رؤى

القدس…عنوان القضية

مع عودة مدينة القدس إلى واجهة الأحداث وعناوين الأخبار في ظل الحملة الممنهجة التي يشنها جيش الاحتلال الصهيوني ضد أهالي حي الشيخ جراح في المدينة بهدف اجلائهم عن منازلهم تمهيداً لتسليمها الى المستعمرين الصهاينة  يؤكد اهالي الحي والقدس بشكل عام تمسكهم بأراضيهم في وجه كافة المخططات الصهيونية الرامية الى تغيير ديموغرافية المدينة وهويتها.

انتفاضة البراق .. وحركة القسام

هذا الصمود ليس بالجديد على أهالي القدس الذين فٌرض عليهم منذ مطلع القرن العشرين التصدي لمشروع الاستيطان والاحتلال الصهيوني وكانت احدى ابرز موجات تصديهم لهذا المشروع هي انتفاضة البراق التي وقعت في عشرينات القرن الماضي.

حيث كان المستعمر البريطاني – شأنه شان المحتل الصهيوني اليوم – يسعى الى السيطرة على المدينة وأحيائها وإحلال مستعمرين أوروبيين يدينون باليهودية محل سكان البلاد.

https://www.youtube.com/watch?v=3iCAN38qivw

وبلغت المواجهة ذروتها في  شهر أغسطس عام 1929 حين سعى الصهاينة للسيطرة على حائط البراق  والذي يدعي الصهاينة أنه “حائط المبكى” وانه قسم من هيكلهم المزعوم٫ الأمر الذي احدث انتفاضة شعبية دامية انتهت باستشهاد ١١٦ عربياً ومقتل ١٣٣ صهيونياً ورغم اعتراف لجنة دولية بحق العرب والمسلمين في الحائط الواقع جنوب غربي المسجد الأقصى -اي البراق- الا ان هذا  الاعتراف لم ينه الصراع لا على الحائط ولا على المدينة.

وبقيت القدس وقضيتها ملهمة لكافة الانتفاضات الشعبية التاليه على أرض فلسطين٫ فالشيخ عز الدين القسام٫ رمز الجهاد والمقاومة في فلسطين٫ أطلق حركته المسلحة كرد فعل مباشر على الاستيطان الصهيوني لا سيما في المدينة المقدسة.

ويشير الكاتب الفلسطيني كمال الجعبري  إلى أن قرار القسام اعلان الجهاد كان سببه المباشر ارتفاع أعداد المهاجرين اليهود بشكل غير مسبوق، فقد هاجر إلى فلسطين في سنة 1935 ما يقارب 61854 يهوديًّا، واشتروا 72905 دونمات من الأراضي.

وعقب استشهاد الشيخ القسام في مواجهات مع المحتل البريطاني في أحراش يعبد في الضفة الغربية٫ انطلقت ثورة عام ١٩٣٦ مطالبة بإنهاء كل من الاستعمار البريطاني والاستيطان الصهيوني على حد سواء.

هل تكون .. انتفاضة جديدة ؟

وفي اعقاب عدوان عام ١٩٦٧ عادت قضية القدس الى الواجهة مع الإجراءات المتتالية التي اتخذها الاحتلال بحقها٫ فبمجرد احتلال المدينة قام الصهاينة بمصادرة نحو ثلاثين في المائة من البلدة القديمة وامتدت معاول الهدم الصهيوني إلى حي المغاربة الذي أوقفه القائد صلاح الدين الأيوبي لجنوده القادمين من المغرب العربي والذي هدمه الاحتلال عن بكرة أبيه.

وتتابعت إجراءات المصادرة على مدار السنوات التالية بهدف تفريغ المدينة من سكانها وتسليمها الى المستعمرين الصهاينة الذين يتركزون في ما يزيد عن ثلاثين مستعمرة من بينها الجامعة العبرية و”هار حوماه” و”معاليه ادوميم” وغيرها.

لذلك لم يكن من المستغرب أن تكون القدس بؤرة للصراع٫ ففي اوج انتفاضة عام ١٩٨٧ او ما عُرف بانتفاضة الحجارة٫ شهدت القدس مجزرة بشعة عام ١٩٩٠ في قلب المسجد الاقصى حين  أطلق  جنود الاحتلال الإسرائيلي الموجودون في ساحات المسجد النار على المصلين الذين كانوا يحاولون التصدي لمتطرفين صهاينة حاولوا وضع ما سموه حجر الأساس للهيكل المزعوم في ساحة المسجد٫ مما أسفر عن استشهاد 21 وإصابة 150 بجروح مختلفة واعتقال 270 شخصاً.

وفي عام ١٩٩٦ ومع وصول بنيامين نتنياهو الى سدة رئاسة الوزراء في الكيان الصهيوني ومحاولته – مغازلة اليمين الصهيوني المتطرف٫ سمح  بفتح نفق أسفل المسجد الأقصى في شهر سبتمبر من ذلك العام٫ الأمر الذي كان من شأنه أن يؤثر على اساسات المسجد الاقصى.

وفي صبيحة الخامس والعشرين من ذلك الشهر اكتشف مصلو ومرابطو الأقصى المخطط الصهيوني٫ فانفجرت مشاعر الغضب وتحولت الى هَبَّة شعبيه عارمه في الضفة الغربية برمتها استمرت ثلاثة أيام وسقط خلالها ٦٣ شهيداً واكثر من الف جريح.

وفي عام ٢٠٠٠ تمت استباحة الأقصى مرة اخرى على يد مجرم الحرب الصهيوني ارييل شارون والذي دخل المسجد وتجول في ساحاته بحماية المئات من العناصر الامنية الصهيونية وبموافقة رئيس الوزراء الصهيوني آنذاك ايهود باراك الامر الذي ادى الى اندلاع مواجهات بين المصلين وجنود الاحتلال في ساحات المسجد الأقصى فسقط 7 شهداء وجُرح 250 والاهم انه ادى الى انطلاق انتفاضة شملت الضفة وغزة والداخل المحتل منذ عام ١٩٤٨ وتضامن معها الشارع العربي والإسلامي بشكل مدهش.

ومع تجدد الاشتباكات في القدس والضفة على خلفية أحداث حي الشيخ جراح ومع التضامن الذي ابدته كافة فئات الشعب الفلسطيني المختلفة والتي وصلت الى حد تهديد المقاومة في غزة الاحتلال بأنه “سيدفع ثمناً غالياً” ما لم يتوقف العدوان على أهالي الشيخ جراح٫ يتجدد السؤال: هل ستكون الانتهاكات الصهيونية في القدس فتيلاً لانتفاضة جديدة ؟

المصادر:

https://alquds-city.com/items/1456

https://info.wafa.ps/ar_page.aspx?id=4081

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة Adblock

برجاء دعمنا عن طريق تعطيل إضافة Adblock