واحد وخمسون عامًا على رحيل جمال عبد الناصر، أحد أهم القادة السياسيين في القرن العشرين.
هذا الرجل الذي ما زالت تجربته في الحكم تلهم كثيرا من الدول وكثيرا من السياسيين، ولا تزال سياساته تثير الجدل، بالسلب والإيجاب، رغم مرور واحد وخمسين عامًا على رحيله..
“أصوات” قررت أن تحيي ذكرى جمال عبد الناصر بكتابات عنه وعن تجربة حكمه لمصر وقيادته للأمة العربية، فجاءت المقالات لتتحدث عن القراءات التي أثرت في عقل ووجدان جمال عبد الناصر وكونت شخصيته، ثم مشاهد من إيمان جمال عبد الناصر بالعدل الاجتماعي وانحيازه إلى فقراء مصر، ثم ننشر مقال هيكل نفسه عن الساعات الأخيرة في حياة جمال عبد الناصر وهي التي سبقت رحيله المفاجئ، وقد نُشر المقال في جريدة الأهرام في أكتوبر ١٩٧٠.
جمال عبد الناصر.. ثلاث صور للعدل
صلاح زكي أحمد
يحكي لي هذا المسئول الكبير، أن الرئيس جمال عبد الناصر وطوال رحلة العودة الى القاهرة من أسيوط وهو ينظر للفلاح في حقله يعمل بيديه وقدميه، تحدث إلينا موجها حديثه لكل الوزراء والمسئولين المرافقين له: بعد ١٣ سنة من الثورة لم تحقق الثورة هدفها بالقضاء على الفقر وحماية الفقراء لن يهدأ لي بال حتى نُحدّث الزراعة في مصر ونحافظ على حقوق الفلاحين والعمال، يسكت الرئيس لبرهة ليقول: “كل أملي في هذه الحياة قبل أن أموت أن تكون كل أسرة مصرية، كل أفرادها من الرجال والنساء يعملون لبناء حياة سعيدة وكريمة، نفسي يتعلم الأولاد ويتجوز البنات..
“هيكل” يرصد الساعات الأخيرة في حياة جمال عبد الناصر
في غرفة النوم، كان المشهد يتغير بسرعة لم تكن متوقعة.
استمع الرئيس إلى مقدمة نشرة الأخبار ثم قال: «لم أجد فيها الخبر الذى كنت أتوقع أن أسمعه…»
ولم يقل شيئا عن الخبر الذى كان ينتظر سماعه.
وتقدم منه الدكتور الصاوي وقال: ألا تستريح سيادتك… إنك فتحت جهاز الراديو ثم قفلته ولا داع لأى مجهود الآن؟
وعاد الرئيس يتمدد تماما على فراشه، ويقول بالحرف: «لا يا صاوي.. الحمد لله.. دلوقت أنا استريحت»
ولم يفرغ الدكتور الصاوي من عبارة يقول فيها:
الحمد لله يا فندم لم يفرغ، ونظره مركز على الرئيس، حتى وجده يغمض عينيه ثم وجد يده تنزل من فوق صدره، حيث كان وضعها، وتستقر بجواره.
بعدها لم يشعر عبد الناصر بشيء..
لم يقل كلمة.
وكانت ملامح وجهه تعكس نوعا غريبا من الراحة المضيئة.
مؤلفات مهدت طريق عبد الناصر إلى ثورة 23 يوليو
محمد سعد عبد الحفيظ
يقول شقرة: «من صفات عبد الناصر أنه كان قارئاً نهماً ودارساً متميزاً، ويعده البعض بحق النموذج الفريد لرئيس الدولة الذى أكمل تعليمه وتثقيفه وهو فى السلطة، رغم أن السلطة من شأنها أن تغنيه عن ذلك كله، لأنه يستطيع أن يستأجر من يشاء من المثقفين والمتعلمين، أما عبد الناصر فكانت رغبته الشديدة فى أن يعرف بنفسه كل شىء خطاً مستمراً فى حياته».