجماعات الإرهابية في الصومال ومنطقة الساحل وحوض بحيرة تشاد وموزمبيق في عام 2020 إلى أن القيادة لا تعالج الظروف الأساسية التي تسبب التطرف العنيف برغم أن ذلك يشكل جزءا من مهمتها”، كما قالت تيمي إبيروجبا، الباحثة في “مركز السياسة الدولية”.

وفي معرض تشديدها على أن الولايات المتحدة يجب أن تعيد التفكير في نهجها في مكافحة الإرهاب، أكدت إبيروجبا أن البلاد بحاجة إلى إعادة تخصيص الأموال، وإعادة توجيها من الحلول العسكرية إلى المساعدات التي تستهدف البواعث الحقيقية للتطرف. وقالت: “يتضمن هذا السياسة الخارجية التي تدفع بعجلة التنمية الاقتصادية وتثمن خدمات الصحة النفسية، وتقدم المزيد للشباب المحرومين الذين ينضمون إلى هذه التنظيمات المتطرفة العنيفة”.

*هذه المادة مترجمة. يمكن مطالعة النص الأصلي باللغة الإنجليزية من هنا

أحمد بركات

باحث و مترجم مصرى

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة Adblock

برجاء دعمنا عن طريق تعطيل إضافة Adblock