كتب: راديو صوت أمريكا
ترجمة وعرض: تامر الهلالي
قال محللون إنَّ الانقلاب العسكري الذي وقع يوم الاثنين في السودان أصاب قيادة البلاد بالشلل، ويمكن أن يكونَ له تداعيات إقليمية كاسحة بما في ذلك تأجيج الخلافات المريرة بالفعل بين جيران السودان.
قال “جوناس هورنر” كبير المحللين والخبير في شئون السودان في مجموعة الأزمات الدولية: “أود أن أقولَ إنَّ المسائل الرئيسية في اعتبارات اليوم هي في الحقيقة أسئلة الصراع المستمر بين مصر وإثيوبيا والسودان بشأن سد النهضة الإثيوبي الكبير”.
فمن الممكن أن يؤثرَ الانقلاب في السودان -أيضا- على أزمة إثيوبيا المستمرة في منطقة “تيغراي” والتي تتمدد وقد شهدت تصعيدًا مؤخرًا.
ويضيف “هورنر”: إنَّ الحكومة الإثيوبية قد يكون لديها ما يدعو للقلق إذا ظل الجيش السوداني في السلطة.. المقلق هو أن الجيش، إذا كان بالفعل في صعود ولم يكن هناك وساطة من المدنيين، فإنهم ربما يدعمون بقوة أكبر “التيغراي” وهم يقاتلون الحكومة المركزية في أديس أبابا”.
وقد أدانت الأمم المتحدة والاتحاد الأفريقي الانقلاب العسكري بينما أصدر المجلس النرويجي للاجئين بيانا يوم الاثنين ناشد فيه حكام السودان، بضرورة حماية المدنيين والالتزام بالسماح بوصول المساعدات الإنسانية إلى ملايين الأشخاص المتضررين من الحرب.
في حين يرى محللون أنَّ استيلاء الجيش على السلطة يوم الاثنين الماضي جاء بسبب مخاوف من فقد الجيش السيطرة على مجلس السيادة السوداني مع اقتراب الموعد النهائي لنقل السلطة إلى الحكم المدني.
“أعتقد أن أكثر ما كان يخشى الجيش من فقدانه هو السيطرة على مجلس السيادة – السلطة التنفيذية في البلاد”.
هذا ما صرَّح به “كاميرون هدسون” الزميل البارز في مركز أفريقيا التابع للمجلس الأطلسي ومقره الولايات المتحدة والذي أضاف: إن الضغط الداخلي الذي مارسه مئات الآلاف من المتظاهرين الذين خرجوا من بلدات مختلفة في أنحاء السودان في الأسابيع الأخيرة مطالبين بحكم مدني جعل القائد العسكري الأعلى في السودان يشعر “بالحصار”. وقال معقبا لـ VOA: “هذا رد فعل داخلي للتخلص من الضغط الذي كانوا يشعرون به”.
وقد شهدت الخرطوم حالة من الفوضى السياسية والاجتماعية بعد أن أعلن قائد الجيش السوداني الفريق الركن عبد الفتاح البرهان حالة الطوارئ وحل المجلس المدني العسكري المشترك الذي كان يدير البلاد على مدى العامين الماضيين.
بينما ملأ المتظاهرون الشوارع هاتفين باستهزاء باسم البرهان، مرددين النشيد الوطني السوداني.
انقسامات في الجيش
وقد صرحت مصادر طبية أن عشرات الأشخاص أصيبوا في الاحتجاجات؛ بينما لَقِيَ سبعة أشخاص على الأقل حتفهم في اشتباكات مع قوات الأمن في الخرطوم وسط قطع الإنترنت والاتصالات.
ومع اعتقال رئيس الوزراء عبد الله حمدوك ومسئولين آخرين في مجلس السيادة الحاكم؛ فإن مستقبل قيادة الأمة السودانية قد صار في حالة اضطراب.
ويرى بعض المحللين إن الانقلاب يبدو أنه يحظى بدعم القوات المسلحة السودانية وجماعة شبه عسكرية تعرف باسم قوات الدعم السريع بقيادة الجنرال محمد حمدان دقلو.
وكان “هدسون” قد حذَّر من أن الجيش ربما يكون منقسما حول هذا الموضوع.
إذ قال “ما لا نعرفه وما يجب أن نخاف منه هو وجود انقسامات داخل الجيش، خاصة في الرتب الأصغر سنا، الرتب الدنيا في الجيش.. لذلك لا ينبغي أن نتفاجأ إذا رأينا انقلابا مضادًا لنوع من الضباط العسكريين الشباب الذين يقاومون ما حدث”.
عواقب وخيمة
يبدو أن استيلاء الجيش على السلطة جاء متسرعًا وسيئ التخطيط، وفقًا لهدسون، وقد يكون له عواقب وخيمة، بما في ذلك عنف الشوارع، الذي تصاعد منذ يوم الاثنين.
وعن الوضع الحالي قال هدسون: “إنه وضع خطير للغاية، فلدينا الآن الجيش الذي يحاول تأكيد سيطرته، كما أنَّ هناك أشخاص نزلوا إلى الشوارع للاحتجاج”.
بينما يرى “هورنر” أن جيران السودان يراقبون عن كثب، في خشية متزايدة من تأجج الاضطرابات.
وأضاف: “هناك الكثير من الحكومات الاستبدادية الموجودة في الجوار المباشر للسودان، ومن ثم عبر البحر الأحمر وأماكن أخرى أيضا، وهم مهتمون بمتابعة التأثير الملهم الذي قد يحدثه انتقال مدني ناجح على شعوبهم”.