فن

ورحل بول موني.. الساخر من العنصرية

عن عمر يناهز ٧٩ عاماً٫ رحل في صمت الفنان والكاتب الكوميدي الأمريكي المخضرم بول موني٫ أحد أبرز الفنانين الكوميديين السود في الولايات المتحدة والذي ظل على مدار عقود طوال فناناً مثيراً للجدل بسبب نكاته و أفكاره الكوميدية والنقدية عن التمييز والتفرقة بين البيض والسود في المجتمع الأمريكي.

ولد موني عام ١٩٤١ في ولاية لويزيانا الأمريكية في عصر كانت فيه  التفرقة بين البيض والسود في البلاد في أوجها وهو ما استشعره موني منذ نعومة أظافره.

ساخر وكاشف

وسرعان ما وجد موني سبيله للتعبير عن سخطه من هذا التمييز حيث حول هذا السخط إلى مادة كوميدية بدأ في كتابتها منذ منتصف الستينات تقريباً مع صعود حركة المطالبة بالحقوق المدنية للسود  وتعاون في هذا الأمر مع رفيق دربه الفنان الراحل ريتشارد برايور.

وبداية من السبعينات استعان برايور بموني ككاتب لفقراته ومشاهده في البرنامج التليفزيوني الكوميدي الشهير “ساترداي نايت لايف” والذي شهد أفكاراً طريفة للغاية من قبل موني مثل طرح سيناريو متخيل لأول مرة لما سيكون عليه الحال في الولايات المتحدة لو حكمها رئيس أسمر اللون.. ويشاء القدر أن يتحقق  ما حلم به موني وتخيله عندما  نجح باراك أوباما  في الانتخابات الرئاسية وأصبح رئيسا للولايات المتحدة الأمريكية عام 2008 في حياة موني

استمر التعاون بين موني وبرايور طيلة عقد الثمانينات وانتقل هذا التعاون الى الشاشة الفضية حيث كتبا معاً سيناريو فيلم “جوجو الراقص” عام ١٩٨٦ والذي يعد بمثابة سيرة ذاتية سينمائية مقتبسة عن حياة برايور الحقيقية.

وعلى مدار التسعينات٫ كان موني احد الكتاب الذي أبدعوا المشاهد الكوميدية في برنامج “ان ليفينج كولور” التلفزيوني الذي قدمه الاخوة وايانز وهم مجموعة من الفنانين الكوميديين السود واشتهر موني في هذا البرنامج بصياغته لشخصية “هومي” التي جسدها الممثل الكوميدي دامون وايانز.

ومع مطلع الألفية انتقل موني للمشاركة في برنامج “ذا شابيل شو” الذي قدمه الفنان الكوميدي الأسمر ديف شابيل على مدار ثلاث سنوات (٢٠٠٣- ٢٠٠٦) وكان موني يظهر بشكل مستمر في البرنامج ضمن فقرة بعنوان “إسأل شخصاً أسمر اللون” وهي الفقرة التي كان يجيب فيها على أسئلة المشاهدين من البيض  حول قضايا خاصة بالأمريكيين السود ويكون جوابه عادة ساخراً للغاية وكاشفاً عن مدى تعمق وتغلغل العنصرية في المجتمع الأمريكي.

نقد لاذع لهوليوود

كما قدم موني عدداً من العروض الكوميدية الارتجالية الخاصة به مثل “تحفه” و”المسيح كان أسمر اللون” وغيرها وفي أغلب عروضه لم يخش موني على الاطلاق من طرح موضوعات حساسة تَهيَّب غيره من الفنانين من طرحها  في قضية العلاقة بين البيض والسود والتمييز ضد الأقلية السوداء في الولايات المتحدة وكيفيه تصوير السود في افلام هوليوود وغيرها من الموضوعات.

لم تكن  نكات موني تمر بسلام بل ان بعض الحضور  لعروضه من اصحاب البشرة البيضاء  كانوا يغادرون القاعة وهو ما كان موني يعلق عليه ضاحكاً “أسمعتهم ما لم يرغبوا في سماعه”.

وكان موني ايضاً دائم النقد لصناعة السينما في هوليوود حيث أكد أن هوليوود ورغم محاولة صناع الأفلام فيها إعطاء الانطباع بأنها مكان “ليبرالي” منفتح ومتعدد الأعراق إلا أنها في قلب لوس أنجلوس وهي مدينة مقسمة إلى أحياء وفقاً للون والعرق وهذا التقسيم ليس وليد الصدفة.

ولم يقتصر النقد الذي كان يوجهه  موني على البيض فقط  بل امتد الى بعض المشاهير السود الذين كان يصفهم في عروضه بأنهم تجاهلوا هويتهم كسود لكي يندمجوا في المجتمع وينالوا حظوة لدى النخبة البيضاء لا سيما في هوليوود وكان من بين الذين وجه لهم هذا النقد المذيعة الشهيرة أوبرا وينفري ونجم موسيقى البوب الراحل مايكل جاكسون وآخرون.

وفي عام ٢٠١٤ أعلن شقيق موني عن إصابة أخيه بمرض السرطان٫ الا ان هذا المرض لم يمنع موني من مواصلة تجواله في الولايات المختلفة وتقديم العروض الكوميدية.

ومع رحيل موني٫ يفقد المجتمع الأفرو-أمريكي فنانا مخضرماً ومبدعاً وصوتاً لم يخش يوماً من تجاوز ما يعتبره البعض محظوراً في مجال الكوميديا.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة Adblock

برجاء دعمنا عن طريق تعطيل إضافة Adblock