ضمن أهم المعالم التي تتسم بها مدينة القدس، يأتي السور الذي أعاد بناءه السلطان العثماني سليمان القانوني عام 1542، و يحيط سور القدس بالبلدة القديمة، ويبلغ محيطه نحوا من أربعة كيلومترات، وله سبعة أبواب مازالت مستعملة وأربعة أبواب مغلقة.
والواقع أن سور القدس يعد من أبرز وأهم آثار العهد العثماني (1517 – 1917) وهناك في القدس أربعة أبواب مُغلقة، هذا غير الأبواب السبعة التي تشتهر بها مدينة القدس.
ونحاول هنا اختصار التعريف بهذه الأبواب؛ وذلك كنوع من التوثيق لأهم ملامح زهرة المدائن وأبوابها التي تشتهر بها.
الأبواب الأربعة المغلقة
أبرز هذه الأبواب كما جاء في الموسوعة الفلسطينية، هو باب الرحمة، الذي يسميه الأجانب الباب الذهبي لجماله ورونقه، ويقع الباب على بعد مئتي متر جنوبي باب الأسباط في الحائط الشرقي للسور، ويعود هذا الباب إلى العصر الأموي؛ وهو باب مزدوج يعلوه قوسان، ويؤدي إلى باحة مسقوفة بعقود ترتكز على أقواس قائمة فوق أعمدة كورنثية ضخمة.
وهذا الباب من أجمل أبواب المدينة، ويؤدي مدخله إلى داخل الحرم.. وقد أغلق أيام العثمانيين، بسبب خرافة سرت بين الناس آنذاك، مؤداها أن الفرنجة سيعودون ليحتلوا مدينة القدس عن طريق هذا الباب.
أما الأبواب الثلاثة المغلقة الأخرى، فأنشئت في العهد الأموي وقت بناء قبة الصخرة في عهد الخليفة عبد الملك بن مروان.. وهذه الأبواب تقع في الحائط الجنوبي من السور، قرب الزاوية الجنوبية الشرقية، وتؤدي جميعها إلى داخل الحرم مباشرة.
وأول هذه الأبواب، ابتداء من زاوية السور هو الباب الواحد ويعلوه قوس. وثانيها الباب المثلث، وهو مؤلف من ثلاثة أبواب، يعلو كل منها قوس، ثم الباب المزدوج وهو من بابين يعلو كل منهما سور.
الأبواب السبعة المستخدمة
وكما جاء أيضًا في الموسوعة الفلسطينية.. فأولها هو باب العمود المعروف عند الأجانب بباب دمشق؛ ويقع في منتصف الحائط الشمالي لسور القدس تقريبا، ويعود تاريخه إلى عهد السلطان العثماني سليمان القانوني. ويعلو هذا الباب قوس مستديرة قائمة بين برجين، ويؤدي بممر متعرج إلى داخل المدينة. وقد أقيم الباب فوق أنقاض باب يعود إلى العهد الصليبي.
والباب قوس ضخمة ترتكز على دعامتين من الحجارة القديمة المنحوتة نحتا ناعما والمزودة بإطار أنعم نحتا، وقد أضيف عمود داخل الباب في أيام الإمبراطور “هادريانوس” الذي أسس مدينة “إيلياء كابيتولينا” بين عامي (133 – 137م) على أنقاض المدينة التي دمرها الإمبراطور “تيتوس”.
وقد ظهر العمود في خريطة الفسيفساء التي عثر عليها في الكنيسة البيزنطية في “مأدبا”. وبقي هذا العمود حتى الفتح الإسلامي؛ ولذلك سمى العرب الباب بباب العمود، وكان يدعي باب دمشق لأنه كان مخرج القوافل إليها.
وثاني الأبواب السبعة هو باب الساهرة، المعروف عند الغربيين باسم باب “هيرودوس” وهو مثل سابقه، يقع إلى الجانب الشمالي من سور القدس، على بعد نصف كيلو متر شرقي باب العمود. والباب يعود إلى عهد السلطان سليمان القانوني العثماني.
ثم هناك باب الأسباط أو باب القديس اسطفان كما يسميه الغربيون. وهو يقع في الحائط الشرقي، ويقترب في شكله البسيط من سابقه باب الساهرة، ويعود تاريخه أيضا إلى عهد السلطان سليمان القانوني العثماني.
وضمن الأبواب السبعة، يأتي كل من باب المغاربة وباب النبي داود، في الحائط الجنوبي لسور القدس. والأول باب المغاربة أصغر أبواب القدس؛ وهو قوس قائمة ضمن برج مربع. أما الآخر باب النبي داود، الذي يعرفه الأجانب باسم باب صهيون، فهو باب كبير يؤدي إلى ساحة داخل السور. وقد أنشأ في عهد السلطان سليمان القانوني العثماني، عندما أعاد بناء سور المدينة.
ثم هناك باب الخليل الذي يسميه الغربيون باب يافا، وهو يقع في الحائط الغربي من سور القدس.
أما الباب السابع من بين أبواب سور القدس السبعة، المستعملة فهو الباب الجديد. وهو باب حديث العهد فتح في الجانب الشمالي لسور القدس على مسافة نحو كيلو متر غربي باب العمود. ويعود إلى أيام زيارة الإمبراطور الألماني “غليوم” الثاني لمدينة القدس عام 1898.
أسبلة القدس وتكاياها
وفي ما يبدو فإن معظم الأبواب السبعة المستعملة في سور مدينة القدس، يعود إنشاؤها إلى السنوات الأولى من العهد العثماني، وبالتحديد إلى أيام السلطان سليمان القانوني العثماني الذي خلف أبيه السلطان سليم الأول (ت: 927 هـ / 1520 م) فاهتم بالقدس اهتماما خاصا، وأقام فيها منشآت كثيرة، منها تكية خاصكي سلطان ومساجد وأسبلة وعمَّر كذلك قبة الصخرة؛ هذا بالإضافة إلى إعادة بناء سور القدس، الذي دامت عمارته نحو خمسة أعوام.
وللسلطان سليمان القانوني أيضًا برج لقلق الواقع علي زاوية السور الشمالية الشرقية، قبالة متحف الآثار الفلسطيني وبرج الكبريت القريب من باب المغاربة؛ والأبواب الأخرى البارزة من السور، والموزعة على مسافات اقتضاها محيط الأرض.
وفي عهده استبدل بالزخرفة الفسيفسائية التي كانت تكسو ظاهر جدران قبة الصخرة العليا ورقبتها، القيشاني الموجود عليها اليوم وقد اقتضى هذا العمل ما حل بالكسوة الفسيفسائية من تلف بفعل العوامل الطبيعية، وأصبح استبدال القيشاني بها أمرا ضروريا لوقاية البناء من نفاذ الرطوبة إلى جدرانه.
وفي زمنه بُنيت عدة سبل في الطرق الرئيسة المؤدية إلى المسجد الأقصى، بالقرب من مدخله.. فهناك سبيل بطريق الواد قرب سوق القطانين، وهو أحد الطرق الرئيسة الموصلة إلى ساحة الحرم. وسبيل آخر عند باب السلسلة المدخل الرئيس لساحة الحرم. وسبيل بالقرب من باب الناظر المؤدي أيضا إلى الحرم. وسبيل قرب مدخل المدينة الشرقي، ويعرف بسبيل باب ستنا مريم القريب من مدخل الحرم المعروف بباب الأسباط، وهو واقع عند الزاوية الشمالية الشرقية من ساحة الحرم.
وهناك أيضا، سبيل بالقرب من مدخل الحرم المعروف بباب شرف الأنبياء (باب الملك فيصل). وسبيل بِركة السلطان في الجانب الجنوبي، وتقع البركة خارج القدس القديمة على بعد قرابة 150 م إلى جنوب باب الخليل… يتبع.