عرض وترجمة: أحمد بركات
وفقا لإحصائيين، لا يمت العدد المعلن لوفيات كوفيد ـ 19 في الهند، والذي بلغ 390 ألفا، وفقا لما أعلنته السلطات الرسمية في البلاد، بصلة إلى الأعداد الحقيقية على الأرض.
ومع ارتفاع عدد حالات الإصابة بفيروس كورونا بسرعة كبيرة في جميع أنحاء الهند، في أبريل الماضي، لقيت امرأة في السبعين من عمرها حتفها في منزلها في ولاية بيهار الشرقية. كانت المرأة أجرت اختبار مستضد سريع لكوفيد ـ 19، وحصلت على نتيجة إيجابية. كما أشار مسح الرئة إلى أنها تعاني من التهاب رئوي فيروسي و”احتمال أن تكون مصابة بكوفيد ـ 19″.
رغم ذلك، لم يتم تسجيل حالة “شيلا سينغ” ضمن حصيلة ضحايا كوفيد ـ 19 الرسمية في الهند. ومن ثم، فقد تركت أسرتها، على غرار أسر كثيرة، تعاني من أجل الحصول على التعويض الذي حددته بعض الولايات لضحايا كوفيد ـ 19.
خلف تقليل الأعداد في الإحصائيات الرسمية فجوة كبيرة في الفهم العالمي لتأثير متحور دلتا، الذي يعتقد خبراء الصحة أنه أدى إلى واحدة من أسوأ موجات كوفيد ـ 19 في العالم على مدى شهري أبريل ومايو الماضيين.
وكانت الهند أول بلد يكتشف المتحور شديد العدوى، والذي تفشى في جميع أنحاء العالم، وأدى إلى تفشي الجائحة في المملكة المتحدة، ويتوقع أن يصبح المتحور السائد في الولايات المتحدة.
ويمثل الإحصاء الدقيق لحالات الإصابة والوفاة بكوفيد ـ 19 “جزءا مهما من فهم التهديدات التي تشكلها المتحورات الجديدة”، وفقا لكريستوفر موراي، مدير معهد القياسات الصحية والتقييم، التابع لجامعة واشنطن.
وتشير النمذجة التي أجراها المعهد إلى أن عدد وفيات كوفيد ـ 19 في الهند يزيد على “1,1 مليون حالة”، أي ما يقرب من ثلاثة أضعاف العدد المعلن. ويقدر د. موراي أن “حجم العدد المخفض يماثل نظيره في بعض دول أميركا اللاتينية وإفريقيا”. وقال إن “المعهد يقدر أن الهند لم تكشف سوى عن 3% إلى 5% من الإصابات”، مرجعا ذلك إلى “عدم كفاية الاختبارات”.
في السياق ذاته، يقدر مراد باناجي، عالم الرياضيات في جامعة ميدلسكس في لندن، والذي تتبع الوباء في الهند، أن “عدد الوفيات الحقيقي في الهند يمكن أن يصل إلى حوالي خمسة أضعاف الأعداد المعلنة”، مستندا جزئيا إلى “بيانات الوفيات والمسح المصلي، الذي يُظهر وجود أجسام مضادة”.
ويشير خبراء الصحة إلى عدد من العوامل التي أدت إلى عدم تحديد الأعداد الحقيقية الكبيرة لوفيات كورونا في الهند. أحد هذه العوامل هو قيام المستشفيات بإخراج المرضى في أبريل ومايو الماضيين ـ بعد أن أربك الارتفاع السريع في الحالات نظام الرعاية الصحية ـ تاركة كثيرين لملاقاة الموت في بيوتهم دون اختبارهم لكوفيد ـ 19.
ويؤكد خبراء الصحة في الهند أن العديد من حالات الوفاة الناجمة عن كوفيد ـ 19 لم يتم إحصاؤها بين الأعداد الهائلة من سكان الهند المنتمين إلى الطبقة الريفية الفقيرة الذين لا يحصلون سوى على القليل من الرعاية الصحية واختبارات كوفيد ـ 19.
على سبيل المثال، في قرية سيروندهان، في ولاية أوتار براديش، قال فيجاي بال إن زوجته، ميتهيلش، التي تبلغ من العمر 38 عاما، أصيبت الشهر الماضي بالحمى وكانت تتنفس بصعوبة بالغة، ما اضطره إلى اصطحابها إلى عيادة القرية والعديد من المستشفيات، لكنه لم يجد فيها ما يكفي من الأسرة أو أدوات الاختبارات.
وقال بال إن زوجته “ماتت في المنزل وهي تلهث من أجل الحصول على الأوكسجين”، مضيفا أنه “لم يتم إدراجها في الحصيلة الرسمية لكوفيد ـ 19”.
وبحسب بعض سكان القرية والأخصائيين الاجتماعيين، مات في هذه القرية ما لا يقل عن 30 شخصا في نهاية أبريل وبداية مايو الماضيين كان معظمهم يعانون من أعراض كوفيد ـ 19. كما مات 47 آخرين في قريتين مجاورتين.
ونفى مسؤول رفيع المستوى في حكومة أوتار براديش وجود أي تقصير في الإفادة عن حالات الوفيات الناجمة عن كوفيد ـ 19″، مضيفا أن “الولاية لا تخطط لمراجعة أو تحديث حصيلة الوفيات الرسمية”.
فيما أضاف عالم الرياضيات باناجي، إن الحكومة المركزية كانت تميل إلى مدح الولايات ذات أعداد الوفيات المنخفضة، ووسم تلك التي لديها أعداد كبيرة بعدم الكفاءة، مؤكدا أن “تلك السردية عن النجاح والفشل التي كانت ترتكز إلى أعداد الوفيات تشكل خطورة بالغة”.
وفيما رفض مكتب رئيس الوزراء ناريندا مودي التعليق على هذا الأمر، قال وزير الصحة الهندي إن الحكومة شددت بصورة دورية على الحاجة إلى أنظمة قوية لمراقبة والإبلاغ عن حالات الإصابات والوفيات في جميع المناطق.
وقامت بعض الولايات والمدن بمراجعة إحصائيات الوفيات لديها بعد انتقادات وُجهت إليها من سياسيين وقضاة، لكن الخبراء قالوا إن هذه التعديلات لا تزال قاصرة. وفي ماهاراشترا، موطن العاصمة المالية، مومباي، أضافت جهود استمرت لأسابيع أكثر من 8000 حالة وفاة إلى الحصيلة الرسمية.
كما قامت العاصمة السياسية، نيودلهي، أيضا بمراجعة أعداد الإصابات والوفيات بكوفيد ـ 19، ما أضاف إلى الأعداد الرسمية 44 ألفا و700 من الحالات على التوالي، في أبريل الماضي.
وكشف تحقيق أجري مؤخرا في ولاية بيهار عن وجود 4000 حالة وفاة أخرى بكوفيد ـ 19 غير مدرجة في الأعداد الرسمية، ما أدى إلى مضاعفة هذه الأعداد بنسبة تزيد على 72%. وتضمنت هذه الزيادة حالات وفاة وقعت في المنازل وفي مستشفيات خاصة، إضافة إلى حالات وفاة نجمت عن مضاعفات صحية مرتبطة بكوفيد ـ 19، وفقا لما قاله د. سونيل كومار، أمين اتحاد الأطباء الهنود في ولاية بيهار.
ولإحصاء الوفيات، يتعين على الأسر استخراج نتائج تحليلات من مختبرات معتمدة، أو تأكيد بالإصابة من نظام الرعاية الصحية، لكن الأسر ـ كما هو الحال مع أسرة سينغ ـ لا تمتلك الأوراق المطلوبة في أغلب الأحوال.
وقال د. كومار إنه عالج مرضى ماتوا بعد أن عانوا من أعراض كوفيد ـ 19 الشائعة، ولكن “لأن أسرهم لم تتمكن من استخراج ما يثبت إيجابية التحليلات لم يتم إدراج هذه الحالات في الإحصائيات الأخيرة”. وأضاف: “الأرقام أكبر.. قياسا على ما نراه”.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
*هذه المادة مترجمة. يمكن مطالعة النص الأصلي باللغة الإنجليزية من هنا