رؤى

تقاليد الزواج الشرقي تصطدم بـ”قايمة” العولمة

برزت قضية الزواج في الأيام الأخيرة كرد فعل لصورة انتشرت على السوشال ميديا كتب فيها أبو العروس ” أنه من يؤتمَن على العرض لا يُسأل عن المال” وكالعادة أثارت الصورة الكثير من الضجيج ممن أيدوا أو خالفوا منطق  والد  العروس. ولا نسعى هنا إلى البحث فيما فعله الأب أو لطرح مبررات أو أتهامات له بل نسعى إلى البحث في قضية الزواج التي تحولت من ” مودة ورحمة” إلى  “حيرة وألم” بسبب ما يعانيه  المجتمع من كوارث و ويلات  لا يخلو منها بيت في المجتمع المصري  بشأن الزواج هذه الأيام .

فالقضية ليست ارتفاع  معدلات الطلاق أو حتي ارتفاع نسبة العنوسة إنما هي فشل المشروع الزواجي في تحقيق ما أنشئ من أجله فإن كان الهدف من الزواج هو أن يعف المرء نفسه وأن يحقق السعادة له ولمن معه (زوجه/زوج أو أبناء) فهل هذا ما يحدث اليوم ؟ كانت صيحات السوشيال ميديا تعبيرا عن آلام الجماعة ( رجل وأمرأة وأطفال) عن الإحباط  والتشاؤم من هكذا منظومة لا تحمل سوى الويل والظلم لكل أطرافها فالرجل يرى انه تحت رحمة الانثي والمرأة  ترى أنها ترهن  مصيرها بالمجهول والأطفال يرون أنهم يدفعون ذنب خطأ لم يقترفوه ، فما العمل ؟!

صورة "القايمة" التي أثارت جدل على مواقع التواصل الاجتماعي
صورة “القايمة” التي أثارت جدل على مواقع التواصل الاجتماعي

من جانب أخر ، هناك ثقافة حداثية شديدة القسوة تعصف بكل طبقات المجتمع (يطلق عليه في علم الإجتماع pornified culture  أو ثقافة الجنسنة” فكل شئ أصبح خاضعا للتأويل الجنسي بدءًا من الملابس، للجيم ، للعلاقات الأجتماعية حتى الأكلات أصبحت موضوعا جنسيا ( هل تتذكرون تورتة نادي الجزيرة؟!) ، تلك الثقافة الجنسية جعلت سن dating    يبدأ من 9/ 10 سنوات حسب بعض الدراسات و جعلت إشباع الغريزة الجنسية أولوية مقدمة على كل الاحتياجات حيث لا يحكمها منطق ولا شرعية بل مزاج وهوى نفسي.

كارثة “البديل الغربي”

في ظل كل تلك الظلمات ، وعجز المجتمع عن تطوير حلول تتجاوب  مع تحدياته ، كان وجود البديل الغربي الذي أخذ يتسرب لشريحه كبرى بين الشباب و كانت الحلول كثيرة فهناك نموذج  رونالدو وجورجينا القائم على فكرة partnership  وهو نموذج يتسم في راي البعض ” بتميز نسبي” حيث أنه يولي رعاية الأطفال أهمية قصوى و نظراً لصعوبة  تطبيق هذا النموذج في المجتمع ، لجأت بعض الفتيات لحل آخر وهو تغيير sexual orientation  فكان السحاق اختيارا طوعيا سوسيولوجيا للفتاة وكأنه تسجيل اعتراض ورفض لقيم المجتمع فالفتاة التي ولدت “سوية” أي من الطبيعي أن  تنجذب للجنس الأخر واصطدمت بابتزاز الآخر لها نفسيا وجنسيا ومعنويا (سواء في منظومة الحب أو في منظومة الزواج ) تلك الفتاة أعلنت عن رفضها للمنظومة الذكورية بأكملها واتجهت طواعية للبديل الأنثوي معلنة رفضها لإبتزازها من جانب الذكر.

ويأتي البديل الثالث والأخير في العلاقات الغير شرعية المؤقتة casual sex  التي تنتهي سريعا بأن يندرج صاحبها/ صاحبتها في سلوكيات جنسية إدمانية أو موجات اكتئاب تجعله أكثر عدوانية ونرجسية والخلاصة تعبر أزمات الزواج عن أزمات مجتمع متخلف في رؤيته للزواج وفي رؤيته للتعامل مع تحدياته.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة Adblock

برجاء دعمنا عن طريق تعطيل إضافة Adblock