رؤى

المركزي يسحب تريليون جنيه من البنوك.. واستلام 14 مليار دولار من “رأس الحكمة”

كبحا للتضخم وتخفيضا لفائض السيولة النقدية لدى البنوك العاملة – سحب البنك المركزي ما يتجاوز التريليون جنيه لأول مرة في التاريخ من البنوك، خلال العطاء الأسبوعي الذي جرى يوم الثلاثاء الماضي، بعائد بلغ  27.75%، وفق النظام الجديد الذي يقضي بقبول كافة الطلبات المقدمة من البنوك، وإنهاء العمل بنظام التخصيص الذي كان معتمدا قبل ذلك.

كان المركزي قد سحب في 23 أبريل المنقضي 460.8 مليار جنيه من فائض السيولة لدى البنوك بعائد 27.75%، في أول عطاء بالنظام الجديد. تبلغ أسعار عائد الإيداع والإقراض في مصر لليلة واحدة وسعر العملية الرئيسية للبنك المركزي 27.25%، 28.25% و27.75%، على الترتيب. كما ارتفع سعر الائتمان والخصم ليصل إلى 27.75%.. كان التضخم قد واصل تراجعه في مدن مصر خلال الشهر الماضي إلى32.5% على أساس سنوي أقل من 1% عن معدله في مارس.. وفق بيانات المركزي للتعبئة العامة والإحصاء.. وما زال المعدل بعيدا جدا عن المستهدف من قبل البنك المركزي الذي حدده بين 5 و9%.

وعلى أساس شهري، تسارع نمو أسعار المستهلكين إلى 1.1% الشهر الماضي من 1% في مارس. ويرجع ارتفاع أرقام التضخم على أساس شهري إلى زيادة أسعار المشروبات الكحولية والدخان 8.6% والملابس والأحذية 5.5%.

كانت الحكومة قد خصصت مارس الماضي حوالي 596 مليار جنيه لمنظومة الدعم، ضمن مشروع الموازنة (2025/2024) في محاولة لتخفيف الأعباء عن متوسطي ومحدودي الدخل، المتأثرين بزيادة معدلات التضخم، وتدهور قيمة الجنيه.

تشمل مخصصات الدعم الحكومي 134 مليار جنيه للسلع التموينية، ونحو150مليار جنيه لدعم المواد البترولية، و40 مليار جنيه لبرنامج “تكافل وكرامة”.

كانت مصر قد تسلّمت الأربعاء الماضي الدفعة الثانية من صفقة رأس الحكمة والمقدرة بقيمة 14 مليار دولار، بالتزامن مع بدء إجراءات التنازل عن قيمة وديعة دولارية إماراتية مقدرة بقيمة 6 مليار دولار، وتحويل قيمتها إلى ما يعادلها بالجنيه المصري.. وفق ما اتفق عليه في اتفاقية الشراكة الاستثمارية لتنمية وتطوير مدينة رأس الحكمة بين البلدين. وسط توقعات بانخفاض عجز الموازنة  ليصل إلى 3.95% هذا العام.

كانت الصفقة المذكورة قد ساهمت في تحسن الوضع الاقتصادي المصري فيما يخص شح العملات الصعبة.. تلك الأزمة التي بدأت عقب خروج نحوٍ من 22 مليار دولار من الأموال الساخنة، عقب اندلاع الحرب الروسية الأوكرانية.. وقد أدى ذلك إلى تجاوز الدولار حاجز الخمسين جنيها في السوق الموازية، بأكثر من عشرين جنيها عن السعر الرسمي.. قبل استجابة الحكومة لشرط صندوق النقد بتحرير سعر الصرف الأخير أو ما يعرف بالتعويم.. ليصل السعر الرسمي إلى خمسين جنيها للدولار الواحد، قبل أن يبدأ في التراجع ليصل اليوم إلى 46.90 جنيها.

وفي بيان صدر الأسبوع الماضي، صرح رئيس الوزراء بأنه يتواصل بشكل مستمر مع محافظ البنك المركزي، مشيرا إلى وجود ارتفاع مضطرد في تحويلات المصريين العاملين بالخارج، وكذلك زيادة كبيرة في التنازل عن الدولار لدى الجهاز المصرفي ومكاتب الصرافة في ظل انحسار السوق الموازية.

وكانت الحكومة المصرية قد عدّلت من توقعاتها لعجز الموازنة الكلي في السنة المالية الجارية 2023-2024 إلى 3.95% من توقعات سابقة عند 7.7%، بعد الحصول على 12 مليار دولار لصالح الخزانة العامة من صفقة رأس الحكمة، نهاية أبريل الماضي.

وفيما اعتبره البعض تأثرا بالظروف الجيوسياسية بالمنطقة – فقدت البورصة المصرية الأحد الماضي نحو 55 مليار جنيه بعد هبوط المؤشر الرئيسي 3.3% ليغلق عند 25155 نقطة بنهاية تداولات اليوم، وسط مبيعات مكثفة من المؤسسات المالية العربية والأجنبية.. لتنخفض القيمة السوقية للبورصة إلى 1.703 تريليون جنيه.

أبرز الانخفاضات كانت من نصيب “القلعة” حيث هوى سهمها 15% و”طلعت مصطفى” 6.3% و”مصر الجديدة للإسكان” 7%، و”حديد عز” 6.4%.

وما زال الوضع الاقتصادي المصري، يحتاج إلى المزيد من الإجراءات، التي تراعي البعد الاجتماعي للفئات الأكثر تضررا، من عمليات الإصلاح الاقتصادي التي تبنتها الدولة، في العقد الأخير.. والتي تزامنت مع العديد من المتغيرات الدولية والإقليمية، التي انعكست سلبا على الأوضاع الاقتصادية في البلاد، وانكوى بنارها غالبية المصريين.

ماهر الشيال

باحث وكاتب ومحرر مصري.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة Adblock

برجاء دعمنا عن طريق تعطيل إضافة Adblock