رؤى

البطيخ.. رمز فلسطيني يتحايل على رقابة الإنترنت!

عرض وترجمة: أحمد بركات

يحظر أحيانا في إسرائيل رفع العلم الفلسطيني بألوانه الأحمر والأخضر والأبيض والأسود، واليوم يثير هذا العمل حفيظة السلطات. لذلك استخدم الفلسطينيون ’البطيخ‘، الذي يزرع محليا، ويحمل ألون العلم، على مدى عقود في مجال الرموز التعبيرية الفلسطينية كبديل تدميري.

وفي الأسابيع الأخيرة، عاود البطيخ الظهور بقوة على وسائل التواصل الاجتماعي، كجزء مما يصفه بعض الفلسطينيين بالجهود المبذولة لاستباق، أو التحايل على الرقابة على الإنترنت في مواجهة حملة ضارية أشعل فتيلها الصراع بين إسرائيل وحماس في مايو، وموجة النشاط الشعبي الفلسطيني التي صاحبته.

ويعكس المستخدمون الذين ينشرون الصور والرموز التعبيرية والأعمال الفنية، سواء كانوا من الفلسطينيين الذين يعيشون في إسرائيل، أو في الأرض المحتلة، أو في الشتات، أو من مؤيديهم ومناصريهم في جميع أنحاء العالم، فيضا من النشاط والتضامن الخفي عبر الإنترنت، خارج الحدود السياسية والجغرافية المعروفة.

في هذا السياق، يقول خالد حوراني، فنان فلسطيني من رام الله، بالضفة الغربية، الذي ظهرت أعماله بين صور ’البطيخ‘ المنتشرة عبر الإنترنت: “يمكن أن يصبح الفن أحيانا أكثر سياسية من السياسة ذاتها”.

وتعود رمزية ’البطيخ‘ إلى التكتيكات التنظيمية الفلسطينية قبل الانتفاضة الأولى في الفترة السابقة على اتفاقات أوسلو في عام 1993، والتي خلقت السلطة الفلسطينية وأطلقت عملية السلام التي لم تعد موجودة الآن. لكن هذه الرمزية وجدت صدى جديدا.

وأضاف حوراني أن الفنانين الفلسطينيين استخدموا ’البطيخ‘ “كاستعارة للعلم الفلسطيني وللتحايل على الحظر”. ويستمر هذا التقليد على الإنترنت، حيث يحاول الفلسطينيون، الذين لا يثقون في منصات التواصل الاجتماعي، ويخشون من المراقبة الإسرائيلية على الإنترنت، تجنب شبكات تعقب يقولون إنها عبارة عن خوارزميات وأساليب تعديل محتوى سلبية.

ففي أثناء الأزمة الأخيرة، قام “فيسبوك” و”تويتر” بحذف ملايين المنشورات المؤيدة للفلسطينيين، فيما قالت الشركة إنه كان مجرد “خلل تقني”، ما أثار حنق الفلسطينيين الذين طالما شعروا أن خطابهم على الإنترنت يتلقى عقوبات مبالغا فيها. كما تم حظر الوسوم والحسابات وإزالة المحتوى المرتبط بدعم نضال الفلسطينيين بمعدات عالية.

وقال خالد قوران، مدير حملة رام الله على موقع “آفاز”: “لدينا جيل جديد من الفلسطينيين، من بينهم 70% دون سن الثلاثين [في الضفة الغربية وغزة]، تشكل وسائل التواصل الاجتماعي والأدوات الرقمية بالنسبة إليهم مصدر إلهام رئيسي، وطريقة ناجعة للوصول إلى العالم”.

ايموجي البطيخ
ايموجي البطيخ في جدارية

وأضاف: “يحتاج الناس إلى استخدام وسائل التواصل الاجتماعي لنشر الكلمة حول ما يحدث هنا؛ لذا، فقد أدى ذلك إلى مجموعة واسعة من التكتيكات … للتغلب على القمع الرقمي”.

ويؤكد كثير من نشطاء الحقوق الرقمية أن وسائل التواصل الاجتماعي صعدت من عمليات المراقبة والحظر والحذف للمحتوى الذي ينشره فلسطينيون أو مناصرون للقضية الفلسطينية.

في هذا السياق، قالت منى شتايا، مدير الدعم في برنامج “حملة”، الذي يتخذ من حيفا مقرا له، والتابع لـ “المركز العربي لتقدم وسائل التواصل الاجتماعي”، إن السلطات الإسرائيلية وشركات وسائل التواصل الاجتماعي تحاول “إسكات الفلسطينيين على الإنترنت … وذلك عن طريق منعنا من مشاركة حكاياتنا وقصصنا الخاصة، والانتهاكات الإسرائيلية”.

ونتيجة لذلك يجد الفلسطينيون لأنفسهم “طرقا إبداعية”، مثل حذف علامات الترقيم، أو تغيير الحروف في الكلمات، أو خلط العبارات السياسية بالصور الشخصية، “للتغلب على الخوارزميات التي تمنع منشوراتهم من الحذف أو المراقبة”، حسبما قالت.

فيما أضاف  قوران إن جيله يرمق مواقع التواصل الاجتماعي بنظرة ملؤها الريبة.

وقال : “أحد أكبر الدروس التي يمكن أن نتعلمها من الربيع العربي هو أن وسائل التواصل الاجتماعي أصبحت الآن أداة للاضطهاد  أكثر منها أداة للثورة”.

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

*هذه المادة مترجمة. يمكن مطالعة النص الصلي باللغة الإنجليزية من هنا

أحمد بركات

باحث و مترجم مصرى

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة Adblock

برجاء دعمنا عن طريق تعطيل إضافة Adblock