رؤى

الخط الامامي.. مُلهم الشعراء والمبدعين

“خط النار” “على الجبهة” “الخط الأمامي” مصطلحات طالما استعملها المصريون للإشارة الى الأمر ذاته: الى الجنود المرابطين على ثغور الوطن مدافعين عن حدوده.

هؤلاء الجنود ورغم بعدهم لا يغيبون عن أذهان أهاليهم ومحبيهم٫ فيرسلون إليهم بالخطاب تلو الخطاب٫ تلك الخطابات التي تعد خير دعم معنوي لهم حتى إتمامهم لمهتهم الوطنية النبيلة.

رسائل ” جاهين ونزار”

لطالما شكلت هذه الرسائل وتلك الخطابات مصدر إلهام للكُتاب والشعراء الذين حولوا هذه الرسائل إلى ابداعات متنوعة ما بين الشعر والنثر.

فعلى سبيل المثال لا الحصر٫ صاغ الشاعر صلاح جاهين أغنية بعنوان “رسالة إلى جندي”  لحنها وتغنى بها الفنان المبدع محمد فوزي.ويخاطب فيها  جاهين الجندي المصري في موقعه المتقدم على حدود الوطن بنداء القرابة والصداقة “يا ابن عمي” وينقل له سلام الجميع٫ لا الأهل المنتظرين لعودته فحسب بل الطير والشجر والحجر أيضاً٫ كل ما في أرض مصر وسمائها:

“وكمان من عندنا

يسلم عليك

كروان الفجر

والبط اللي سابح

في القنا

والنخيل والقمح والمواويل

 وآحجار البٌنا”

وبطبيعة الحال٫ يُذِّكر الشاعر الجندي أن يرابض فوق مدفعه٫ الذي دفع الأهل ثمنه من دمائهم وأن يستخدمه في وجهته الصحيحة٫ في مواجهة العدو وأن يصب من خلاله كراهية أهله لهذا العدو.

وفي خضم عدوان عام ١٩٥٦ يتمثل الشاعر العربي نزار قباني شخصية جندي مصري في جبهة السويس يكتب  خطاباً إلى أبيه.

تعبر كلمات قباني عن مدى إدراك الجندي لجوهر المعركة التي يخوضها٫ فالغزاة عنده هم “قطاع طريق” لا حق لهم في أرض ولا مياه.

وبالتالي فهو يؤكد لأبيه :

“أنا ذاهبٌ لمهمتي

لأرد قطاع الطريق..

 وسارقي حريتي

لك.. للجميع تحيتي”.

ويتباهى في رسالة تالية بما قام به هو ورفاقه ضد المعتدين :

“الآن أفنينا فلول الهابطين

أبتاه، لو شاهدتهم يتساقطون

كثمار مشمشةٍ عجوز

يتساقطون..

يتأرجحون

تحت المظلات الطعينة”

عبد الودود .. أيقونة نجم

وفي سنوات إعادة بناء القوات المسلحة في أعقاب عدوان عام ١٩٦٧ او ما عُرف بسنوات “حرب الاستنزاف” ومع تدفق الآلاف من الشباب المصري من كافة أنحاء الوطن على جبهة القناة٫ يصيغ الشاعر المصري الراحل أحمد فؤاد نجم قصيدته  “الأيقونة” “عبد الودود” التي تغنى بها رفيق دربه وكفاحه إمام عيسى.

وعبد الودود كما تشي القصيدة جندي من جوف صعيد مصر٫ ذهب إلى الجبهة ليؤدي واجبه الوطني هناك٫ شأنه في ذلك شأن عشرات الألوف من جنود مصر في تلك الآونة.

يضع نجم قصيدته على لسان والد “عبد الودود”٫ الغفير أو الحارس البسيط الذي يدرك بفطرته السليمة النقية أهمية دور ولده على الجبهة ويؤكد على أهمية “الحفاظ على النظام”.

ولأن الخفير الطيب قدم من قبل أحد أولاده شهيداً للوطن فإنه بتكوينه كصعيدي يطالب “عبد الودود” بأن يثأر لأخيه وإلا فليس جديراً بأن يحمل اسمه:

“ان كنت ولد ابوك

تجيب لي تار اخوك

والأهل يبلغوك

جميعاً السلام”

ويكشف الاب لولده عن تحول القرية بأكملها الى خلية للعمل الوطني -اذا صح التعبير- فالخال زناتي تطوع في سلك الجندية وعلى وشك ان يلحق بعبد الودود على خطوط المواجهة الأمامية واخت عبد الودود تتطوع للتمريض وغيرهم كثير:

“و محمدين موافي

يتعلم المطافي

ويجولك شد عزمك

ويجولك العوافي”

ولا ينسى الأب في نهاية الخطاب أن يؤكد انه وكل من هم مثله ليسوا طلاب دمار ودم وخراب بل ان همهم الأساسي هو صون السلام من أعدائه :

“و آخر الكلام

 نجولك في الختام

الله يصون بلدنا

ويحرس السلام”.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة Adblock

برجاء دعمنا عن طريق تعطيل إضافة Adblock