مختارات

حاكم مصرف لبنان رياض سلامة يترك إرث ثلاثة عقود من الإشادة إلى الاتهام

تنحّى حاكم مصرف لبنان رياض سلامة عن منصبه، يوم الاثنين، بعد 30 سنة تركت اقتصاد البلاد منهارا.

في فبراير شباط الماضي، كان سلامة قد أعلن أنه سيتنحى عن المنصب في نهاية يوليو/تموز، وذلك بعد دعوات للاستقالة وجّهها إليه كلّ من نائب رئيس الوزراء اللبناني سعادة الشامي، ونائب رئيس البرلمان إلياس بو صعب، وزعيم حزب الله حسن نصر الله، بالإضافة إلى عدد من الوزراء ونواب البرلمان اللبناني.

ويعدّ سلامة، البالغ من العمر 73 عاما، صاحب الفترة الأطول في رئاسة بنك مركزي على مستوى العالم، لكنه يعدّ أيضا من قِبل البعض، مديرا لأكبر عملية احتيال في التاريخ.

وعُيّن سلامة حاكما لمصرف لبنان في عام 1993 بموجب مرسوم صادق عليه مجلس الوزراء بقابلية التجديد كل ست سنوات.

وفي وقتٍ ما كان يُعزى إلى سلامة الفضل في تعافي الاقتصاد اللبناني بعد الحرب الأهلية، ولكنه الآن يواجه اتهامات بالاختلاس في لبنان بين عدد من الدول.

ويلقي كثيرون على كاهل سلامة بلائمة انهيار الاقتصاد اللبناني الذي سجّل فيه التضخم مستويات عالية فيما فقدت الليرة 98 في المئة من قيمتها.

ويعيش أكثر من 80 في المئة من سكان لبنان في فقر.

ويعدّ سلامة أبرز أعضاء النخبة السياسية اللبنانية التي توّجه إليها سهام النقد، وعادة ما يرفع المحتجون على تردّي الأوضاع في البلاد صوراً مسيئة لسلامة.

محتجون يحملون صور رياض سلامة

وإلى جانب ثلة من السياسيين اللبنانيين، يواجه سلامة اتهامات بسوء الإدارة المالية على نطاق موسّع.

وفي عام 2016، أقبل سلامة على تنفيذ حزمة من السياسات أُطلق عليها اسم “هندسة مالية” وقدّمت بموجبها البنوك عروضا بعائد مرتفع على الودائع الدولارية بهدف تعزيز الاحتياطي الدولاري في البلاد، ما أسفر في النهاية عن تراجع صافي الاحتياطيات اللبنانية.

وفي الوقت نفسه، واظب البنك المركزي اللبناني على تمويل “إنفاق حكومي بازخ”.

“كل ثروتي جمعتها من عملي الشخصي”

وفي عام 2019، بدأت الأزمة الاقتصادية اللبنانية التي تركت البلاد غارقة في واحدة من أسوأ الأزمات الاقتصادية.

ويواجه رياض سلامة عددا من التُهم الجنائية -بينها الاختلاس والإثراء غير المشروع- في نحو سبع دول بينها لبنان.

وفي 16 مايو/أيار، أصدرت فرنسا مذكرة اعتقال بحق سلامة بعد تخلّفه عن المثول أمام قضاة التحقيق في باريس.

ودشنت فرنسا تحقيقا في تُهم موجهة لسلامة بغسيل أموال تقدر بأكثر من 330 مليون دولار استولى عليها من الأموال العامة اللبنانية لمصلحته الشخصية، بما في ذلك شراء أصول فاخرة في أوروبا، بحسب صحيفة الاتهامات.

وفي الأسبوع التالي، أصدرت ألمانيا مذكرة اعتقال بحق سلامة الذي ينكر من جهته القيام بأي مخالفات.

وقال سلامة مؤخرا لبي بي سي: “لقد قدّمت بيانات مدققة عن حساباتي الشخصية تُظهر أن كل ثروتي قد جمعتها من عملي الشخصي الذي قمت به على مدى 20 عاما في القطاع الخاص”.

وفشلت حكومة تصريف الأعمال اللبنانية الحالية تعيين خليفة دائم لـسلامة الذي سيتولى نائبه وسيم منصوري بشكل مؤقت مهام القائم بأعمال حاكم المصرف.

وبحسب السياسات المعمول بها في لبنان، تتولى منصب حاكم المصرف المركزي، ومنصب رئاسة الجمهورية، شخصية مارونية مسيحية.

ويستند النظام السياسي في لبنان إلى نظام المحاصصة الطائفية والسياسية. وبموجب هذا النظام يتطلب تعيين موظفين من الدرجة الأولى -مثل حاكم المصرف المركزي- توافقا سياسيا يبدو من الصعب توافره في الوقت الراهن على وقع الانقسامات السياسية الحادة.

وثمة غموض يكتنف الدور الذي سيلعبه المصرف المركزي اللبناني بعد سلامة، من حيث التدخل في السوق لوقف أي تراجع إضافي.

وفي ذلك قال الحاكم الجديد المؤقت لمصرف لبنان، وسيم منصوري، في مؤتمر صحفي يوم الاثنين، إن البنك سيفرض قيودا على إقراض الحكومة.

كما ناشد منصوري الحكومة اللبنانية بعمل إصلاحات، واصفا ذلك بأنه “فرصة لبنان الأخيرة من أجل التغيير”.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة Adblock

برجاء دعمنا عن طريق تعطيل إضافة Adblock