رؤى

هيومن رايتس ووتش: “إسرائيل نظام عنصري مثل جنوب إفريقيا”

تنشر أصوات اليوم مقالين من أجل دعم هذا الحدث التاريخي وهذا التطور المهم: فلأول مرة يعترف العالم بأن إسرائيل تمارس سياسة الفصل العنصري البغيضة.. وإن أصوات وهي تنشر المقالين تؤكد أن هناك تطورا تاريخيًا بالغ الأهمية، وهو تطور يكشف بجلاء مسلسل الوحشية الذي تمارسه إسرائيل ضد الشعب الفلسطيني، وهو ما يشبه (الابارتايد) أي سياسة التفرقة البغيضة التي مارسها البيض في جنوب افريقيا علي أهلنا الأفارقة لقرون.. وهذا هو المقال الأول:

عندما اتهمت مئات الجماعات الحقوقية التي اجتمعت في جنوب إفريقيا في عام 2001 إسرائيل بالتمييز العنصري، حاول بعض المشاركين النأي بأنفسهم عن ولوج هذا الحمى الشائك. في هذا السياق قال ممثل “هيومن رايتس ووتش” البارز، في ذلك الحين ، ريد برودي: “من الخطأ المساواة بين الصهيونية والعنصرية”.

ولكن، بعد عقدين من الزمان، خلص عدد صغير، ولكنه متزايد، من المنظمات الحقوقية الإسرائيلية والدولية إلى ما خلص إليه كثير من الفلسطينيين منذ عقود، وهو أن إسرائيل “تمارس شكلا من أشكال الفصل العنصري، والمتمثل في النظام القانوني العنصري الذي حكم جنوب إفريقيا حتى بداية تسعينيات القرن الماضي”.

وقبل أيام (الثلاثاء 27 أبريل 2021)، أصدرت منظمة “هيومن رايتس ووتش” تقريرا من 213 صفحة أكدت فيه أن “إسرائيل تتبع سياسة تفوق عنصري تضع اليهود الإسرائيليين في مرتبة أعلى من الفلسطينيين في كل من إسرائيل والأراضي المحتلة”.

“السبب الرئيسي في هذا التحول من قبل المنظمة الحقوقية”، وفقا لكينيث روث، المدير التنفيذي لـ “هيومن رايتس ووتش”، هو أن “السياسة الإسرائيلية، التي كانت تعتبر مؤقتة، تحولت بمرور الوقت إلى حالة دائمة”.

محاولات الفلسطينيين لاختراق جدار الفصل العنصري
محاولات الفلسطينيين لاختراق جدار الفصل العنصري

وأضاف: “بينما يعامل جزء كبير من العالم الاحتلال الأسرائيلي على مدى نصف قرن من الزمان باعتباره حالة مؤقتة ستتكفل بعلاجها على الفور “عملية سلام مستمرة منذ عقود”، بلغ ما يعانيه الفلسطينيون من الظلم “الحد والاستدامة التي تلبي شروط تعريف جريمة الفصل العنصري والاضطهاد”.

وفي يناير الماضي، وجهت مجموعة “بتسيلم” الحقوقية الإسرائيلية التهمة نفسها إلى إسرائيل، لتنضم بذلك إلى منظمتين إسرائيليتين أخريين، ولتردد مزاعم أطلقها الفلسطينيون منذ ستينيات القرن الماضي على الأقل، وكررها من بعدهم الرئيس الأمريكي الأسبق جيمي كارتر في عام 2006.

من جانبها، أدانت الحكومة الإسرائيلية تقرير منظمة “هيومن رايتس ووتش”، ووصفته بأنه “هجوم شائن ولا أساس له”.

وقال مارك ريجيف، كبير مستشاري رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، إن “فرية الفصل العنصري تطلقها منظمة متهمة على مدى سنوات بالتحيز المنهجي ضد إسرائيل”.

وأضاف ريجيف: “إن الادعاء بأن السياسات الإسرائيلية مدفوعة بالعنصرية هو ادعاء لا أساس له وشائن، ويقلل من شأن التهديدات الأمنية الحقيقية التي يفرضها الإرهابيون الفلسطينيون على المدنيين الإسرائيليين الذين تتجاهل “هيومن رايتس ووتش” حقوقهم الإنسانية الأساسية للعيش في حرية وأمن”.

جدار الفصل العنصريولم يغرد جلعاد إردان، سفير إسرائيل لدى الولايات المتحدة، بعيدا عن هذا السرب، إذ وصف التقرير بأنه “يقترب من معاداة السامية”، مضيفا: “عندما يستخدم كاتبو التقرير بسخرية وبتزييف واضح للحقائق مصطلح ’الفصل العنصري‘، فإنهم يلغون الوضع القانوني والاجتماعي لملايين المدنيين الإسرائيليين، بما في ذلك المواطنين العرب، الذين يشكلون جزءا لا يتجزأ من دولة إسرائيل”.

والحقيقة أن منظمة “هيومن رايتس ووتش” لا تجري مقارنة مباشرة مع النظام الجنوب إفريقي سيئ السمعة الذي جعل من لون البشرة مناطا للتمييز بين المواطنين، وإنما تستشهد بقوانين دولية تُعرف الفصل العنصري كجريمة ضد الإنسانية تهيمن من خلالها مجموعة عنصرية ما على مجموعة أخرى عبر أعمال قمع متعمدة ومنهجية وغير إنسانية.

وبينما تؤكد “هيومن رايتس ووتش” أن هذه السياسات مستمرة، بدرجة أو أخرى، في الضفة الغربية، وقطاع غزة، وداخل دولة إسرائيل نفسها، إلا أنها تشير إلى الضفة الغربية المحتلة باعتبارها “الحالة أ”، “حيث أنشأت إسرائيل هناك”، وفقا لما ورد في التقرير “نظاما من مستويين، يعيش بعض الفلسطينيين في أحدهما تحت وطأة الحكم العسكري، بينما يعيش المستوطنون الإسرائيليون في الآخر في ظل نظام قانوني مدني ويتمتعون بحريات أكبر”، وهو تفاوت وصفته “هيومن رايتس ووتش” بأنه “يرقى إلى مستوى القمع المنهجي المطلوب للفصل العنصري”.

جدار الفصل العنصري
جدار الفصل العنصري

وتحكم إسرائيل ما يزيد على 60% من الضفة الغربية، وتستخدم نقاط تفتيش ونظام تصاريح لتنظيم حركة الفلسطينيين بين مناطق الحكم الذاتي الفلسطيني وإسرائيل. وتشير “هيومن رايتس ووتش” أيضا إلى “الترحيل القسري لآلاف الفلسطينيين عن ديارهم، وحرمان مئات آلاف آخرين وأقاربهم من حقوق الإقامة، فضلا عن تعليق الحقوق المدنية الأساسية لملايين الفلسطينيينن” باعتبارها سياسات تتوافق مع تعريف الفصل العنصري.

وقال كينيث روث، المدير التنفيذي لـ “هيومن رايتس ووتش”: “هذه السياسات التي تمنح الإسرائيليين اليهود نفس الحقوق والامتيازات أينما كانوا، وتفرض التمييز ضد الفلسطينيين بدرجات متفاوتة أينما كانوا، تعكس سياسة تمييز شعب على حساب الآخر”.

وظلت تهمة الفصل العنصري تلاحق الخطاب السياسي الإسرائيلي على مدى سنوات، عادة كتهديد من قبل الليبراليين عما ستؤول إليه إسرائيل إذا لم تسمح بإنشاء دولة فلسطينية منفصلة. ويؤكد هؤلاء أن الاحتلال المستمر لعدة ملايين من الفلسطينيين يهدد بخسارة إسرائيل إما هويتها اليهودية أو قيمها الديمقراطية.

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

باتريك كينجسلي: رئيس مكتب صحيفة The New York Times في القدس، ومؤلف كتابي The New Odyssey عن أزمة اللاجئين الأوربيين، وHow To Be Danish الذي يسبر فيه أغوار الثقافة الدنماركية.

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

*هذه المادة مترجمة. يمكن مطالعة النص الأصلي باللغة الإنجليزية من هنا

أحمد بركات

باحث و مترجم مصرى

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة Adblock

برجاء دعمنا عن طريق تعطيل إضافة Adblock